جلسة جديدة لانتخاب رئيس للبنان

الجلسة الأولى باءت بفشل ذريع

بيروت

حدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري موعدا لجلسة جديدة للبرلمان لانتخاب رئيس للدولة في الثالث عشر من أكتوبر الجاري، قبل أسابيع قليلة على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون التي استمرت ست سنوات، رغم توقعات بألا تثمر الجلسة تحقيق نتيجة.

وفي أول جلسة في هذا المسعى الأسبوع الماضي، فشل المشرعون في انتخاب رئيس، بعد أن وضعت الأغلبية أوراق الاقتراع بيضاء في الصناديق.

وعبّر سياسيون عن قلقهم بشأن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن خليفة لعون، محذرين من مأزق مؤسسي أكبر وسط أزمة مالية عميقة. ولبنان بلا حكومة تضطلع بكامل مهامها منذ مايو.

وجاء في بيان لمكتب بري أن الجلسة ستعقد في الساعة الحادية عشرة صباح الثالث عشر من أكتوبر.

ولكي ينجح مرشح، يتعين حصوله على أصوات 65 نائبا بعد الجولة الأولى من التصويت. وخلا منصب الرئاسة في لبنان عدة مرات منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وتحسبا لحدوث فراغ جديد، كثف السياسيون جهودهم للاتفاق على حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، بحيث يمكن أن تنتقل إليها السلطات الرئاسية. ويشغل ميقاتي حاليا منصب رئيس الوزراء بصفة قائم بالأعمال.

ويؤكد متابعون أن انتخاب الرئيس اللبناني القادم سيكون بيد حزب الله، إذ إن استطلاعات الرأي والتوقعات تشير إلى أنه لن يحصل أي تغيير جذري في المعادلة السياسية.

وبناء على ذلك، سيكون حزب الله الفيصل في انتخاب الرئيس بناء على خارطة التحالفات التي تخدم مصالحه وأجنداته الداخلية والخارجية.

ويملك حزب الله وحلفاؤه عامل قوّة من خلال رئاسة الجمهورية المحسوبة عليه، وهو غير مستعدّ لخسارة هذا المكسب، لاسيما في ظلّ تأزّم العلاقة مع العديد من المكوّنات المسيحية نتيجة التحريض عليه سياسيا وإعلاميا، لذلك هو غير مستعد للتنازل عن هذا المكسب لأي طرف آخر بهدف إبقاء الخطوط مفتوحة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.

وتتردد داخل أروقة حزب الله أسماء مرشحين لم يفصل الحزب بعد في تزكية أي منهما، وهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل (صهر عون).

ولا يفاضل حزب الله بين فرنجية وباسيل علنا، إلا أن مصادر مقربة من الحزب قالت في وقت سابق إن حزب الله ليس مرتاحا تماما لباسيل المتذبذب في مواقفه، والذي هاجم الحزب مرارا وتكرارا خدمة لتياره الذي فقد شعبيته في بيئته المسيحية لصالح حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.

وأعطى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأسبوع الماضي إشارات غير مباشرة للمرشح الرئاسي الذي يسعى للوصول إلى قصر بعبدا، بعد فشل البرلمان في جلسته الأولى في انتخاب رئيس جديد.

وقال نصرالله “حاليا لا يوجد فريق أو تحالف سياسي يمتلك الأكثرية في لبنان، ومن يريد انتخاب رئيس للبلاد يجب أن يبتعد عن منطق التحدي”.

وقالت أوساط سياسية لبنانية إن تصريحات نصرالله شكلت بصفة غير مباشرة مواصفات الحزب للمرشح الرئاسي الذي سيحظى بدعمه وبدعم حركة أمل الشيعية، وبالتالي الوصول إلى قصر بعبدا.

وأضافت الأوساط أن أهم مواصفات حزب الله تتمثل في عدم استعداء المرشح الرئاسي لسلاح الحزب، وبالتالي عدم عرضه للنقاش بعد وصوله إلى قصر بعبدا، في وقت احتدمت فيه المطالب السياسية بشأن ضرورة حصر سلاح الحزب في يد الدولة.

وأشارت الأوساط إلى أن المرشح سليمان فرنجية الأكثر استعدادا من بين بقية المرشحين المسيحيين لتلبية شروط نصرالله، التي يعتبر سلاح حزبه أهم الشروط إلى جانب تماهي تصورات الرئيس القادم مع أجنداته السياسية بصفة لا تمس من مصالحه الإستراتيجية على الأقل.

ووقف فرنجية في منطقة رمادية عندما تعلق الشأن بتحييد سلاح حزب الله، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية مغازلة مضمونة الوصول لحزب الله مفادها أن سلاحه لن يكون محل نقاش فيما لو أصبح رئيسا للجمهورية. وقال فرنجية “موضوع سلاح حزب الله موضوع إقليمي، والمزايدات توصل إلى التشنّجات”، مؤكدا أن “موقف المقاومة هو موقف قوّة للبنان”.

ويقول محللون إن طرح حزب الله لفرنجية كرئيس للجمهورية يشكل طمأنينة إلى أفرقاء عدّة مثل الحزب التقدّمي الاشتراكي وتيار المستقبل الذي تجمعه برئيسه علاقة ممتازة، وحركة أمل والمستقلين المسيحيين، لما يحتفظ به فرنجية من علاقات جيّدة مع الدول العربية والغربية، لاسيما روسيا وفرنسا، وهذا ما تجلى في ترشيحه من قبلها جميعا عام 2016، ما سيسهل تمرير اسمه كمرشح جدي للرئاسة.

ويشير هؤلاء إلى أن أيّ اسم آخر يُطرح يمكن أن يشكّل حالة تصادميّة، لكن بوجود إجماع محلي وعربي ودولي فإنّه من السهولة لفرنجية أن يصل بأكثرية نيابية مقبولة، لاسيما بعد “بروفة” المجلس النيابي وإمكانياته المتاحة للتعامل جيدا مع المكوّن المسيحي في البلد.