مؤتمر التقدم والاشتراكية في المغرب يثبّت بن عبدالله أمينا عاما

أمين عام منذ 2010 ويرفض ترك المنصب

الرباط

 يتجه المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب التقدم والاشتراكية، والذي يستمر إلى غاية اليوم الأحد، لإعادة انتخاب الأمين العام للحزب نبيل بن عبدالله للمرة الرابعة من دون مرشح منافس له، حيث توصلت رئاسة لجنة الترشيحات، السبت، بترشيح واحد.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن أغلب أعضاء المكتب السياسي اتفقوا على أن يبقى بن عبدالله على رأس الحزب.

وضيق القانون الاساسي حلقة الترشح للأمانة العامة لفسح الباب أمام بن عبدالله للاستمرار على رأس الحزب الذي انتخب أمينا عاما له منذ سنة 2010، إذ فرض القانون على كل مترشح لمنصب الأمين العام أن تتوفر فيه العديد من الشروط بينها أن يكون عضوا سابقا في المكتب السياسي واللجنة المركزية، وأن يتقدم في ملف ترشيحه بتوقيعات تتضمن عشر أعضاء المؤتمر يمثلون 10 جهات، ما يناهز 100 توقيع.

ورغم أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر فتحت الأبواب للترشح للأمانة العامة للحزب خلفا لبن عبدالله، إلا أن هناك أصواتا داخل الحزب رفضت أيّ منافسة للأمين العام الحالي، مشددة على ضرورة التمديد له لقيادة الحزب، لأن أي تغيير لقيادة الحزب في هذه الظرفية سيكون مغامرة غير محسوبة العواقب.

وأكدت مبادرة “لنواصل المسار”، التصحيحية، في بيان توصلت “العرب”، بنسخة منه، أنه بغض النظر عن مآلات المؤتمر الحالي، فكل المؤشرات المقلقة والصادمة من حيث “الحياكة التنظيمية” الموغلة في تقزيم سلطة القواعد، والتضييق على المشاركة الحقيقية، وإجهاض أيّ أمل في التغيير، من خلال توجيه تركيبة المؤتمر بكتلة من المشاركين الوافدين، الذين لا رابط ولا انتماء متجذرا لهم، تعكس النزعة التحكمية للأمين العام، وإصراره على تحويل المؤتمر إلى محطة لخدمة مساره الشخصي المتمثل في “سرقة” ولاية رابعة واختطاف الحزب.

وقال الأمين العام للتقدم والاشتراكية إن هذا المؤتمر بمدينة بوزنيقة، قرب الدار البيضاء، الذي حضرته شخصيات سياسية وقيادات حزبية وازنة من خارج المغرب وداخله، ومنها رئيس الحكومة، يأتي في سياق اجتماعي صعب، مبرزا أنه محطة مهمة لتحضير الحزب للقيام بمهامه في المشهد السياسي المغربي، لأن الديمقراطية شرط أساسي لتنظيم قويّ قادر على المساهمة من موقعه في التغيير السياسي.

وسبق للأمين الحالي أن صرّح في سبتمبر الماضي أنه لن يقدم تشريحه لمنصب الأمين العام، مؤكدا أنه آن الأوان أن تكون هناك قفزة جماعية وأن يتم تغيير الأشخاص”. وأضاف “طلبت من الحزب إعفائي رغم أن هناك أصواتا تصلني في إشارة إلى مطالبتي بالبقاء على رأس الحزب”.

واعتبر إسماعيل حمراوي عضو اللجنة المركزية للحزب، في تصريح لـ”العرب”، أن الإرادة الجماعية داخل الحزب لها رأي آخر ويرتبط أساسا بقناعة ترى في بن عبدالله كل مواصفات قيادة الحزب باعتباره رجل دولة وذا تجربة سياسية كبيرة تواصليا وتدبيريا .

وشهدت المرحلة الأخيرة من ولاية بن عبدالله، على رأس الحزب المعارض، انتقادات كبيرة قادها العديد من أعضاء الحزب في إطار تيار ”سنواصل الطريق” وصلت إلى حد طرد أعضائه من طرف المكتب السياسي.

وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في المغرب، إنه كان على بن عبدالله أن يعترف بوجود أصوات معارضة، مشيرا إلى أنه من خلال هذه التجربة فإن ممارسة الديمقراطية الداخلية مازالت محدودة في منظومة حزبية تميل كل الميل نحو نفي المعارضين.

ولم يحل صراع الإرادات بين الأمين العام ومعارضيه، الذين لا يرغبون في استمراره على رأس الحزب، دون تنظيم الحزب للمؤتمر الحادي عشر، حيث اتهمت مبادرة “لنواصل المسار” التصحيحية بن عبدالله بإدخال واحد من أعرق التنظيمات السياسية المغربية في نفق مظلم بسبب إصراره على تجاهل مجموع الآراء والأفكار التي تنادي بالانتصار لمصلحة الحزب، وإطلاق مسار إصلاحي يستوعب كل التفاعلات المعبّر عنها.

وأكد لزرق، في تصريح لـ”العرب”، أن هذا التوجه يعطي مؤشرا إلى كون المنظومة الحزبية لا تؤمن بالعمل الديمقراطي بصورة مبدئية، وإنما تتعامل معه بشكل وظيفي مصلحي فقط؛ حيث ترى أن المشهد السياسي يسمح لها بالتحرك وتحقيق أهدافها وهي تسعى لاستغلال هذه المساحات إلى أقصى درجة، وهو أمر اعترفت به بعض قيادات التقدم والاشتراكية نفسها.

وأكد محمد ياوحي الأستاذ الجامعي والإطار السابق في الحزب، في تصريح لـ”العرب”، أن حزب التقدم والاشتراكية تحوّل إلى تجمع للانتهازيين والنفعيين بعد طرد المناضلين أو انسحابهم، مشيرا إلى أن هناك حملة تطهيرية لإفراغ الحزب من الكوادر والمناضلين والتحرش بهم عن طريق البلطجية وتعويضهم بالمهللين والانتهازيين.

وفي وقت تطالب فيه الحركة التصحيحية بالمساهمة في خلق دينامية جديدة داخل الحزب، ذهب الأمين العام للحزب إلى الحديث في كلمته الافتتاحية للمؤتمر إلى ضرورة توحيد اليسار وتحالف “القوى الوطنية” على أن يشمل هذا التحالف “الحركة الاجتماعية”، وذلك من أجل تحقيق “البديل الديمقراطي التقدمي”، ومواصلةِ السعي نحو وحدة اليسار المستعصية، مستدركا أنه يتعين السعي أيضاً نحو توسيع منطق التحالف ومفهومه.