غايات سياسية وراء اهتمام قطر بتطوير العلاقات الرياضية مع مصر

رعاية مادية سخية قطرية للأهلي المصري

القاهرة

تبدي قطر حاليا اهتماما بالرياضة المصرية، وجاء التركيز على هذا المجال بعد أن شهدت العلاقات الاقتصادية تناميا كبيرا في الفترة الماضية، ما يعني تجاوز البطء الواضح في المجال السياسي منذ التوافق حول إنهاء القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.

وتؤكد بعض التحركات التي قامت بها الدوحة خلال الأيام الماضية أن الحقل الرياضي قد يتحول إلى قناة جديدة أو أداة لتطوير العلاقات مع القاهرة، ومحاولة الاقتراب من الشعبية الجارفة التي تمثلها الرياضة في مصر والسعي للاستفادة منها سياسيا.

وقدمت قبل أيام خطوط الطيران القطرية عرضا لشراء حق الإعلان على قميص فريق الأهلي المصري لكرة القدم مقابل رعاية مادية سخية للنادي، والتي لم يكشف عن أرقامها بعد، مع توفير تسهيلات للفريق في التنقل على الخطوط القطرية.

وحسب المعلومات المتوافرة من داخل إدارة الأهلي لم يعلن مجلس إدارة النادي صاحب الشعبية الأولى في مصر موقفه من العرض القطري بالقبول أو الرفض، في وقت تزايدت فيه التكهنات في الأوساط الرياضية حول ملف الرعاية وأهدافه.

وأسند الأهلي مهمة التفاوض مع الجانب القطري إلى الشركة المتحدة للرياضة، وهي إحدى شركات مجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية التابعة لجهاز المخابرات في مصر.

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن العرض يخضع لتقييم سياسي وآخر أمني دقيقين، لأن أبعاده الخفية يمكن أن تفوق المجال الرياضي، ولا يجب أن يكون حجم الأموال التي تدفعها شركة الطيران القطرية متحكّما في قبول العرض الذي لا يخلو من مآرب أخرى غير معلنة، حيث تتقاطع الرياضة في نواح عديدة مع قضايا الأمن والسياسة في مصر عندما يكون النادي صاحب شعبية واسعة مثل الأهلي.

وأضافت المصادر نفسها أن العرض الرياضي جاء الآن كمحاولة لكسر جمود الحلقة الضيقة التي جعلت العلاقات السياسية بين البلدين محدودة ومتوقفة عند سقف معين لم تتجاوزه منذ أشهر، ولن ينقذها سوى المزيد من ضخ الدماء في عروق الاقتصاد المصري المتأزم عبر الاستثمار المباشر، والحصول على حقوق رعاية لمؤسسات قطرية رسمية، إلى حين تنفك العقد التي تكبل التطور على المستوى السياسي.

وترعى خطوط الطيران القطرية أندية شهيرة في العالم، أبرزها باريس سان جيرمان الفرنسي، وبايرن ميونخ الألماني، وروما الإيطالي، وبوكا جونيورز الأرجنتيني، وهو اتجاه تلجأ إليه الشركات الكبرى كنوع من الدعاية لها في مختلف مناطق العالم.

ويبدو أن الدوحة عازمة على تحريك المياه مع القاهرة في اتجاهات مختلفة، وتريد الاستعاضة عن الجمود السياسي بأدوات أخرى لتغيير الصورة الذهنية السلبية التي رافقتها خلال السنوات الماضية في خضم تراشقات إعلامية حادة.

وأعربت شبكة “بي إن سبورتس” الإعلامية في بيان لها قبل أيام عن ترحيبها بإغلاق تسعة مواقع قرصنة جديدة في مصر، من بين الآلاف من عمليات القرصنة، واعتقال اثنين من مشغلي المواقع بدعم من وزارة الداخلية المصرية، وهي من المرات القليلة التي تتجاوب فيها أجهزة الأمن لمكافحة القرصنة ضد الشبكة القطرية.

وكانت أجهزة مكافحة القرصنة في مصر لا تنشغل كثيرا باستهداف “بي إن سبورتس” التي تستحوذ على حق رعاية الدوريات الأوروبية الكبرى وعدة بطولات قارية ودولية، مقابل مبالغ مالية باهظة بالنسبة إلى عموم دخل المواطنين في مصر.

ووجدت الشركة القطرية في التعاون المصري رسالة إيجابية في مجال مكافحة القرصنة وبادرة جيدة يمكن البناء عليها، لحلحلة القيود المفروضة على شبكة الجزيرة ورفض إعادة فتح مكتبها في القاهرة، على الرغم من ظهور إشارات مصرية دعت إلى التفاؤل عقب عودة العلاقات الدبلوماسية التي أوحت بإمكانية مزاولة الجزيرة لعملها في مصر.

ولا تزال شبكة الجزيرة والمواقع التابعة لها الناطقة بالعربية والإنجليزية تمارس هوايتها في توجيه انتقادات قاسية إلى النظام المصري، وعدم التوقف عن استضافة معارضين له، وهو ما يوحي بتعثر العلاقات وعدم وصولها إلى مرحلة التطبيع الشامل.

ودعت قطر فريق الزمالك لكرة القدم، صاحب الشعبية الثانية في مصر، إلى خوض مباراة في التاسع من سبتمبر المقبل في الدوحة لافتتاح ملعب “لوسيل” الذي يتسع لـ86 ألف متفرج، ويستضيف افتتاح وختام منافسات كأس العالم المقبلة في قطر.

ويخوض الزمالك المصري المباراة أمام فريق الهلال السعودي، بصفتهما بطليْ نسخة الدوري العام في بلديهما، ما يعزز النفوذ القطري في مجال كرة القدم، وهو ما يُضاف إلى الدور الحيوي الذي تلعبه قنوات “بي إن سبورتس” التي تحتكر نقل المباريات الكبرى.