دراسة تحذر من جفاف ما يزيد على نصف بحيرات العالم

أرشيفية
حذرت دراسة علمية حديثة من أن أكثر من نصف أكبر البحيرات وخزانات المياه في العالم تفقد مستوياتها المعتادة من المياه، فيما يشكل تغير المناخ والاستهلاك البشري المحركين الرئيسيين لهذا الوضع الخطير.
ويعيش حوالي ربع سكان العالم، أو ملياري شخص في حوض بحيرات جافة، وفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة ساينس العلمية.
ويعد انعدام الأمن المائي مشكلة كبيرة، حيث يفتقر مئات الملايين من الأشخاص حول العالم إلى إمكانية الوصول الموثوق بها إلى المياه الصالحة للشرب.
خسارة ما يعادل في الحجم 17 بحيرة
تؤكد النتائج الحاجة الملحة لإدماج آثار تغير المناخ والترسب في الإدارة المستدامة لموارد المياه، "لحماية خدمات النظم البيئية الأساسية مثل تخزين المياه العذبة، والإمدادات الغذائية، وموائل الطيور المائية، ودورة الملوثات والمغذيات، والترفيه"، وفقاً لملخص الدراسة.
حلل فريق الباحثين الدوليين 250 ألف صورة اتخذت من أقمار صناعية للمناطق التي تضم بحيرات، تم التقاطها من عام 1992 حتى عام 2020، لفحص مستويات المياه في 1972 بحيرة من المياه العذبة.
ووجد الباحثون أن 53 بالمئة من البحيرات على مستوى العالم شهدت انخفاضاً في مخزون المياه خلال تلك الفترة، أي خسارة ما يعادل في الحجم 17 بحيرة ميدز، أكبر بحيرات الولايات المتحدة، وفقاً للدراسة.
وتعزى خسارة المياه في البحيرات الطبيعية إلى حد كبير إلى ارتفاع درجة حرارة المناخ واستهلاك الإنسان للمياه.
يؤدي تغير المناخ إلى زيادة احتمالات وشدة حالات الجفاف، والتي تميل إلى أن تكون أكثر سخونة مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، ما يؤدي إلى زيادة التبخر وتفاقم شدة الجفاف، وفقًا لأندرو فريدمان من أكسيوس.
زيادة تقلبات الطقس المتطرفة
تشير الدراسات إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة تقلبات الطقس المتطرفة، مثل الانتقال من الجفاف إلى الفيضانات وتكرار هذه الكوارث.
ويذكر أن هذا هو أول تقييم شامل لاتجاهات ودوافع التباين العالمي في تخزين مياه البحيرة استنادًا إلى مجموعة من الأقمار الصناعية والنماذج"، كما قال مؤلف الدراسة الرئيسي فانغ فانغ ياو، وهو باحث في مجال المناخ في جامعة فيرجينيا.
حسب بيان صادر عن جامعة كولورادو بولدر، فإن الوضع على طول نهر كولورادو الذي ضربه الجفاف في الولايات المتحدة مريعاً في السنوات الأخيرة، حيث انخفضت بحيرة ميد وبحيرة باول، ثاني أكبر خزان في البلاد، إلى أدنى مستوياتها التاريخية.
ارتفعت مستويات المياه في البحيرات في الأسابيع الأخيرة بسبب ذوبان كتلة الثلج القياسية في غرب الولايات المتحدة، ما مكّن مكتب الاستصلاح الأمريكي من إطلاق المزيد من المياه من بحيرة باول إلى بحيرة ميد، والتي توفر المياه لنحو 25 مليون شخص عبر الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذا التأجيل "محدود ومؤقت" وأنه من المتوقع أن تزداد سعة بحيرة باول إلى 30 بالمئة بحلول الخريف، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.
يقول مدير برنامج نهر كولورادو لمنطقة الحفاظ على المياه في وسط يوتا بارت ليفلانج، والذي لم يشارك في الدراسة: "إن الفهم الشامل لمحركات إمدادات المياه أمر بالغ الأهمية لإدارة الخزانات وأنظمة الأنهار بشكل فعال".
وأضاف: "كلما فهمنا بشكل أفضل التأثيرات البشرية على إمدادات المياه لدينا، كنا أفضل استعدادًا كمديرين للمياه".
"سنواجه عددًا أقل من الأزمات، مثلما واجهنا على نهر كولورادو على مدار العشرين عامًا الماضية، وستكون لدينا إمدادات مياه مرنة وموثوقة".
التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
تحذير أممي
وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".
ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40 % في عدد الكوارث بحلول عام 2030.