بيلوسي في تايوان رغم "قعقعة السيوف" الصينية

زيارة تشعل التوتر

هونغ كونغ

وصلت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايبيه الثلاثاء بالرغم من تحذيرات مكثفة من الصين، ما قاد إلى تمركز أربع سفن حربية أميركية، بينها حاملة طائرات في المياه شرقي الجزيرة.

ويأتي هذا في وقت تقول فيه تقارير إن السفن والطائرات الحربية الصينية ضغطت على خط الوسط صباح الثلاثاء في خطوة غير معتادة وصفها أحد المصادر بأنها “استفزازية للغاية”.

وأعلنت بيلوسي لدى وصولها إلى تايوان الثلاثاء أن زيارتها تظهر التزام واشنطن القوي حيال الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين جزءا من أراضيها.

وقالت بيلوسي في بيان بعيد وصول طائرتها إن “زيارة وفد الكونغرس إلى تايوان تكرس التزام الولايات المتحدة الثابت بدعم الديمقراطية النابضة في تايوان”.

وأكدت بيلوسي وهي أرفع مسؤول أميركي منتخب يزور تايوان في 25 عاما، أن زيارتها لا تتعارض “بأي شكل” مع السياسات الأميركية التي تعترف بـ”صين واحدة” ولم تعترف رسميا بتايوان كدولة مستقلة.

وقال مسؤول بالبحرية الأميركية لرويترز إن حاملة الطائرات رونالد ريغان عبرت بحر الصين الجنوبي وهي حاليا في بحر الفلبين شرقي تايوان والفلبين وجنوبي اليابان.

وتعمل حاملة الطائرات المتمركزة في اليابان مع سفينة الصواريخ الموجهة أنتيتام والمدمرة هيجينز. وقال المسؤول الذي اشترط عدم نشر اسمه “في حين أنها قادرة على التعامل مع أي احتمال، فهذه عمليات انتشار اعتيادية”. وأضاف أنه لا يمكنه التعليق بشأن مواقع محددة.

وأوضح المسؤول بالبحرية الأميركية أن سفينة الهجوم البرمائي تريبولي أيضا في المنطقة في إطار انتشار بدأ في أوائل مايو من مينائها الأصلي في سان دييغو.

وكانت الولايات المتحدة قد قالت إنها لن تخيفها “قعقعة السيوف” الصينية بشأن التلميحات لاستهداف بيلوسي. ويأتي تأكيد عمليات الانتشار مع ظهور مؤشرات على نشاط عسكري على جانبي مضيق تايوان قبل زيارة بيلوسي.

وقال مصدر مطلع إنه إلى جانب تحليق الطائرات الصينية قرب خط الوسط في الممر المائي ذي الحساسية الشديدة صباح الثلاثاء، ظلت عدة سفن حربية صينية قريبة من الخط غير الرسمي منذ الاثنين.

وأضاف أن المقاتلات الصينية أجرت مرارا مناورات تكتيكية “لامست” خلالها لفترة وجيزة خط الوسط وحلقت عائدة إلى الجانب الآخر من المضيق صباح الثلاثاء، في حين كانت الطائرات التايوانية في حالة تأهب على مقربة.

ولا تعبر طائرات أي من الجانبين عادة خط الوسط. وفي بيان لها قالت وزارة الدفاع التايوانية إنها على دراية تامة بالأنشطة العسكرية قرب تايوان وستنشر القوات على نحو ملائم ردا على “تهديدات العدو”.

وذكرت وكالة الأنباء المركزية الرسمية بالجزيرة نقلا عن مصادر لم تحددها أن الوزارة “عززت” مستوى الاستعداد القتالي صباح الثلاثاء حتى ظهر الخميس.

وفي مدينة شيامن بجنوب شرق الصين، والتي تقع قبالة تايوان وبها وجود عسكري كبير، أبلغ سكان عن مشاهدة تحركات مركبات مدرعة ونشروا صورا لها على الإنترنت.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تضج بالخوف من الصراع المحتمل والحماسة الوطنية بشأن احتمالية الوحدة مع تايوان. ومنذ الأسبوع الماضي، أجرى جيش التحرير الشعبي الصيني تدريبات مختلفة، بما في ذلك تدريبات بالذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي والبحر الأصفر وبحر بوهان.

ويقول بعض المحللين العسكريين الإقليميين إن تعزيز الانتشار في وقت التوتر يزيد من مخاطر وقوع حوادث، حتى لو لم يكن أي طرف يريد صراعا فعليا.

وتقول الصين إن زيارة بيلوسي تتعارض مع مبدأ “الصين الواحدة” الذي تعهدت واشنطن بالالتزام به.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا تشونيينغ خلال إحاطة إعلامية دورية إن “الجانب الأميركي سيتحمّل المسؤولية وسيدفع الثمن في حال المساس بمصالح الصين الأمنية السيادية”.

وتعتبر بكين تايوان جزءا من أراضيها وتعلن أنها تريد أن تستردها بالقوّة إن اقتضى الأمر. ووصلت بيلوسي الثلاثاء إلى ماليزيا، في ثاني محطة من جولتها الآسيوية. وحطّت صباح الثلاثاء في القاعدة الجوية الماليزية قبل أن تجتمع برئيس الوزراء ورئيس الغرفة الدنيا في البرلمان، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الوطنية “برناما”.

وبعد سنغافورة وماليزيا، ستتوقّف بيلوسي في كوريا الجنوبية واليابان. وجاء في بيان صادر عن بيلوسي “خضنا جملة واسعة من المناقشات حول سبل تحقيق أهدافنا المشتركة وضمان الأمن في منطقة المحيطين الهندي والأطلسي”.

وقبل وصولها إلى تايبيه، تداولت عدّة وسائل إعلام تايوانية تعليقات تساي تشي – تشانغ نائب رئيس البرلمان في الجزيرة التي جاء فيها أنه “من المحتمل جدّا” أن تقوم بيلوسي بزيارة في الأيام المقبلة.

وأشارت عدّة مقالات في الصحف الدولية إلى أن الزيارة خُطّط لها بالفعل وتطرّقت “فاينانشال تايمز” إلى لقاء بين بيلوسي ورئيسة تايوان الأربعاء.

ونقلت صحيفة “ليبرتي تايمز” التايوانية عن مصادر لم تكشف عن هويتها أن بيلوسي ستلتقي بالرئيسة تساي إنغ – وين يوم الأربعاء قبل أن تغادر في فترة بعد الظهر.

ولئن بدا البيت الأبيض منزعجا بعض الشيء من الزيارة قبل وصول بيلوسي إلى تايوان، غير أن الناطق باسمه جون كيربي قال الاثنين إن لبيلوسي “الحقّ في زيارة تايوان”، وصرّح بأنه “ما من سبب لتقوم بكين بتأزيم هذه الزيارة التي لا تخلّ بالعقيدة الأميركية العائدة إلى زمن طويل”.

ويعتبر أغلبية المحلّلين خطر نشوب نزاع مسلّح ضئيلا، غير أن مسؤولين أميركيين كشفوا أنهم يتأهّبون لاستعراض قوّة محتمل من الجيش الصيني يقوم مثلا على إطلاق صواريخ في مضيق تايوان أو خروقات جوية واسعة النطاق في محيط الجزيرة. وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية في بيان الثلاثاء أنها “مصممة” على حماية الجزيرة من تهديدات الصين.