حرب غزة كشفت عمق خلافات حماس والجهاد

تظاهرة لمناصري "حماس" في غزة"(أرشيف)
أثارت المواجهات الأخيرة بين إسرائيل وحركة "الجهاد الإسلامي" تكهنات بتوتر متزايد بين الحركة و"حماس" التي تسيطر على "غزة.
ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مصادر فلسطينية قولها إن "الكثير من أنصار "الجهاد الإسلامي" يشعرون بخيبة أمل وخيانة، لأن حماس لم تشارك في القتال"، مضيفين أن كبار مسؤولي الحركتين "لم يتحدثوا مع بعضهم بشكل مباشر خلال أيام القتال الثلاثة، بل كانوا يتواصلون فقط من خلال أطراف خارجية، وخاصة مصر وقطر".
وأضافت أن "حماس" تعرّضت لهجوم من قبل منظمات فلسطينية آخرى لعدم انضمامها إلى حركة الجهاد الإسلامي وغيرها من الجماعات المسلحة في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وأن منتقديها اتهموها بأنها تركت حركة الجهاد وحدها في القتال، ولم ترد الدخول في موادهة عسكرية كبيرة أخرى مع اسرائيل، مخافة أن تفقد السيطرة على قطاع غزة.
توترات متراكمة
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أشارت تقارير في العديد من وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية، إلى تصاعد التوتر بين الحركتين، حيث كانت "حماس" غير راضية عن تحوّل "الجهاد الإسلامي" إلى قوة مهيمنة ومستقلة داخل غزة.
كما بلغت التوترات ذروتها العام الماضي، بعد أن كشفت مصادر أن أعضاء في "كتائب عز الدين القسام" التابعة لحركة "حماس" اعتقلوا عناصر من حركة "الجهاد الإسلامي" كانوا يخططون لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.
وقالت المصادر إن "حماس" قلقة أيضاً من تنامي التعاون بين حركة "الجهاد الإسلامي" والفصائل المسلّحة الأخرى داخل غزة، بما في ذلك تلك المرتبطة بحركة "فتح"، و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".
وأضافت المصادر أن قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، عقدوا سلسلة اجتماعات خلال الأشهر القليلة الماضية في غزة ولبنان، في إطار محاولة لتخفيف التوتر وإعادة التعاون العسكري والمدني بين الجانبين.
"حماس" أبرز المنتصرين
لكن بعد الحرب الأخيرة، تدعي الجماعتان أن أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل من وراء عملية "الفجر الصادق" كان مواجهتهما، وأن الحديث في إسرائيل عن قرار "حماس" بالحياد أثناء القتال يهدف إلى "زرع الفتنة والانقسام" بين الفلسطينيين.
وذكرت الصحيفة أنه تماشياً مع هذا الادعاء، يتفاخر قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الآن بأنهم تمكنوا بالفعل من إحباط المؤامرة الإسرائيلية المزعومة لإثارة الفتنة بين الفلسطينيين.
وأكدت الصحيفة أنه رغم ذلك، يعتبر الفلسطينيون في غزة أن "حماس" برزت كأحد المنتصرين في المواجهة بين إسرائيل و"الجهاد الإسلامي"، حيث نجحت في تقديم نفسها كوسيط و"راشد مسؤول".
جني الثمار
وأوضحت أن "حماس" على عكس حركة "الجهاد الإسلامي"، لم تتكبد أي خسائر مدنية أو عسكرية، حيث لم تستهدفها إسرائيل أثناء القتال؛ كما نجحت مرة أخرى في إعادة تأكيد دورها كلاعب رئيسي في كافة الأمور المتعلّقة بغزة، إذ تعامل الوسطاء المصريون والقطريون والأمم المتحدة مع قادة "حماس" وكأنهم الحكام الشرعيون والوحيدون لقطاع غزة، وبابتعادها عن القتال، تصرّفت حماس كـ "الشخص المسؤول" الذي يضع مصالح شعبها فوق الاعتبارات الأخرى.
وأضافت أن قدرة "الجهاد الإسلامي" على تشكيل تهديد حقيقي لحكم "حماس" في قطاع غزة تعرّضت لانتكاسة في ظل تصفية عدد من كبار قادتها، والضرر الهائل الذي لحق بترسانة أسلحتها، وبالتالي، يمكن لـ"حماس" الآن أن تنسب لنفسها الفضل في إنقاذ "الجهاد الإسلامي" من التدمير الكامل من قبل إسرائيل.
وختمت الصحيفة أن حماس تأمل الآن بجني ثمار دورها الجديد كـ "الراشد المسؤول"، من خلال رميها للكرة في الملعب الإسرائيلي، وعلى الرغم من أن تل أبيب لن تعترف بحماس، لكن أحداث الأيام القليلة الماضية أظهرت مرة أخرى أن رغبة الحركة بالبقاء في السلطة تظل أولويتها الأولى.