بعد تكرار اتهام القوى الغربية للصين بأنها متواطئة مع حليفتها روسيا ضد كييف

الرئيس البرازيلي يتهم واشنطن وبروكسل بـ«تشجيع الحرب» في أوكرانيا

شكّلت زيارة لولا للصين فرصة له لاتهام واشنطن بإطالة أمد الحرب بعد اتهامات الغرب لشي بأنه متواطئ مع بوتين

وكالات

في ختام زيارة للصين، دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الولايات المتحدة، إلى وقف «تشجيع الحرب» في أوكرانيا، قبل أن يتوجّه إلى الإمارات العربية المتحدة، أمس السبت. وشكّلت زيارة الرئيس البرازيلي للصين فرصة له لانتقاد القوى الغربية، بعد الانتقادات التي واجهتها بكين من قبل العديد من القادة الغربين، واتهامها بالتواطؤ مع حليفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحرب الأوكرانية. وهذا ما تنفيه بكين، وتقول إنها ليست طرفاً في النزاع، و«لم ولن» تمد روسيا بالسلاح.

وقال لولا من بكين في ختام زيارة استمرت يومين، «على الولايات المتحدة أن توقِف تشجيع الحرب، وأن تبدأ بالحديث عن السلام»، مضيفاً: «يجب أن يبدأ الاتحاد الأوروبّي بالحديث عن السلام»، والأسرة الدولية يمكنها عندها «إقناع» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن «السلام يصب في مصلحة العالم بأسره».

وتزامنت زيارة الرئيس البرازيلي للصين مع زيارة مماثلة قامت بها وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، لمدة يومين، وكان محورها الحرب الأوكرانية، والدور الذي يرى الأوروبيون أن على بكين أن تلعبه من أجل الضغط على حليفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيقاف الحرب. وطرحت الصين مبادرة من 12 نقطة تدعو إلى إيقاف الحرب، وجلوس الأطراف المتنازعة على طاولة المفاوضات، إلا أن كييف رفضتها، وطالبت بالمقابل بانسحاب القوات الروسية من «جميع الأراضي المحتلة الأوكرانية» شرطاً لإنهاء الحرب، كما أن المبادرة استُقبِلت برفض بعض الدول الغربية، وبفتور من قبل أخرى أوروبية حليفة لأوكرانيا.

وفي اليوم الأخير التقت بيربوك خلال زيارتها الرسمية الأولى لبكين، التي استمرت يومين، كبير مسؤولي السياسة الخارجية الصينية وانغ يي. وتركزت محادثاتهما حول دعم الحكومة الصينية المثير للجدل للحرب الروسية في أوكرانيا، الأمر الذي تنفيه بكين. وكانت قد التقت بيربوك الجمعة بنظيرها الصيني تشين غانغ ونائب الرئيس الصيني هان تشنغ.

واستغل الرئيس البرازيلي فرصة الزيارة للتأكيد على أن البرازيل «عادت» إلى الساحة الدولية، وتأمل لعب دور الوسيط في النزاع الدائر بأوكرانيا. ويأمل لولا الذي عاد إلى السلطة في يناير (كانون الثاني) بعد ولايتين رئاسيتين له من 2003 إلى 2010 من الزيارة، تعزيز العلاقات الاقتصادية مع شريكه التجاري الرئيسي.

وينبغي على الرئيس اليساري أن يقيم توازناً دقيقاً في علاقته مع الولايات المتحدة مقابل علاقاته مع الصين. وشملت زيارته للصين شقاً اقتصادياً في شنغهاي وشقاً تمحور على السياسة في بكين، حيث التقى الرئيس شي جينبينغ، بعد زيارة لواشنطن في فبراير (شباط) إلى واشنطن. وأعرب لولا عن اقتناعه بأن تعزيز العلاقات بين برازيليا وبكين لن يؤثر على علاقة بلاده بالولايات المتحدة. وعبّر الخميس عن أسفه لاستمرار استخدام الدولار الأميركي في معظم مداولات التجارة الدولية، واعتبر أن صندوق النقد الدولي «يخنق اقتصادات دول مثل الأرجنتين». ودعا الرئيسان الصيني والبرازيلي في بكين، الجمعة، الدول المتقدمة إلى الوفاء بوعدها تقديم 100 مليار دولار سنوياً لأكثر الدول فقراً لمكافحة آثار التغير المناخي.

وخلافاً لقوى غربية عدة، لم تفرض الصين ولا البرازيل عقوبات مالية على روسيا وتحاولان لعب دور الوسيط. ويطرح الرئيس البرازيلي فكرة تشكيل مجموعة من الدول يكون الهدف منها العمل من أجل السلام في أوكرانيا. وكان قد وعد قبل زيارته للصين بأن هذه المجموعة ستشكل بعد عودته. ورداً على سؤال حول هذه الفكرة بعد لقائه الرئيس الصيني، لم يعط لولا مزيداً من التفاصيل. واكتفى بالقول «الصبر ضروري» للتحدث مع بوتين وزيلينسكي. وأضاف: «يجب خصوصاً إقناع الدول التي توفر أسلحة وتشجع على الحرب أن توقف ذلك». وحسب وكالة أنباء «الصين الجديدة»، قال لولا وشي جينبينغ إن «الحوار والتفاوض» هما «الوسيلتان الوحيدتان» لحلّ النزاع، ودَعَيا الدول الأخرى إلى لعب «دور بنّاء» للتوصل إلى تسوية سياسية.

ونقلت وسائل إعلام حكومية في الصين عن وزارة التجارة الصينية قولها أمس السبت، إن البلاد «تعارض بشدة» العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض الشركات الصينية على خلفية تورطها المزعوم مع روسيا.

فرضت الولايات المتحدة يوم الأربعاء عقوبات على أكثر من 120 هدفاً، بما في ذلك شركات مقرها الصين، للضغط على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا. وقالت الوزارة إن على واشنطن أن تصحح على الفور ما وصفتها بأنها مخالفات، وأن تكف عن القمع غير المبرر للشركات الصينية. وقالت الصين إن هذه الخطوة تؤثر على أمن واستقرار سلاسل الإمداد العالمية.

ودعت الحكومة الألمانية، الاتحاد الأوروبي، إلى فرض عقوبات على الصناعة النووية الروسية في ظل احتدام حرب موسكو على أوكرانيا. وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، إن من الواضح أن روسيا تستخدم عمداً التبعية في قطاع الطاقة وسيلة لممارسة الضغط، وأضاف: «لذلك تدعو الحكومة الألمانية المفوضية الأوروبية الآن إلى إدراج القطاع النووي المدني جزءاً من حزمة العقوبات التالية».

وتورد روسيا اليورانيوم المستخدم في تصنيع قضبان الوقود النووي، وتقوم بتخزين النفايات المشعة على أراضيها، ضمن أنشطة أخرى في القطاع النووي.

وقال هابيك إن من الضروري أن يصبح الاتحاد الأوروبي أكثر استقلالية عن روسيا، وقال: «لقد قطعنا بالفعل شوطاً طويلاً في العديد من المجالات، بما في ذلك قطاع الطاقة، لكن القطاع النووي لا يزال مفتوحاً».

وذكر الوزير أن من غير المبرر استمرار منح القطاع معاملة تفضيلية، وقال: «التكنولوجيا النووية مجال حساس للغاية، ولم يعد من الممكن اعتبار روسيا شريكاً موثوقاً به هنا». وأوضح هابيك أن هناك حاجة إلى فترات انتقالية: «لكن من المهم أن نبدأ وألا نخشى من اتخاذ إجراء حاسم في هذا المجال أيضاً». وكان هابيك دعا إلى فرض عقوبات على الدول التي تحصل على اليورانيوم من روسيا رغم الحرب، وذلك بعد زيارة قام بها لكييف مطلع أبريل (نيسان) الحالي.

 

 زيلينسكي يبحث مع ماكرون زيارته للصين

 

> أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت أنه ناقش مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الأخير للصين، حيث أثارت تصريحاته الأخيرة انتقادات في أوروبا والولايات المتحدة. وقال زيلينسكي في «تلغرام»: «أجريت محادثة استمرت نحو ساعة ونصف الساعة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (...) نوقشت نتائج زيارة الرئيس ماكرون الأخيرة للصين». وقال ماكرون الذي زار الصين الأسبوع الماضي في مقابلة في نهاية الأسبوع إنّ أوروبا لا ينبغي أن تكون «تابعاً» لواشنطن أو بكين في ما يتعلق بقضية تايوان. وتمسّك الرئيس الفرنسي بتصريحاته التي أثارت جدلًا، قائلاً خلال زيارته لأمستردام الأربعاء إنّ التحالف مع الولايات المتحدة لا يعني «التبعية» لها.