الحوارات تتمدد.. هل اقتربت التسوية في لبنان؟

أرشيفية

برلين

رغم رفض بعض الاطراف والقوى السياسية والحزبية لأي حوار وطني قبل الانتخابات الرئاسية، فإن الوقائع الداخلية اللبنانية تؤكد أن الحوارات الوطنية تتمدد اليوم في كل الاتجاهات من أجل معالجة الازمات المختلفة وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية، ولا يقتصر الهدف من وراء هذه الحوارات التمهيد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل هي تشمل العديد من الملفات والموضوعات بهدف تحصين الوضع الداخلي والاتجاه نحو تسوية وطنية شاملة ترافق عملية انتخاب الرئيس الجديد وتساعد في معالجة كل القضايا الكبرى بما يتزامن مع اجواء التهدئة الحاصلة في المنطقة.


فما هي طبيعة الحوارات القائمة اليوم؟ ومن هي الجهات التي تتولى متابعة هذه الحوارات؟ وما هي ابرز الموضوعات التي تتناولها اليوم؟
إضافة للجهود العلنية التي يبذلها كل من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنائب غسان سكاف من اجل معالجة ملف الانتخابات الرئاسية والتوصل الى عدد محدود من المرشحين، فإن هناك اتصالات مستمرة بين معظم الاطراف الاساسية لحسم الخيارات الرئاسية والذهاب قبل منتصف حزيران المقبل الى جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتتلاقى هذه الجهود الداخلية مع الجهود التي يبذلها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري وعدد من السفراء العرب والغربيين وكلها تؤكد اهمية انتخاب رئيس جديد قبل الخامس عشر من حزيران المقبل.
 
وفي موازاة التحركات لحسم المعركة الرئاسية، فإن حوارات أخرى تجري من خلال العديد من المرجعيات الدينية والمؤسسات الثقافية والحوارية لبحث العديد من الملفات ومنها ملف الحياد وقضية النازحين السوريين وكيفية استكمال تطبيق الطائف والاصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة وصولا لدولة المواطنة وكذلك دور حزب الله والمقاومة والاستراتيجية الدفاعية ودور لبنان في المرحلة المقبلة والتحديات التي تواجه الهوية الوطنية اليوم . ولكن من هي الجهات التي ترعى هذه الحوارات؟ وما هي الآليات التي تعتمد لانجاح هذه الحوارات؟ الجهة الاولى والاكثر حيوية والتي تتولى رعاية الحوارات الوطنية اليوم هي البطريركية المارونية حيث كلّف البطريرك بشارة الراعي العديد من المطارنة والآباء والشخصيات القريبة من بكركي بمتابعة الحوارات الوطنية مع مختلف الجهات ولقد حققت هذه الحوارات نتائج مهمة سواء مع حزب الله أو من خلال انشاء منتدى التفكير الوطني او رعاية واستقبال اللقاء التشاوري الوطني في الاسبوع الماضي او عبر اقامة حلقات حوارية بعيدا عن الاعلام حول مختلف الموضوعات المهمة ، وتحولت مكاتب المطارنة في بكركي الى خلية عمل في هذا المجال. والجهة الثانية الحريصة على متابعة الحوارات الوطنية هي حزب الله، حيث يتولى المسؤولون في الحزب عقد لقاءات بعيدا عن وسائل الاعلام مع عشرات الشخصيات اللبنانية من مختلف الاتجاهات، حيث يستمع المسؤولون في الحزب لكل الاراء ويناقشون مختلف التوجهات من اجل التوصل الى قواسم مشتركة، واصبحت منطقة حارة حريك فضاء حواري دائم حول مختلف القضايا، اضافة لانتقال مسؤولي الحزب الى مختلف المناطق للقاء مع الشخصيات الدينية والحزبية وبعض المجموعات المستقلة والحوار معها.
 
والجهة الثالثة التي تتولى الحوارات الوطنية هي مجموعة من المؤسسات والهيئات الثقافية والحوارية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنة والذي يعقد لقاءات حوارية مستمرة في جبيل وعكار وبالتعاون مع عدة مؤسسات لبنانية، ملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار والمنسقية العامة لشبكة الامان للسلم الاهلي واللذان يعقدان لقاءات حوارية دورية في مختلف المناطق وبالتعاون مع المرجعيات الدينية، المجمع الثقافي الجعفري للبحوث والدراسات الاسلامية وحوار الأديان والذي اقام سلسلة لقاءات حوارية بالتعاون مع نادي الشرق لحوار الحضارات وحركة السلام الدائم وحزب الخضر اللبناني وقد أقاموا سلسلة لقاءات حوارية وهناك توجه لنقل الحوارات الى مختلف المناطق اللبنانية، منتدى التكامل الاقليمي ومجموعة حل النزاعات ومؤسسة اديان ومنتدى التنمية والثقافة والحوار والحركة الثقافية في انطلياس ودار الندوة ومجلة شؤون جنوبية ووحلقة التنمية والحوار في مجدليون وجمعية تصالح التابعة للجامعة اليسوعية والمركز اللبناني للعدالة في طرابلس والرابطة الثقافية في طرابلس والهيئات الثقافية والحوارية المختلفة ولقاء من اجل لبنان حيث اقاموا سلسلة لقاءات حوارية حول مختلف الموضوعات وخصوصا من اجل حماية السلم الاهلي ودعم الاستقرار، وهناك جهود متواصلة لتشكيل هيئة مشتركة للتنسيق بين كل الهيئات الثقافية والحوارية في كل المناطق لوضع برامج مشتركة تؤكد على الاسراع لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ووضع تصور لمستقبل لبنان وبحث مختلف التحديات التي يواجهها اللبنانيون اليوم.
 
كل هذه الحوارات والنقاشات والمنتديات تؤكد أن لبنان اليوم في ورشة حوارية متكاملة غير رسمية، وأن لا مناص امام اللبنانيين سوى اللقاء والحوار على امل ان تحقق هذه الحوارات النتائج المطلوبة وأن تتلاقى مع الجهود السياسية والدبلوماسية لانتخاب رئيس جديد قبل الخامس عشر من حزيران المقبل ويكون ذلك ضمن تسوية وطنية شاملة.
فهل تتحقق هذه الامنية؟ ام أن الالغام الداخلية والخارجية ستقف عثرة امام التسوية الوطنية؟