عمّان تخطط للمزيد من رفع أسعار الوقود الشهر المقبل

الأردن يغامر برفع منسوب الاحتقان الشعبي

يستعد الأردن لزيادة أسعار المحروقات بداية من شهر أغسطس القادم مدفوعا بارتفاع الأسعار العالمية، إلا أن الخطوة لا تخلو من مغامرة، إذ تهدد برفع منسوب الاحتقان الشعبي لدى الأردنيين الذين تآكلت مقدرتهم الشرائية بشكل غير مسبوق.

المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل تراجع قدرته الشرائية

عمّان

قالت مصادر أردنية إن عمّان تتهيأ للمزيد من رفع أسعار الوقود الشهر المقبل لردم الهوة بين الأسعار العالمية والمحلية، في خطوة ترى الحكومة أنه لا مفر منها، بينما يحذر محللون من مغبة المغامرة برفع منسوب الاحتقان الشعبي.

وتوقع الخبير الأردني في الشأن النفطي هاشم عقل ارتفاع سعر البنزين بنسبة 3 في المئة والديزل بـ5 في المئة في أغسطس المقبل.

وأكد عقل أن أسعار خام برنت تراجعت خلال الأيام الماضية بنسبة جيدة ولكن الأسعار بقيت متماسكة فوق المئة دولار وهو السعر السائد على الأغلب حتى نهاية العام الجاري أو انتهاء الحرب الروسية – الأوكرانية.

وكان رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة قد وعد الأردنيين بأن أجمل أيامهم لم تأت بعد، أعقبها بإجراءات زيادة على أسعار المحروقات ومواد أساسية أخرى، الأمر الذي وجد فيه الشارع الأردني فجوة كبيرة بين التصريح والتطبيق.

وعمقت الحرب في أوكرانيا متاعب الحكومة الأردنية التي وجدت نفسها أمام معادلة صعبة للتوفيق بين أسعار المواد الأساسية النفطية والغذائية في السوق المحلية وارتفاع الأسعار في السوق العالمية في ظل أزمة مالية وعجز الموازنة لسنة 2022.

ويجد توصيف كتلة الإصلاح النيابية في الأردن للحكومة الأردنية بالفاشلة دعما من بقية الأطياف السياسية والمجتمعية التي تجمع على أن الأردنيين يعانون من وطأة غلاء أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية ما يفاقم تدهور مقدرتهم الشرائية المتدهورة أصلا.

وأصدرت كتلة الإصلاح النيابية بياناً تعقيباً على حزمة القرارات الحكومية الأخيرة، خاصة المتعلقة بزيادة أسعار المشتقات النفطية، والتي بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة في الأردن، وبما يفوق طاقة الأردنيين، وقدراتهم المالية.

وجاء في بيان الكتلة “إن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية يأتي ليؤكد فشل السياسات الحكومية في تخفيف معاناة المواطن الأردني، ويعزز إخفاقها في إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية التي يعانيها الوطن، ويكتوي بنارها الجميع”.

وأضاف البيان “إن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية جاء ليضيف معاناة فوق المعاناة، وقهرا فوق القهر على المواطن الأردني، ويسهم في رفع معدلات الفقر في الأردن، وهو يمس الأمن المجتمعي، ويهدد الطمأنينة، التي أوجب الدستور على الحكومة كفالتها لكل المواطنين”.

وطالبت كتلة الإصلاح النيابية الحكومة بالتراجع عن قراراتها بزيادة أسعار المشتقات النفطية، وطالبتها بزيادة رواتب الموظفين والعسكريين العاملين والمتقاعدين، وبوضع استراتيجية واضحة لاستثمار أمثل للموارد الطبيعية خاصة في قطاع الطاقة، كما حذرت من تداعيات قراراتها على الوطن، وما تشكله هذه القرارات من تهديد للسلم والأمن المجتمعي.

وفرض غلاء أسعار السلع الاستهلاكية نفسه على الأسواق الأردنية في الأشهر الأخيرة، حيث سجلت زيادات حادة في أسعار سلع رئيسة أرجعها وكلاء إلى الغلاء عالميا.

ورغم أن الحكومة الأردنية أعلنت مؤخرا عن إجراءات للحد من ارتفاع الأسعار والسيطرة على ارتداد الارتفاعات العالمية والمتواصلة التي طالت أسعار السلع الغذائية والأساسية، إلا أن الوكلاء أكدوا أن خفض ضريبة المبيعات على السلع الغذائية والرئيسة هي أهم إجراء يمكن أن يلمس المستهلكون آثاره فعلا.

وتجد الحكومة الأردنية نفسها أمام معادلة صعبة للتوفيق بين ارتفاع الأسعار عالميا ومراعاة القدرة الشرائية لمواطنيها الذين تراجعت مقدرتهم الشرائية بشكل ينذر بتجدد احتجاجات 2018 التي أطاحت برئيس الوزراء السابق عمر الرزاز.

ورصدت الحكومة الأردنية مخصّصات لزيادة شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع قاعدة المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، حيث تم رصد مخصصات زيادة لصندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 في المئة في محاولة للتخفيف من آلام الأردنيين الاقتصادية، إلا أن هذه الخطوات تظل ترقيعية وغير قادرة على بلوغ أهدافها.

وتجنبت الحكومة الأردنية فرض رسوم وضرائب جديدة في موازنة العام 2022، في مقابل ذلك ركزت على محاربة التهرب الضريبي والجمركي، في خطوة تعكس خشية من ردود فعل الشارع المتحفز.

ويقول متابعون إن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل تراجع قدرته الشرائية، وغياب الخطط الحكومية الفعالة لدعمه، فضلا عن قناعته بأن الإجراءات الاجتماعية لدعمه يطغى عليها الطابع الارتجالي ولم تحقق أي نتائج إيجابية، بل على العكس فاقمت من أزماته.

ويعاني الأردن، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.

وتراجع تفاؤل الأردنيين باقتصاد بلادهم، إذ عبّر نحو نصفهم (51 في المئة) عن عدم تفاؤلهم بالوضع الاقتصادي خلال العامين المقبلين، بينما ترى الغالبية العظمى منهم (81 في المئة) أن الأوضاع الاقتصادية تسير في الاتجاه السلبي.

وذكر تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لسنة 2021 أن مليون شخص يعانون من نقص التغذية في الأردن.

وأظهر التقرير أن الأردن يعاني من تحديات جدية في تحقيق أهداف القضاء التام على الجوع، وتحقيق الصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.

ويحذر محللون من تداعيات الأوضاع الاقتصادية التي قد تؤجج التوتر الاجتماعي جراء حالة التدهور الحاصلة والتي لا آفاق قريبة لتجاوزها.

وتفاقمت معدلات الفقر والبطالة أثناء جائحة فايروس كورونا لضعف قدرة السوق على إيجاد الوظائف الجديدة، وفقدان الوظائف وإغلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة الريادية وإفلاسها.