صحف..

فايننشال تايمز: هل يتراجع بايدن عن الترشح لفترة ثانية؟

"أرشيفية"

برلين

يستهل الكاتب السياسي في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إدوارد لوس مقاله بواقعة تاريخية؛ حين سمع أن جورج واشنطن سيتنحى عن منصبه كأول رئيس أمريكي، قال الملك البريطاني جورج الثالث: "إذا فعل ذلك، فسيكون أعظم رجل في العالم."


انتصار بايدن في 2024 سيهيئ الجمهوريين لاستعادة السيطرة على مجلس النواب في 2028كان واشنطن أصغر سناً بكثير من الرئيس جو بايدن ويمكنه أن يستمر في الرئاسة مهما أراد. مع ذلك، وحسب لوس، يتمتع بايدن بفرصة اكتساب تعاطف التاريخ واحترام بلاده من خلال تجنب ما سيكون بالتأكيد ولاية ثانية مؤلمة. قال أحدهم إن جميع المسيرات السياسية تنتهي بالفشل. سيكون الاستثناء في تلك التي تنتهي لحظة اختيار أصحابها لذلك.


عن التوقيت
ويقول الكاتب في "فايننشال تايمز" إن الوقت لإعلان بايدن هذه التضحية مناسب جداً إلى درجة أن من شبه المؤكد عدم حصوله. يصعب التفكير بسنة رئاسية كانت مؤاتية للرئيس كما كانت سنة 2022 بالنسبة إلى بايدن. بدأها في مسيرة جنازة بطيئة. أسقط المطلعون حظوظه بتمرير أي تشريع ذي مغزى. كانت سياسته الخارجية في حال من الفوضى بعد انسحابه الفاشل الصيف الماضي من أفغانستان. وكانت خسارة فادحة للديموقراطيين في الانتخابات النصفية أمراً مفروغاً منه.


أنهى بايدن السنة مع اتحاد الغرب أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة ومع نتائج انتخابية نصفية هي الأفضل لحزب في السلطة منذ 20 عاماً، وموجة من التشريعات الجديدة الوازنة وقلق متضائل بشأن مستقبل الجمهورية الأمريكية. وهذا بالتحديد سبب رغبته بالترشح إلى المنصب مجدداً، وسيعلن على الأرجح عن نواياه في يناير (كانون الثاني). لقد كان بايدن يستعد طوال حياته لهذا الدور. لماذا سينسحب الآن بينما تجري الأمور بشكل جيد؟


ما بعد الانتخابات
الجواب وفق لوس هو أن الطريق من هنا تأخذ مسلكاً انحدارياً. من المرجح أن يفوز بايدن مجدداً في الانتخابات سنة 2024 إذا كان دونالد ترامب خصمه. لكن عالماً من الألم سيظل بانتظاره في المقلب الآخر. قد تكون الغريزة السياسية واحدة من آخر الملكات التي تضعف خصوصاً بالنسبة إلى محترف طويل الأمد مثل بايدن. لكن معدل زلاته أسوأ مما كان عليه منذ عامين. يرتكب أخطاء محرجة ويسيء تذكر الأمور كما فعل حين خلط بين مدينة الفلوجة العراقية ومدينة خيرسون التي تحررت مؤخراً.

 

من يأبه؟ يتساءل المدافعون عن بايدن. رفض ترامب زيارة مقبرة لجنود أمريكيين سقطوا خلال الحرب العالمية الثانية لأنها كانت مليئة بـ"الخاسرين" كما أراد أن يحفر خندقاً مائياً على الحدود مع المكسيك وملأه بالتماسيح. ما هو التقدم بالسن قليلاً عند مقارنته بخبث من الطراز العالمي؟ إلى جانب ذلك، سيكون عمر ترامب 82 عاماً في نهاية الولاية الثانية المفترضة، وهو أقل بقليل من عمر بايدن، 86 عاماً.


خطأ في التحليل
يرى لوس أن مشكلة هذا التحليل هي تجاهل ما يواصل معظم الأمريكيين قوله. انسوا الآخرين: غالبية من الديموقراطيين تريد عدم ترشح بايدن لولاية ثانية. قد يكونون متيقظين لشيء يتم الدفع لمستشاري واشنطن المتضاربي المصالح كي يتجاهلوه – ضعف قدرة الشخص على القيام بأي نوع من العمل في أواسط الثمانينات. ما من حاجة لأوراق اعتماد من أجل إدراك الواقع الغاشم للشيخوخة. بالفعل، إذا كانت لامبالاة واشنطن تجاه عمر بايدن تشكل أي دليل، فإن المطلعين غير مستعدين لدراسة عدد من الاعتبارات. ثمة أمور أسوأ من القلق بشأن قدرة الرئيس على التحمل.

تحول
تتغير الحسابات إذا كان منافس بايدن من جيل أصغر، مثل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس الذي سيبلغ من العمر 46 عاماً خلال الانتخابات المقبلة أو الحاكمين السابقين نيكي هالي (52) أو كريس كريستي (62). سيكتشف بايدن عمر منافسه في وقت متأخر جداً كي يتمكن ديموقراطيون آخرون من دخول ميدان التنافس. يستغرق الترشح للبيت الأبيض أشهراً من الاستعداد وهي مهلة أطول حتى مما كانت عليه في أيام جورج واشنطن. يعلق العديد من الديموقراطيين الطموحين استعداداتهم بينما يقرر بايدن. فكرة أن الديموقراطيين لا يملكون أسماء بارزة للترشح خاطئة. يملك العديد منهم أوراق اعتماد جيدة. ينطبق الأمر نفسه على التشكيلة الجمهورية المحتملة.


نظرة إلى سلاح بايدن السري
أشار لوس إلى أن سلاح بايدن السري هو أنه غالباً ما يتعرض للتقليل من شأنه. ظهر ذلك مجدداً خلال هذا الشهر. الآن، تبالغ طبقة النقاد في واشنطن بالتعويض عبر منحه قوى تتجاوز الاعتبارات الاكتوارية. وهم يفتقدون لرؤية الصورة العامة بينما يركزون على التفاصيل. إن انتصار بايدن في 2024 سيهيئ الجمهوريين لاستعادة السيطرة على مجلس النواب في 2028. بالمقابل، إن رئيساً ديموقراطياً جديداً سيبدأ بسجل نظيف لإعادة الانتخاب.


وفى بوعده
رأى كثر أن انتخابات 2022 ستكون أم كل الانتخابات النصفية. اجتاز ما يكفي من الناخبين الأمريكيين هذا الاختبار عبر تمكنهم من التمييز بين المرشحين الجمهوريين الذين آمنوا بالديموقراطية وأولئك الذين لم يؤمنوا بها. بهذا المعنى، وفى بايدن بوعده. قال إنه سيكون جسر أمريكا إلى الحياة الطبيعية بعد ترامب وهذا ما فعله.
إحدى العبارات المفضلة لدى بايدن هي: "لا تقارنوني بالله تعالى، قارنوني بالبديل." يسأل لوس في الختام إذا كانت المقارنة مع جورج واشنطن ستقنع بايدن بإعادة التفكير.