السوداني يؤكد في الكويت حرص العراق على بناء علاقات متوازنة مع جيرانه

قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السودني بزيارة إلى الكويت في ثاني وجهة خارجية له منذ توليه مهامه الحكومية، ولم يتم خلال هذه الزيارة الإعلان عن أي إجراءات ملموسة بشأن الملفات العالقة بين الطرفين، ولاسيما مسألة ترسيم الحدود البحرية.

السوداني يختار الكويت في ثاني وجهة خارجية له

الكويت

طغت العبارات الدبلوماسية الفضفاضة على زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الكويت، دون أن يقدم الجانب العراقي أو الكويتي أي تفاصيل عن المباحثات التي جرى بحثها لاسيما في علاقة بالخلاف الحدودي المتفاعل بين الجانبين في الفترة الأخيرة.

وترى أوساط سياسية عراقية أن زيارة السوداني الخاطفة إلى الكويت والتي لم تدم سوى ساعات قليلة، هي في سياق حملة دعائية لرئيس الوزراء العراقي بشأن استمرار بلاده في سياسة الانفتاح على محيطها العربي، لكن دون أن تكون هناك رغبة جدية في حلحلة القضايا الخلافية لاسيما مع الكويت.

وتشير الأوساط إلى أن الأطراف التي تتحكم اليوم في القرار السياسي في العراق، والتي تدور في فلك إيران، لن تقبل بتفكيك العقد التي تحول دون تطوير العلاقات مع الكويت، وهي ستسعى لإبقاء تلك العقد قائمة، لاسيما في علاقة بترسيم الحدود البحرية.

وأجرى رئيس الوزرء العراقي زيارة إلى الكويت الأربعاء حيث التقى خلالها بولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الوزراء أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح.

وشكلت الكويت الوجهة الثانية للسوداني بعد أن زار في وقت سابق من الأسبوع الجاري الأردن، وعقد لقاءات مع الملك عبدالله الثاني.

وذكر مكتب رئيس الوزراء في بيان عقب عودة السوداني إلى بغداد أن “الأخير التقى خلال الزيارة ولي عهد الكويت، حيث بحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، والتأكيد على إدامة التعاون المتبادل على مختلف المستويات”.

كما التقى “رئيس مجلس الوزراء بنظيره الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، وعقد معه مباحثات ثنائية تناولت العلاقات الثنائية وتنمية التعاون المشترك”. وشهدت المباحثات وفقا للبيان، “تبادل وجهات النظر في عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وإدامة الشراكة في جوانب الاقتصاد والاستثمار والتجارة المختلفة”.

وتابع البيان أن “السوداني زار مجلس الأمة الكويتي، وكان في استقباله رئيس المجلس أحمد السعدون، وتناول اللقاء بحث العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين الشقيقين، والتأكيد على أهمية التعاون على المستوى البرلماني والحكومي والمجتمعي بين العراق والكويت، والتنسيق الثنائي حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، الإقليمية منها والدولية”.

ولم يقدم البيان أي توضيحات حول ما إذا كان السوداني قد أثار مسألة ترسيم الحدود البحرية، في ظل استئناف نواب ينتمون إلى الإطار التنسيقي، المظلة السياسية للقوى العراقية المولية لإيران، حملتهم ضد الدولة الخليجية، متهمين إياها بالتعدي على حقوق العراق البحرية.

من جهتها أفادت وكالة الأنباء الكويتية بأن رئيس الوزراء العراقي بحث خلال الزيارة مع نظيره الكويتي “العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين”.

وأضافت الوكالة “كما استعرض الجانبان آخر التطورات الإقليمية والدولية ومواقف البلدين تجاهها، مؤكدين أهمية مواصلة التشاور والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

ووقع نحو 77 نائبا عراقيا مؤخرا على طلب يدعو الحكومة إلى التحرك لحماية “السيادة والمصالح العراقية من التجاوزات الكويتية”، وتقدموا به إلى رئاسة مجلس النواب.

وقال النائب عن محافظة البصرة عامر عبدالجبار، في وقت سابق، إن الكويت قامت بحفر آبار نفطية قرب ميناء البصرة ضمن الحدود الإقليمية للعراق، وأوضح أنه كتب رسائل إلى وزارتي النفط والخارجية منذ يوليو الماضي بخصوص “التجاوز الكويتي ضمن مياه العراق الإقليمية”.

وتحدث عبدالجبار، وهو وزير نقل عراقي أسبق وينتمي حاليا إلى كتلة ائتلاف دولة القانون، عن “وجود منصة نفطية بحرية كويتية تبعد عن خور الخفكة 5 أميال بحرية وعن ميناء البصرة النفطي 18 ميلا بحريا”.

وأكد عبدالجبار أن المنطقة الاقتصادية الخالصة التي نصبت فيها الكويت منصتها غنية بالنفط والغاز وبحاجة إلى دراسة شاملة، داعيا الحكومة الحالية إلى البدء بمحاسبة الذين تنازلوا عن حقوق العراق، ومنوها إلى أن “قانون البحار للأمم المتحدة حدد الحدود المائية الخالصة للعراق والكويت”. وهناك خلاف بين العراق وبغداد حول خور عبدالله، وهو ممر ملاحي يقع بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية.

ويعد الممر الملاحي الوحيد من وإلى البصرة ويتصل بالساحل العراقي عبر خور الزبير، وتقع على ضفتيه أهم موانئ البلدين وهما ميناء الفاو العراقي وميناء مبارك الكبير الكويتي، الذي سبق أن تعرض لاستهداف من ميليشيات عراقية في العام 2013.

وبحسب صحيفة “القبس” الكويتية تمت تسمية خور عبدالله بهذا الاسم نسبة إلى حاكم الكويت الثاني، الأمير عبدالله بن صباح الأول، الذي حكم بين عامي 1762 و1812، وظهرت التسمية لأول مرة على الخرائط عام 1765 على يد الرحالة الدنماركي كارستن نيبور في كتاب وصف شبه جزيرة العرب.

في المقابل يتمسك الجانب العراقي باعتبار الخور جزءا من أراضيه جرى التفريط فيه عبر اتفاقية الإدارة المشتركة مع الكويت، ويستند العراق في ذلك إلى وقائع تاريخية شهدت إدارة بغداد للخور منفردة. وكشفت أوساط إعلامية كويتية أن الكويت أودعت مؤخرا خريطة جديدة لدى الأمم المتحدة أعلنت فيها سيطرتها الكاملة على خور عبدالله.

ويرى مراقبون أن عدم حل الخلاف الحدودي بين العراق والكويت سيبقي على مفاعيل التوتر قائمة بين البلدين، وأن هناك إمكانية للتوصل إلى حل وسط بين الجانبين، لكن بعض القوى تسعى للحيلولة دون ذلك، وتميل إلى التصعيد، حيث أن تفكيك هذا الخلاف سيعني إلغاء الحواجز أمام علاقات طبيعية بين الكويت والعراق، فضلا عن أنه سيوجه الأنظار إلى مسألة التجاوزات الإيرانية على الحدود العراقية.

ووصفت النائبة عن كتلة ائتلاف دولة القانون عالية نصيف في وقت سابق سيطرة الكويت على خور عبدالله بأنه إعلان حرب اقتصادية على العراق، مطالبة رئيس الوزراء ووزير الخارجية بالتدخل وتقديم شكوى لدى مجلس الأمن حول هذا الاعتداء.

وقالت نصيف، في بيان صحفي إن “السيطرة الكاملة على خور عبدالله يتزامن مع قيامنا بتنفيذ مشروع ميناء الفاو، وهي رسالة من الكويت بأن هذا الحقد لا يشفى فقط بالتعويضات التعسفية والقرارات الجائرة التي دفع ثمنها الشعب العراقي”.

وأضافت أن “الكويت لم تكتفِ بإغلاق الممر المائي بل أودعت خارطة جديدة لدى الأمم المتحدة، وهذا يعني أن هذا العدوان الجديد ليس تصرفا فرديا من خفر السواحل الكويتي بل هو موقف رسمي من قبل الحكومة الكويتية، وهذا يعني إعلان حرب اقتصادية ضد العراق”، واعتبرت أنه “لولا وجود الخونة والعملاء والمرتشين لما تمادت الكويت وتجرأت على القيام بهذا التجاوز”.

وشددت نصيف على “ضرورة التدخل العاجل من قبل رئيس الوزراء ووزير الخارجية ومخاطبة أعلى سلطة في الحكومة الكويتية بالشكل الذي يحفظ مصالح وسيادة العراق، مع تقديم الوثائق التي تثبت عائدية هذه المنطقة للعراق إلى الأمم المتحدة وتقديم شكوى لدى مجلس الأمن بهذا الشأن”.