العودة القسرية كابوس يلاحق اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا

سياسة الإكراه تطبق على اللاجئين السوريين

دمشق

أبدى عدد قليل من اللاجئين السوريين المنتشرين في مخيمات متهالكة في سهل البقاع وسط لبنان استعدادا للتسجيل من أجل العودة إلى ديارهم.

ومن المفترض أن تنطلق السلطات اللبنانية بالتعاون مع نظيراتها السورية الأربعاء المقبل في تنفيذ خطة للعودة الطوعية للآلاف من اللاجئين.

وتخشى منظمات حقوقية من احتمال ألا يكون البرنامج طوعيا كما يقال، في وقت تتزايد فيه المخاوف من سياسة إكراه يقولون إنها مطبقة بالفعل في تركيا التي يعيش فيها 3.6 مليون سوري فروا من بلادهم.

وقالت السورية منال (29 عاما) التي تعيش حياة صعبة في مخيم سهل البقاع “كيف بدنا نروح وفيه حرب؟”.

وكثف البلدان المضيفان هذا العام ضغوطهما على اللاجئين للمغادرة. وفي لبنان، الذي يستضيف مئات الآلاف من السوريين، قال الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري إن جهاز الأمن العام في البلاد سيسهل العودة الطوعية، استئنافا لدوره الذي يقوم به منذ عام 2018 في إعادة نحو 400 ألف فروا من العنف في أعقاب احتجاجات 2011 ضد الرئيس السوري بشار الأسد.

وبحث الجهاز مع السلطات في دمشق ما إذا كان هؤلاء الأفراد صدرت بحقهم أي أوامر اعتقال، قبل أن يوفر لهم النقل عبر الحدود.

ولم تؤيد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذه العملية، لكن ممثليها كانوا متاحين لتلقي تساؤلات اللاجئين، ويحتمل أن يؤدوا الدور نفسه هذه المرة.

وقالت منظمة العفو الدولية إنها فهمت أن عمليات الإعادة الوشيكة ستتم من خلال الآلية نفسها.

وأوضحت ديانا سمعان الباحثة في الشؤون السورية في المنظمة الحقوقية العالمية إن “سوريا ليست آمنة للعودة”.

وخلصت المنظمة إلى أن من عادوا قبل ذلك تعرضوا لانتهاكات حقوقية من بينها الاحتجاز والتعذيب والاغتصاب والاختفاء القسري.

ولفتت سمعان إلى أنه ليس من المرجح أن يكون لدى اللاجئين الذين يبدون رغبتهم في العودة معلومات دقيقة عن الأمن وتوافر الخدمات في بلداتهم. فمسقط رأس منال، في محافظة دير الزور بأقصى شرق سوريا، مقسم إلى مناطق بين الفصائل المتحاربة، مثله مثل معظم أنحاء البلاد.

ويشن متشددون إسلاميون هجمات كر وفر هناك، بينما يسيطر الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة على بعض المناطق وتسيطر الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة على مناطق أخرى.

وفقدت منال ولديها في غارة جوية هناك منذ عدة سنوات. وفرت إلى لبنان مع ابنتيها، وتكسب ما يزيد قليلا عن دولارين في اليوم من حرفة فرز الحطب لبيعه للمواقد.

وقالت اللاجئة السورية “أفضل أنو نعيش بالذل من إنو أخسر ناس أكثر بحياتي. أنا مش مستعدة أخسر بناتي في الحرب”.

في غضون ذلك، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات في تركيا الاثنين بالاحتجاز التعسفي للمئات من اللاجئين السوريين وترحيلهم هذا العام، في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية المتمثل في عدم إجبار طالبي اللجوء على العودة إلى بلد قد يتعرضون فيه للاضطهاد.

وقالت المنظمة إن السلطات التركية اعتقلت سوريين في الشوارع والمنازل وأماكن العمل ثم ضربتهم وأرغمتهم على توقيع وثائق تفيد برغبتهم في العودة طواعية وأجبرتهم على الدخول إلى سوريا تحت تهديد السلاح.

وكان بعضهم من مناطق تسيطر عليها الحكومة لكن تم الدفع بهم إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة حيث اندلعت اشتباكات هذا الشهر.

وقال سافاش أونلو مدير الهيئة التركية المعنية بشؤون الهجرة لهيومن رايتس ووتش إن مزاعمهم “لا أساس لها” وإن تركيا تمتثل لقانون الهجرة الدولي.

ولفتت نادية هاردمان الباحثة لدى هيومن رايتس ووتش إلى أن اللاجئين السوريين في تركيا صاروا الآن “مرعوبين من الخروج. الرجال على وجه الخصوص يقولون إن الخوف من المرور على نقاط التفتيش يذكرهم بسوريا”.

واحتجزت السلطات مهند، وهو سوري يبلغ من العمر 30 عاما يعيش في تركيا، لعدة أيام بعد الإمساك به في محافظة غير تلك التي سجل فيها للحصول على وضع الحماية.

وبعد التهديد بترحيله إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، حيث أنه من المطلوبين هناك، ألقت به السلطات مع عشرات من السوريين الآخرين في ساحة لتخزين الخردة على مسافة تبعد ساعات عن منازلهم.

ويتجنب مهند الآن ركوب المواصلات العامة لتفادي احتجازه مرة أخرى. وقال لوكالة رويترز “إذا مش بالشبغ (العمل) عم أقعد بالبيت، وهذا الشي أكيد عم يأثر على نفسيتي”.

وأضاف “ما بقدر أرجع على سوريا بس كمان ما بقدر أبقى هون”.