قمة تونس الفرنكوفونية فرصة تعويض عن تعثر تيكاد

تعيش تونس على وقع استعدادات حثيثة لاحتضان القمة الفرنكوفونية، وسط رهانات كبيرة على هذه القمة سواء على مستوى الحضور أو على مستوى النتائج المرجو تحقيقها، ووفق المعطيات الصادرة عن المسؤولين تأكدت مشاركة عدد مهم من قادة ورؤساء حكومات الفضاء الفرنكوفوني، ومن بينهم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

بعد تيكاد.. تونس تراهن على إنجاح القمة الفرنكوفونية

تونس

 تستعد تونس لاحتضان القمة الفرنكوفونية في نسختها الثامنة عشرة، والتي ستجري في وقت لاحق من الشهر الجاري في جزيرة جربة، وسط ترجيحات تفيد بحضور وازن لقادة ورؤساء وزراء العديد من دول العالم المنتمين إلى الفضاء الفرنكوفوني (الناطقين بالفرنسية).

وتشكل هذه القمة التي ستعقد يومي 19 و20 نوفمبر الجاري وتحمل شعار “التواصل في إطار التنوع”، فرصة لتونس التي تمر بمرحلة انتقالية حساسة أدت بها إلى الانكفاء، وأثرت نسبيا على علاقتها بمحيطها الخارجي.

وكان من المفترض أن تجري القمة في نوفمبر من العام الماضي، لكن منظمة الفرنكوفونية أجلتها لمدة عام، وبررت القرار بالظروف الصحية التي تمر بها تونس جراء جائحة كورونا، غير أن مراقبين ربطوا التأجيل حينها بالوضع السياسي الاستثنائي الذي تمر به البلاد على خلفية القرارات التي اتخذها رئيس جمهورية قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021.

ويقول مراقبون إن القمة التي يتزامن انعقادها مع احتفال الفرنكوفونية المؤسساتية بالذكرى الخمسين لإنشائها مناسبة مهمة لتونس من أجل تعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الشركاء الفاعلين ضمن هذا الفضاء.

ويشير المراقبون إلى أن الحضور الوازن على الصعيدين السياسي والاقتصادي يفتح الباب أمام تونس لبناء شراكات واعدة، معربين عن أملهم في أن تحسن الحكومة التونسية استثمار هذه القمة جيدا، لاسيما وأنها لم تكسب الرهان عند احتضانها قمة “طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا” (تيكاد) في أغسطس الماضي، والتي نغصها التوتر الذي استجد بين تونس والمغرب على خلفية استقبال زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي، وكانت النتائج التي تحققت لتونس من تلك القمة هزيلة جدا.

وقال مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بوزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، والمنسق الإعلامي للقمة الفرنكوفونية، محمد الطرابلسي الخميس إن 30 رئيسا ورئيس حكومة من بين 54 أكدوا مشاركتهم في القمة الفرنكوفونية.

وأضاف الطرابلسي في تصريحات صحفية أن عدد المشاركين في هذه القمة مرجح للارتفاع، خاصة وأن أغلب الرؤساء ورؤساء الحكومات يبدون اعتزامهم المشاركة.

وأوضح المنسق الإعلامي للقمة الفرنكوفونية أن ما يناهز 700 رجل أعمال سيشاركون في القمة الاقتصادية.

وأكّد المسؤول التونسي أن عدد الصحافيين الذين سيقومون بتغطية أعمال القمة الفرنكوفونية سيتجاوز الـ600 صحافي. وأوضح الطرابلسي أن عدد الصحافيين الذين يرافقون الرؤساء المشاركين في هذه القمة يتراوح بين 40 و50 صحافيا.

وأعلنت كندا في وقت سابق عن اعتزامها المشاركة في القمة الفرنكوفونية بوفد رفيع المستوى يترأسه رئيس الوزراء جاستن ترودو.

ووفق بيان تم نشره في الموقع الرسمي لرئيس الوزراء الكندي على الإنترنت سيركز ترودو خلال مشاركته في هذه القمة على “أهمية الدفاع عن السلام والأمن وتعزيز اللغة الفرنسية وحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وأفاد البيان بحرص كندا على مواصلة تعزيز علاقاتها مع شركائها ضمن منظمة الفرنكوفونية في كل القارات. كما سيبرز رئيس الوزراء الكندي أيضًا الحاجة إلى اتخاذ إجراءات طموحة تتعلق بالمناخ لتسريع الانتقال إلى اقتصاد أنظف وتعزيز الأمن الغذائي وأمن الطاقة والسعي إلى تحسين حياة الناس بكلفة معقولة.

وأكد البيان على مواصلة كندا العمل مع شركائها الدوليين والديمقراطيات حول العالم لمواجهة التحديات الراهنة والاستعداد للفرص التي يتيحها المستقبل.

ويأتي انعقاد القمة الفرنكوفونية في ظل ظرفية دولية حرجة، نتيجة الصراع الروسي – الأوكراني والتوتر بين الصين والولايات المتحدة، وهو ما أدى إلى حالة استقطاب شديدة لم يعرفها العالم منذ الحرب الباردة.

ويشير المراقبون إلى أن القمة تشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى الفاعلين ضمن االفضاء الفرنكوفوني لتعزيز التعاون وتكريس التضامن في مواجهة التحديات التي يواجهها العالم، سواء ما تعلق منها بأمن الطاقة أو ما اتصل بالأمن الغذائي.

وأكّد السفير الفرنسي بتونس أندريه باران في وقت سابق أن القمة الفرنكوفونية التي ستحتضنها جزيرة جربة قريبا حدث عالمي مهم جدا.

وكشف باران أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يولي هذه القمة أهمية كبرى ومهتم بها، كما أنه يتابع التحضيرات.

وسيكون اجتماع القمة مسبوقا باجتماع وزاري يعقد يوم 18 نوفمبر. ومن المنتظر أن تسجل القمة 91 مشاركة من أعلى مستوى من جملة 110 مشاركات، وهو ما يجعلها الأهم على مستوى الحضور منذ استقلال البلاد.

وستكون الدورة الثامنة عشرة للقمة الفرنكوفونية عنوان ”التواصل في إطار التنوع التكنولوجي… التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني”، وهو موضوع يتماشى مع رؤية تونس لمسألة التنمية المتضامنة والتعاون الدولي وأهمية التكنولوجيات الحديثة.

وتسعى تونس إلى أن تكون هذه القمة، التي تنعقد لأول مرة خارج عاصمتها، منعطفا في تاريخ الفرنكوفونية وقفزة نوعية في المشروع الفرنكوفوني، لما ستتناوله على جدول أعمالها من مواضيع تستجيب لمتطلبات شعوب الدول الفرنكوفونية ولتطلعاتها إلى التنمية والتشغيل. وأعلن العميد منصف ساسي، رئيس اللجنة الوطنية للإعداد للقمة الفرنكوفونية، الأسبوع الجاري أن الاستعدادات للقمة بلغت نسبة 85 في المئة، على أن يتم استكمال 15 في المئة المتبقية من جملة الأعمال خلال الأيام العشرة المقبلة، وهو ما يستوجب عملا متواصلا وجهودا متكاتفة لاستكمالها وإعداد الجزيرة لاستقبال ضيوف تونس.

ويوجد في العالم نحو 361 مليون شخص ناطق باللغة الفرنسية وهم يمثلون 5 في المئة فقط من سكان العالم لكنهم يمثلون 16 في المئة من الناتج الداخلي الخام العالمي، إضافة إلى وجود دولتين من بين مجموعة السبع وهما فرنسا وكندا. وتساهم الدول الفرنكوفونية بـ8 في المئة من الثروة العالمية.