تعديلات واسعة في الجيش الموريتاني بعد تلميح الرئيس السابق إلى اختراقات

فرضية غير مستبعدة

نواكشوط

طرحت التغييرات الواسعة التي أجرتها قيادة أركان الجيش الموريتاني مؤخرا تساؤلات حول ما إذا كان للأمر علاقة بالتلميحات التي وجهها الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز قبل أيام عن اختراق في المؤسسة العسكرية، وتحذيره من حدوث “انقلاب”.

وشملت التغييرات أسماء جديدة، وتحويلات في صفوف كبار الضباط من بينها تعيين العقيد الحسن بمب مكت قائدا لفرقة الاستخبارات والأمن العسكري، واللواء محمد فال ولد الرايس مديرا للمديرية المركزية للعتاد، واللواء صيدو صمبا قائدا لفرقة الدعم.

كما تضمنت التغييرات تعيين العقيد محمد الشيخ محمد الهيبة القادم من قيادة المنطقة العسكرية السابعة بألاك في منصب مدير لمديرية الاتصال والعلاقات العامة، والعقيد سيدي سيد أحمد لفريك القادم من قيادة فرقة مركز حفظ السلام والتدريب بكتيبة القيادة والخدمات سابقا في منصب قائد لفرقة التعاون العسكري.

وتجري القيادة العسكرية في موريتانيا تعديلات بشكل دوري، لكن تزامن التغييرات الجديدة مع الجدل الذي أثارته تصريحات الرئيس السابق أكسبها دلالات أخرى.

وتقول أوساط سياسية موريتانية إنه على الرغم من حالة الاستقرار التي تنعم بها موريتانيا في السنوات الأخيرة، إلا أن ذلك لا يمنع وجود هواجس من إقدام بعض الضباط على مغامرة غير محسوبة، خصوصا وأن تاريخ البلد المغاربي مليء بالانقلابات.

وتلفت هذه الأوساط إلى أن المناخ المحيط بموريتانيا يجعل من هذه الفرضية موجودة على ضعفها، مشيرة إلى الانقلابات التي حدثت في عدد من دول الساحل بينها مالي.

ولم يستبعد ولد عبدالعزيز في لقاء مع مجلة “جون أفريك” الفرنسية “أن يكون في الجيش الموريتاني ضباط انقلابيون من أمثال عاصيمي غويتا، أو مامادي دومبويا، أو إبراهيم تراوري”، وهم ثلاثة عسكريين نفذوا انقلابات على رؤساء منتخبين في مالي وغينيا كوناكري وبوركينا فاسو.

وقال ولد عبدالعزيز الذي كان له تاريخ طويل مع الانقلابات، في رد على سؤال عن إمكانية وجود مثل هؤلاء العسكريين الانقلابيين الثلاثة في الجيش الموريتاني “يمكننا أن نتوقع كل شيء”.

ووصل ولد عبدالعزيز إلى السلطة في موريتانيا بانقلاب عسكري أبيض في عام 2008 على الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، ثم تخلى عن السلطة بعد الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية تمكن من الفوز بها عام 2009، وأعيد انتخابه في ولاية ثانية عام 2014، وحاول مراراً تغيير الدستور للسماح له بالترشح من جديد، لكن المعارضة تصدت له.

ودعم ولد عبدالعزيز في انتخابات 2019 وزير دفاعه ورئيس الأركان آنذاك محمد ولد الغزواني للترشح للانتخابات الرئاسية، بهدف أن يعود للترشح في الانتخابات الموالية 2024.

لكن العلاقة سرعان ما ساءت بين الطرفين، ووجد ولد عبدالعزيز نفسه ملاحقا في قضايا فساد، وتبديد لثروات البلاد، ليغادر في وقت سابق من العام الحالي إلى فرنسا، بعد أكثر من عامين من المتابعات القضائية.

ويتردد أن السماح لولد عبدالعزيز بالمغادرة جاء نتيجة صفقة سياسية تقوم على تخليه عن أي طموحات للعودة مجددا إلى المشهد، لكنه دحض هذه الأنباء.

وتمسك ولد عبدالعزيز ببراءته من التهم المنسوبة إليه، مشيرا إلى أنه “مستهدف”.وفي تهديد مبطن للرئيس ولد الغزواني، قال ولد عبدالعزيز “هناك أشياء كثيرة لا يمكنني قولها، لكن إذا اضطررت لذلك فسأتكلم عنها”.

وقال الرئيس السابق إنه سيشارك في الانتخابات المحلية والتشريعية المقررة في فبراير 2023، سواء من خلال حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال أو من خارجه، مضيفا أنه “سيدعم أي شخص يريد تغييرا إيجابيا في البلد”.