ترجمات..

أمريكا غلبت إيران كروياً.. حان وقت الفوز السياسي

"أرشيفية"

فرنسا

أشار المحلل السياسي ماثيو كونتينيتي إلى عدم قدرة الرئيس بايدن على احتواء حماسته حين علم في التاسع والعشرين من نوفمبر أن المنتخب الأمريكي حقق فوزاً على نظيره الإيراني في بطولة كأس العالم لكرة القدم، مما مكن الولايات المتحدة من الانتقال إلى الأدوار الإقصائية.


تجاوزت الحكومة الإيرانية حدود السلوك الحضاريّ. مع ذلك، كان الرد الأمريكي إما متهاوناً أو متذبذباً وفق الظروف، ووفق مزاج الرئيس في الإدارة السابقة كان الرئيس الأمريكي قد أدلى بملاحظات عن الأوضاع الاقتصادية في مدينة شيكاغو. عاد الرئيس إلى المسرح وسط اندلاع هتافات محتفلة بالفوز الأمريكي. انضم الرئيس إلى الاحتفالات قائلاً: "هذه مباراة كبيرة، يا رجل!".


فلنكن جديين!
أعرب كونتينيتي في موقع "واشنطن فري بيكون" عن سعادته الكبيرة بالانتصار الأمريكي وعن الروح الرياضية التي عبر عنها المنتخبان. كما رحب بدعم قائد المنتخب إحسان حاج صافي للتظاهرات المناهضة للنظام في إيران. لكنه أضاف: "فلنكن جديين. إن لعبة كرة قدم ليست بديلاً عن استراتيجية عظيمة. وحالياً سياسة بايدن الإيرانية في حال من الفوضى".


يرد الثيوقراطيون الإسلامويون الذين يحكمون إيران على انتفاضة داخلية بقمع وحشي وإرهاب خارجي. يقتلون شعبهم، حتى الأطفال، مع تزويد الروس بوسائل لارتكاب الفظائع بحق المدنيين الأوكرانيين. ويواصلون سعيهم للحصول على أسلحة نووية مع تعزيز جهودهم لاختطاف واغتيال معارضي النظام، من بينهم مسؤولون سابقون رفيعو المستوى في الحكومة الأمريكية. وينتهك الثيوقراطيون سيادة العراق عبر هجمات ضد حلفاء أمريكا الأكراد ويمولون المتمردين الحوثيين الذين يرهبون حركة التجارة في اليمن. إيران هي التعريف نفسه للدولة المارقة: متهورة وعنيفة وتحريضية وباحثة عن المشاكل.


أهدر الوقت
أشاد كونتينيتي ببايدن والمسؤولين معه لإعلانهم الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ضد نظامه القمعي. وفرض بايدن عقوبات على مسؤولين حكوميين إيرانيين ومنظمات مرتبطة بالقمع الوحشي للمتظاهرين. إنها بداية. مع ذلك، لقد أهدر بايدن الوقت. أوضح الكاتب أن بايدن أمضى أكثر من عام وهو يؤدي رقصة فالس دبلوماسية عبثية في فيينا حول البرنامج النووي، وهي مفاوضات تعترف إدارته الآن بأنها انهارت.

واستثمر رأس مال سياسياً في هدنة يمنية قصيرة. كذلك، دعم اتفاقاً بحرياً لبنانياً-إسرائيلياً سيعزز وكيل إيران حزب الله وقد تعدله أو تلغيه الحكومة الإسرائيلية المقبلة. وعلاقته الساكنة-العدوانية مع المملكة العربية السعودية تعرض التحالف الشرق أوسطي الناشئ والمناوئ لإيران للخطر. كما أن طلباته للإنفاق الدفاعي البائس تؤدي إلى تآكل ردع الجيش الأمريكي.


مكافآت عظيمة
لقد تجاوزت الحكومة الإيرانية حدود السلوك الحضاري. مع ذلك، كان الرد الأمريكي إما متهاوناً أو متذبذباً وفق الظروف، ووفق مزاج الرئيس في الإدارة السابقة. تخلى بايدن عن سياسة الضغط الأقصى لصالح الدبلوماسية المتعددة الأطراف وليس لديه ما يعرضه من نجاح بشأنها. هو يتمتع بكل سبب للتخلي عن هذا النهج الفاشل. تابع كونتينيتي أن المكافآت الكامنة في تغيير للاستراتيجية عظيمة. إيران ضعيفة. منذ ثلاثة أشهر، أطلق مقتل مهسا أميني (22) في مركز حجز لشرطة الأخلاق انتفاضة وطنية. ولم تنتهِ. فقد الملالي كل شرعية.


لو سارت الأمور بشكل جيد
يريد الإيرانيون مستقبلاً أفضل وأكثر حرية لا يستطيع رجال الدين تأمينه. وعزلت إيران نفسها بشكل إضافي عبر تزويد روسيا بطائرات بلا طيار وربما بصواريخ. لقد أسكتت جرائم النظام في الداخل والخارج معظم المدافعين عن النظام لكن ليس جميعهم. تفرغ شجاعة التظاهرات قوة النظام من الداخل. إن فرض الضغط الخارجي قد يتسبب بانهياره. وإذا سارت الأمور بشكل جيد فالقوة العسكرية لن تكون ضرورية.

أضاف كونتينيتي أنه من أجل أن تسير الأمور بشكل جيد، يتعين على خامنئي وجيشه والحرس الثوري أن يأخذوا التهديد باستخدام القوة جدياً بما يكفي كي يخلط حساباتهم ويخيفهم حتى يقدموا تنازلات.
كيفية إلحاق الهزيمة بالنظام


إن الخطوة الأولى نحو هزيمة الثوريين الإسلامويين هي إعادة إحياء الدفاعات الأمريكية وإظهار التزام أمريكا بأمن الخليج العربي. الخطوة التالية هي إصلاح تحالفات أمريكا مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ينبغي أن يفهم السعوديون أن أمريكا تدعم التحالف المناهض لإيران. وينبغي على أمريكا إدراك أن انتقاد الحكومة الإسرائيلية المقبلة يجب أن يحتل المرتبة الثانية أمام أولويات أهم مثل توسيع اتفاقات أبراهام لتشمل السعودية ومثل تنسيق التحركات العلنية والسرية ضد البرنامج النووي الإيراني. عندها يأتي الهجوم الأيديولوجي.


لفت كونتينيتي إلى أن الرئيس بايدن لم يعد قادراً على التعامل مع السياسة الخارجية كصرف للانتباه عن أهدافه الداخلية. هو يحتاج لا إلى طرح قضية مواصلة الدعم لأوكرانيا وحسب، بل أيضاً دعم معارضة الشعب الإيراني لنظام منبوذ يعرض العالم للخطر. وهو يحتاج إلى فعل ذلك عبر استخدام الخطاب نفسه الذي يستخدمه الأوكرانيون والإيرانيون المقاومون للقهر لأنهم يرغبون بالحرية.


فوز غير كافٍ
بإمكان الغالبية الجمهورية في مجلس النواب وجمهوريي مجلس الشيوخ أن يذكروا إدارة بايدن السنة المقبلة بأن جهداً واسعاً ومستداماً مدعوماً برادع ذي صدقية قادر وحده على إلهام المعارضين ومعاقبة السلوك الخبيث للنظام الإيراني. سيحتاج الأمر إلى جهد كلا الحزبين لإعادة الحيوية إلى القيادة الأمريكية ومساعدة الشعب الإيراني على بلوغ طموحاته بالديموقراطية. وختم كونتينيتي: "إن فوزاً في كرة القدم قد يكون كافياً لبعض الدول. لا لفريق الولايات المتحدة الأمريكية".