وكالات..

بوتين يضغط على العصب النووي مجدداً

"أرشيفية"

الرياض

يرى الكاتب والمحلل توم نيكولز أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول مرة أخرى التلاعب بالأسلحة النووية للتعويض عن الكارثة العسكرية الروسية المستمرة في أوكرانيا، وعلى الرغم من أن هذه التحركات الروسية الجديدة خطيرة، إلا أنها ليست أزمة بحد ذاتها.

يقول نيكولز في مقال بمجلة أتلانتيك، إنه عندما يبدأ بوتين بالحديث عن الأسلحة النووية، نعلم أن مسار المعركة في أوكرانيا يسير بشكل سيء بالنسبة لروسيا. منذ أسابيع، كان الروس يقصفون مدينة باخموت، لكن حتى الآن، لا تزال باخموت في أيدي الأوكرانيين، على الرغم من التنبؤات الروسية والغربية المتكررة بأنها ستسقط.


تهديدات نووية
يعلم الرئيس الروسي، بحسب نيكولز، أنه، حتى لو تم الاستيلاء على باخموت في النهاية، فإن الروس سيضعون علماً على كومة من جثثهم. وهكذا، في يأسه لتغيير السرد في الداخل والخارج على حد سواء، عاد بوتين إلى اتخاذ المراهنات النووية، حيث قال في 25 مارس (آذار) إنه يعتزم نشر أسلحة نووية تكتيكية روسية في بيلاروسيا المجاورة. وبالأمس، ضاعف السفير الروسي في بيلاروسيا من تهديد بوتين، معلناً أن موسكو تخطط لنشر تلك الأسلحة في الجزء الغربي من بيلاروسيا، أي بالقرب من الحدود مع جيرانها في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ويرى الكاتب أنه لا توجد خاصية تكنولوجية خاصة للسلاح النووي "التكتيكي". إذ إنه من الناحية العملية، عادة ما تكون الأسلحة النووية التكتيكية مخصصة للتسليم من مسافة قصيرة (أقل من 500 كيلومتر تقريباً) برؤوس حربية أصغر، وهي تستهدف أهداف ساحة المعركة مثل تجمعات قوات العدو أو القواعد في المؤخرة.
وذكر أن الأسلحة "الاستراتيجية" مثل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أو القاذفات الاستراتيجية، تعبر مسافات أكبر بكثير وتستهدف في المقام الأول الأسلحة النووية الاستراتيجية للعدو مثل الصوامع وقواعد القاذفات وأقلام الغواصات والبنية التحتية والصناعة، وفي أفظع الحالات، مدن العدو، وتهدف هذه الأهداف الرئيسية إلى التأثير على النتيجة الإجمالية للحرب.

أسلحة تكتيكية
أما الأسلحة التكتيكية فأقل قوة إلى حد كبير لأنها مخصصة للاستخدام بالقرب من خط المعركة، يمكن أن تكون هذه الأسلحة النووية التكتيكية صغيرة مثل 10 أو 20 كيلوطن، لكن كلمة "صغيرة" نسبية في عالم الأسلحة النووية، فكانت القنبلة التي أسقطتها أمريكا على هيروشيما حوالي 15 كيلوطن. (كيلوطن هو القوة التفجيرية التي تعادل 1000 طن من مادة تي إن تي) حتى السلاح الصغير يمكن أن يتسبب في الكثير من الضرر، ويقتل الكثير من الناس، ويسمم جزءاً كبيراً من الأرض.


ويشير نيكولز إلى أن بوتين لم يحدد الأنظمة الروسية التي سيضعها في بيلاروسيا، مثل وضع صواريخ قصيرة المدى بالقرب من حدود بيلاروسيا، أو تخزين رؤوس حربية تكتيكية لاستخدامها في الطائرات القاذفة الروسية، لكن من الواضح أن القوات الروسية ستقوم بحراسة هذه الأنظمة وطواقمها، بدلاً من نقلها إلى بيلاروسيا.
ويعتقد الكاتب أن خطة بوتين "مناورة عديمة الفائدة، لأن نقل الأسلحة النووية التكتيكية إلى بيلاروسيا لا يشتري لروسيا أي ميزة عسكرية، كما أن وضع الأسلحة النووية في بيلاروسيا أمر غبي من الناحية الاستراتيجية، لأنه يجلب لبوتين مشاكل سياسية أكثر مما يستحق".

إزعاج الصين وتحذير أمريكا
وربما يكون الأمر الأكثر بلاهة، بحسب نيكولز، هو أن بوتين يخاطر بإزعاج الصين ويشكل تحذيراً لأمريكا. ومع ذلك، فقد داس بوتين على هذه الرسالة بالتهديد بنشر أسلحة نووية خارج روسيا لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة.

أخيراً، يقول الكاتب إن إعلان بوتين يظهر مرة أخرى مدى سرعة لجوء الزعيم الروسي إلى التهديدات النووية، حيث من المحتمل أنه يشعر بالإحباط في هذه المرحلة، خاصة وأن ذكره للأسلحة النووية لم يعد يزعج واشنطن أو بروكسل.


ويرى الكاتب أنه لا ينبغي أبداً الاستخفاف بالتهديدات النووية، ولكن في الوقت الحالي، فإن إعلان بوتين حتى الآن، ليس أزمة تتطلب أي استجابة مباشرة من أي شخص. ومع ذلك، فإن الزعيم الأجنبي الذي يحاول تخليص نفسه من كارثة عسكرية من خلال توجيه تهديدات نووية من المرجح أن يتخذ خطوات حمقاء أخرى.
ومع تقدم الربيع، من المرجح أن يصبح موقف روسيا أكثر خطورة، لذلك يمكننا أن نتوقع من بوتين أن يحاول الضغط على هذا العصب الخام مراراً وتكراراً، خاصة مع استمرار ارتفاع حصيلة الجثث الروسية في أوكرانيا.