ندوة أوروبية تسلط الضوء على انتهاكات بوليساريو وزعيمها

حقوق النساء لا تهم النساء فقط
وجه برلمانيون بالبرلمان الأوروبي الدعوة للناشطة الصحراوية خديجتو محمود من أجل تقديم شهادتها بشأن تعرضها للاغتصاب على يد زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي، وهي الجريمة التي وقعت في الجزائر سنة 2010 حين كان عمرها لا يتعدى 18 سنة.
وأكدت خديجتو محمود على أن معركة النضال من أجل حماية حقوق النساء لا تهم النساء فقط بل تهم الجميع، وهي المعركة التي لم تكن سهلة حيث حاولت لوبيات بوليساريو داخل البرلمان الأوروبي الضغط من أجل تفادي الكشف عن فضيحة غالي داخل البرلمان الأوروبي.
وسلطت الندوة الأوروبية بشأن “العنف الجنسي والاغتصاب باعتباره إساءة استخدام للسلطة”، الضوء على ما قامت به بوليساريو من فضائع ضد النساء ومنهن خديجتو محمود، بمشاركة كاتارزينا كوزلوسكا الناشطة الاجتماعية ورئيسة مؤسسة ساي ستوب، والدكتور برانكا أنتيك ستوبر المتعاون مع المنظمات التي تدعم ضحايا العنف الجنسي في البوسنة، ونائبة رئيس لجنة حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين رادكا ماكسوف.
وفي حديث خديجتو محمود أمام الممثلين الدائمين لدى الاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية أكدت أن “هناك سجنا للنساء مليئا بضحايا الاغتصاب، فالنساء اللواتي يجرؤن على التنديد بعمليات الاغتصاب التي تعرضن لها من قبل مسؤولي بوليساريو يتم إرسالهن تلقائيا إلى السجن”. وكشفت خديجتو محمود أن إحدى بنات عمومتها توفيت في هذا السجن، لكنها قبل وفاتها تركت مقطع فيديو يوثق كل ما عانته في هذا السجن، وأضافت الضحية، أن الأطفال الذين يولدون في هذا السجن، غالبا نتيجة الاغتصاب، يختفون دون أن يظهر لهم أيّ أثر.
ويعتقد محمد سالم عبدالفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن حالة خديجتو محمود ليست سوى نتيجة طبيعية لاستمرار ظاهرة الإفلات من العقاب وحماية الجلادين المتورطين في جرائم القتل خارج القانون والاختطاف والتعذيب طوال عقود من الزمن في مخيمات تندوف بجنوب غرب الجزائر، حيث يتم توفير الحصانة لهم من خلال المواقع القيادية التي يتبوّؤونها، ومن خلال تمتعهم بجوازات السفر الدبلوماسية التي توفرها لهم الجزائر.
وأشار إلى أن حالة خديجتو محمود ليست سوى مثال من ضمن عديد حالات الاعتداءات الأخرى التي تطال النساء على وجه الخصوص، والتي تحوّل طبيعة المجتمع المحلي المحافظة، دون الكشف عنها أو فضح المتورطين فيها.
ولفت محمد سالم في تصريح لـ”العرب” أن بين الضحايا حالة الطفلة صفية منت الحسان ولد احميدا، التي اختطفتها بوليساريو من منطقة الزاك بالأقاليم الجنوبية هي ووالدها، قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، حيث تم اغتصابها من قبل قيادات عسكرية قبل تصفيتها هي ووالدها، وكذلك حالة عائلة الصباغ التي من ضمنها زوجة وأطفال صغار، تم قتلهم بدم بارد في سجن الرشيد بعد أن اعترضت الزوجة على تصفية زوجها الذي وجهت له تهم بالعمالة والتجسس.
وفي تدخلها أكدت المحامية في القضايا الجنائية صوفي ميشيز أن الوضعية الملتبسة من الناحية القانونية والاجتماعية والإنسانية السائدة في مخيمات تندوف توفر غطاء لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق النساء من قبل قادة بوليساريو. فالنساء يتعرضن للاحتجاز والاغتصاب والتعنيف، مشيرة أنه “سنة 2019، أتيحت لي الفرصة للتنديد، أمام الأمم المتحدة، باختلاس المساعدات المالية داخل هذه المخيمات”.
وتابعت الخبيرة القانونية البلجيكية “نواجه مأزقا مزدوجا، أولا لأن هذه المخيمات لا يحكمها أيّ إطار قانوني وهي مناطق خارجة عن القانون، لأن البلد المضيف فوض مسؤوليته القانونية إلى كيان وهمي، ولكن أيضا لأن النساء المحتجزات والمعنفات، اللائي يعشن في ظروف غير إنسانية، ما زلن خارج المراقبة الدولية بسبب منع الجزائر للمدافعين عن حقوق الإنسان من الوصول إلى هذه المخيمات”.
وبحسب عبدالفتاح فإن ما يعزز الإفلات من العقاب هو تملص الجزائر من المسؤوليات والالتزامات الملقاة على عاتقها، باعتبارها البلد الحاضن لتلك المخيمات؛ إذ تصر على تفويض سلطاتها إلى بوليساريو خارج القانون، مضيفا أنه لا يمكن توفير الحماية لقاطني مخيمات تندوف دون ضمان سبل التقاضي لدى المحاكم والمؤسسات القضائية والحقوقية الجزائرية.