ضعف المشاركة العربية هدية لنتنياهو وحلفائه المتشددين

الناخبون العرب مفتاح كسر الجمود في الانتخابات الإسرائيلية

يمكن أن ترجح المشاركة الكبيرة للناخبين العرب في الانتخابات كفة معارضي نتنياهو، في حين أن التراجع قد يمهد الطريق لعودته، بينما يعتقد مراقبون أن الناخب بات غير مبال بالتصويت مع تدهور أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية.

العرب خاب أملهم من انتخابات سابقة

القدس

باتت أصوات الناخبين العرب في إسرائيل مهمة بشكل ما في الانتخابات البرلمانية المقبلة مع اشتداد الصراع بين مختلف القوى السياسية.

وغالبا ما تندثر أصوات المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أو تُنزع الشرعية عنها في السياسات الصاخبة في البلاد. لكن يمكن أن يكون لديهم مفتاح كسر الجمود السياسي الراسخ في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

ويصوت الإسرائيليون يوم الثلاثاء للمرة الخامسة في أقل من أربع سنوات. بينما لا تزال البلاد منقسمة حول مدى ملاءمة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو للخدمة أثناء محاكمته بتهمة الفساد. وتظهر استطلاعات الرأي أن هذه النسب لم تتحرك. لكن ما يمكن أن يقلب الموازين هو تصويت خُمس الإسرائيليين المنحدرين من أصل فلسطيني، الذين تربطهم علاقات عائلية مع فلسطينيي الأراضي المجاورة التي احتلتها إسرائيل في 1967.

وسيكون الإقبال بين هؤلاء الناخبين أساسيا، حيث يمكن أن ترجح الأعداد الكبيرة الانتخابات لصالح معارضي نتنياهو، في حين أن التراجع قد يمهد الطريق لعودته.

وقال أريك رودنيتزكي، الذي يدرس أنماط التصويت العربية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهي مؤسسة فكرية “أتذكر بالكاد حملة انتخابية واحدة اعتمدت كليا على تصويت المواطنين العرب”.

وتتوقع معظم استطلاعات الرأي انخفاضا تاريخيا في نسبة الاقتراع بين الناخبين العرب، على الرغم من أن الحكومة الائتلافية المنتهية ولايتها تضمنت حزبا عربيا، لتكون الأولى من نوعها في تاريخ إسرائيل.

ولم تولد هذه المشاركة لأول مرة في الحكومة الكثير من الإثارة بين الناخبين الذين خاب أملهم بفعل تفشي الجريمة وارتفاع تكاليف المعيشة وفقدان الأمل في التغيير من داخل نظام سياسي بطيء الحركة.

وقد يكون هذا نعمة لنتنياهو، الذي لعب في مسيرته السياسية الطويلة على التوترات العرقية لحشد الدعم لحزبه القومي الليكود، وسعى للحصول على دعم من نفس الناخبين العرب الذين سخر منهم لتعزيز فرص حزبه.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المتوقع أن تفوز الأحزاب العربية بثمانية مقاعد في البرلمان المؤلف من 120 عضوا، فيما يشكل انخفاضا من 15 في 2020. ويتوقع بعض منظمي الاستطلاعات أقل من ذلك. وإذا كانت استطلاعات الرأي صحيحة، فقد يكون نتنياهو مسؤولا عن حكومة متشددة تضم متطرفين يصفون المشرعين العرب بـ”الإرهابيين” ويريدون ترحيلهم.

ويبذل المشرعون العرب جهودا في اللحظة الأخيرة لحشد مؤيديهم في استشعار منهم بضرورة الاستعجال، وتدعو لافتات حول المناطق العربية السكان إلى التصويت.

وقال سامي أبوشحادة رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي إن “الناس فقدوا الأمل. نقول لهم إن التصويت لحزب التجمع الآن، ليس تصويتا آخر”. وذكر أن هذا “يمكن أن يغير الخريطة السياسية بأكملها”.

ويرى مراقبون أن الحساب يحول الأصوات إلى مقاعد برلمانية، ويمكن أن يؤدي انخفاض نسبة المشاركة العربية إلى إعاقة فرص الائتلاف الحالي في العودة إلى السلطة، أو منح معسكر نتنياهو المزيد من المقاعد.

وقال محمد مجادلة، المحلل السياسي في راديو “ناس” باللغة العربية والقناة 12 الإسرائيلية إن “الشيء الوحيد الغامض في هذه القصة كلها هو العرب، وبالتالي هم الشيء الوحيد الذي يمكن هذه المرة أن يقرر الانتخابات، في الجيد والسيء”. وإذا لم يندمج الائتلاف، يمكن لإسرائيل أن تتجه نحو التصويت السادس.

وكافح نتنياهو منذ اندلاع الأزمة السياسية في 2019، لتشكيل حكومة قابلة للحياة. وتتطلب سياسات إسرائيل المجزأة بناء ائتلافات للحكم، ورفض الحلفاء السابقون الجلوس تحت قيادته طالما أنه يواجه تهم الفساد.

ويرى مراقبون أنه، تاريخيا، كانت الأحزاب العربية إما منبوذة من الحكومات الإسرائيلية أو رافضة للانضمام إليها. لكن هذا التقليد تحطم في العام الماضي عندما انضم حزب إسلامي عربي صغير إلى الائتلاف الذي شكله رئيس الوزراء يائير لابيد، مما دفع نتنياهو إلى مغادرة السلطة بعد أن قضّى 12 عاما في المنصب. وانهارت الحكومة، وهي خليط من الأحزاب التي ليس لديها الكثير من القواسم المشتركة، في نهاية المطاف بعد سنة واحدة بسبب الصراعات الداخلية.

ويرشح الحزب العربي القائمة العربية الموحدة لأربعة مقاعد. ومن المقرر أيضا أن تحصل قائمة عربية منفصلة على أربعة مقاعد. وقد لا يتجاوز الطرف الثالث التجمع العتبة الانتخابية لدخول البرلمان. ويعارض حزب التجمع الانضمام إلى ائتلاف.

ولا يرى زعيم التجمع أبوشحادة خلافات سياسية بين نتنياهو وخصومه يمكن أن تفيد ناخبيه. وكان قد خرج مؤخرا إلى مدينة أم الفحم العربية في محاولة لإقناع الناس بالتصويت من أجل التمثيل العربي في البرلمان.

وجلس أبوشحادة في دائرة بين شجرتي زيتون، وعرض قضيته على مجموعة من السكان يحتسون القهوة. والتقى ناخبين محتملين خارج مسجد وطرح قضيته مع الناخبين المسنين.

وقالت شادية محاجنة، وهي من سكان أم الفحم، إنها لن تصوت. وتابعت “لا نشعر بأن هناك إنجازات. تتزايد مستويات الجريمة في الوسط العربي والسياسيون العرب لا يفعلون أي شيء”.

ويتمتع الفلسطينيون في إسرائيل بحقوق المواطنين وقد وصل بعضهم إلى أعلى المراتب الحكومية والتجارية. ومع ذلك، فهم يواجهون أيضا تمييزا في الإسكان والوظائف والخدمات العامة. وتميل مجتمعاتهم إلى أن تكون أكثر فقرا وأقل تعليما من نظيراتها اليهودية.

ويُعدّ إقبال الناخبين العرب بشكل عام أقل من اليهود. ومن المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في انتخابات الأسبوع المقبل في حدود 40 في المئة بين العرب وفي حدود 60 في المئة بين اليهود.

ويتشكك العديد من الناخبين العرب في قدرة قادتهم أو رغبتهم في إحداث التغيير. ويشعرون بأن مكانتهم في الدولة قد تراجعت مع قانون 2018 الذي صنف إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. وهم محبطون من دائرة العنف الإسرائيلي الفلسطيني التي لا تنتهي والتي جعلت منهم طابورا خامسا بسبب تضامنهم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 1967.

وقد أجج خيبة الأمل دخول قائمة منصور عباس العربية المتحدة إلى الائتلاف. وبينما تم الترحيب بهذه الخطوة في البداية، لم يتمكن عباس من أن يثبت للناخبين أنه قادر على تحقيق نتائج، مما أدى إلى تعميق شعورهم بأن اللعبة السياسية مصممة ضدهم.

وقالت داليا فضيلة، المربية التي تروج للاندماج العربي في المجتمع الإسرائيلي “يرغب الناس في الحصول على حلول جاهزة أو سريعة بعد 75 سنة من كونهم أقلية داخل إسرائيل. لقد سئموا من كل الوعود”.