ترجمات..
"نيويورك تايمز": حان الوقت لإحضار روسيا وأوكرانيا إلى طاولة المفاوضات

"أرشيفية"
عرض أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون، تشارلز كوبشان، تقريراً مفصلاً في صحيفة "نيويورك تايمز"، يتحدث فيه عن ضرورة اتخاذ خطوات جادة من قبل المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة لإحضار روسيا وأوكرانيا إلى طاولة المفاوضات بشكل جدي، خاصة مع تصاعد الحرب المستمرة في كييف منذ فبراير(شباط).
وقال كوبشان، وهو وكبير الزملاء بمجلس العلاقات الخارجية، إن "الحرب في أوكرانيا تتصاعد بشكل خطير، فمع تقدم كييف في ساحة المعركة يُعزز الكرملين قواته في شرق أوكرانيا، ويلمح إلى الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية".
وأضاف أنه في غضون ذلك، "تقوم واشنطن وحلفاؤها بتسريع عملية إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، إلا أن خطر اندلاع حرب أوسع بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا يتزايد يوماً بعد يوم، وكذلك خطر حدوث انتكاسة اقتصادية من حرب طويلة الأمد يمكن أن تقوض الديمقراطية الغربية".
تدخل دبلوماسي
ولفت المحلل الأمريكي إلى أنه "قد حان الوقت للولايات المتحدة وحلفائها للمشاركة بشكل مباشر وفعال في تشكيل الأهداف الاستراتيجية لأوكرانيا وإدارة الصراع والسعي إلى نهاية الحرب بالطريقة الدبلوماسية، إذ برغم قيام الغرب بعمل جيد في الحفاظ على مستوى مشاركته ومخاطرته مع المصالح المعرضة للخطر. وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن الدعوة الصحيحة بأن الدفاع عن أوكرانيا يمثل أولوية استراتيجية، ولكنه ليس مصلحة حيوية".
لكن كوبشان يرى أن "الحفاظ على مشاركة الولايات المتحدة عند مستوى يتناسب مع مصالحها يزداد صعوبة مع اشتداد الحرب، خاصة وأن الحرب غير عادلة، ففيما تحارب كييف من أجل سيادتها وأراضيها، فإن الإجراءات الأوكرانية التي تزيد بشكل كبير من خطر التصعيد قد تكون غير حكيمة من الناحية الاستراتيجية".
وقال الكاتب إنه "للحد من احتمالية نشوب صراع أوسع بين الناتو وروسيا، تحتاج واشنطن إلى أن تكون كييف أكثر شفافية بشأن خططها الحربية، ويحتاج المسؤولون الأمريكيون إلى مزيد من الإسهامات في إدارة كييف للحرب".
عمليات أوكرانية
وسلط كوبشان الضوء على العمليات الأخيرة التي قامت بها كييف وصعّدت من حدة الحرب دون حساب تداعياتها، وقال:" قامت أوكرانيا بالفعل بعمليات استفزازية أخيراً إذ تعتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية أن تفجير السيارة المفخخة خارج موسكو في أغسطس (آب) والذي أدى إلى مقتل داريا دوجينا، ابنة أحد أقوى القوميين المتطرفين في روسيا، كان بتفويض من الحكومة الأوكرانية".
وأضاف "ثم في أكتوبر (تشرين الأول)، أسقطت شاحنة مفخخة أجزاء من جسر مضيق كيرتش الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا، وشنت أوكرانيا على ما يبدو هجمات على منطقة بيلغورود الروسية، وهي منطقة قريبة من الحدود تُستخدم كنقطة انطلاق للقوات الروسية المتجهة إلى أوكرانيا. ونهاية الأسبوع الماضي، استهدفت طائرات دون طيار أوكرانية سفناً في أسطول البحر الأسود الروسي قبالة مدينة سيفاستوبول الساحلية في القرم".
وبحسب التقرير، فإن الولايات المتحدة "لم تحذر من تفجير سيارة مفخخة أو هجوم على جسر، وبحسب ما ورد وجهت انتقادات إلى كييف لاغتيال دوجينا، لأنها قلقة من أن مثل هذه الأعمال لها احتمالية تصعيدية، ولكن تأثيرها ضئيل على ساحة المعركة".
مخاوف أمريكية
وأوضح الكاتب أنه فيما يخص العمليات الأوكرانية الأخيرة "تجنبت الولايات المتحدة توفير أنظمة يمكن أن تستخدمها كييف لضرب العمق الروسي، ما يشير إلى أن واشنطن قد تكون لديها مخاوف بشأن الهجمات الأخيرة على بيلغورود، ونأى المسؤولون الأمريكيون واشنطن عن الهجوم على السفن قبالة سيفاستوبول، وهو ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تعليق صفقة بوساطة الأمم المتحدة لتصدير الحبوب الأوكرانية، ما يهدد بتفاقم أزمة الغذاء العالمية وزيادة أسعار المواد الغذائية".
ويرى صاحب كتاب العزلة: تاريخ الجهود الأمريكية لحماية نفسها من العالم"، أن "ممارسة ضبط النفس الحكيم من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لتجنب الحرب مع روسيا، والتراجع عن توفير الأسلحة بعيدة المدى، والامتناع عن وضع قوات الناتو على الأرض، ورفض طلب أوكرانيا لفرض الناتو منطقة حظر طيران، كلها استراتيجيات مهمة لخفض التصعيد والتخطيط لحلول دبلوماسية جادة".
أهداف غير حكيمة
ويشير كوبشان إلى أن "أهداف الحرب في أوكرانيا لها ما يبررها أخلاقياً وقانونياً، لكنها قد لا تكون حكيمة، إذ أنه استجابةً للمكاسب الأوكرانية الأخيرة، ضاعف بوتين موقفه، بل وأصبح الصراع الذي كان حول مستقبل أوكرانيا بالنسبة لبوتين صراعاً وجودياً من أجل مستقبل روسيا".
وقال الكاتب إنه "في حال لجأ الكرملين إلى السلاح النووي والذي يبدو الآن خياراً واقعياً، فمن شبه المؤكد أن الناتو سيصبح مشاركاً بشكل مباشر في الحرب، مع احتمال حدوث تصعيد نووي من كافة الجوانب وهو ما لا تتمناه أي دولة".
واختتم المحلل الأمريكي تقريره بالقول إنه "عاجلاً وليس آجلاً، يحتاج الغرب إلى نقل أوكرانيا وروسيا من ساحة المعركة إلى طاولة المفاوضات، والتوسط في جهد دبلوماسي لإنهاء الحرب"، معتبراً أن الصفقة التي من الممكن أن تتم ما بين الطرفين ستعتمد على "تراجع كييف عن نيتها الانضمام إلى الناتو، والتوصل إلى تسوية إقليمية".