ليبيا: مجلسا النواب والدولة يصعّدان ضد الدبيبة بورقة حكومة جديدة

احتفالية سابقة في طرابلس والدبيبة يتوسط المنفي والنائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي

طرابلس

يعتزم مجلسا النواب والأعلى للدولة في ليبيا إصدار خارطة طريق جديدة سيتم الإعلان عنها الأسبوع المقبل، تهدف إلى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية تنبثق عنها حكومة جديدة، في خطوة يرى مراقبون أنها تحمل تصعيدا ضدّ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة لحكومة جديدة.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إن “مجلسي النواب والدولة سيصدران خارطة طريق لإجراء الانتخابات الأسبوع المقبل”، مشيرًا إلى أن هذه الخارطة المرتقبة “ستنبثق عنها حكومة جديدة وقوانين انتخابية”.

وأضاف المشري في تصريح تلفزيوني أن “أقصى موعد لإجراء الانتخابات هو منتصف مارس القادم”.

وتابع المشري أنه “إذا رفض الدبيبة تسليم السلطة للحكومة الجديدة فسيتم اتخاذ إجراءات أخرى”، لافتا إلى أنه “يجب تسمية رئيس جديد لمفوضية الانتخابات لأن رئيسها الحالي عماد السايح صدرت ضده أحكام قضائية، وستتم مناقشة كل المناصب السيادية بين المجلسين”.

ويأتي ذلك بعدما أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي الثلاثاء الماضي، أن البلاد وصلت إلى مرحلة حاسمة على طريق الانتخابات، وأن انتهاء لجنة 6+6 من إعداد مشاريع قوانين الانتخابات فرصة لا يجدر تفويتها.

وبيّن أن الوضع الراهن في ليبيا لم يعد محتملا، مؤكدا التزامه بممارسة دوره في تسهيل الحوار بين جميع الأطراف.

كما حثّ المبعوث الأممي القادة الليبيين على التوصل إلى قرارات يقبلها الجميع حول قوانين الانتخابات، داعيا إياهم إلى التحلي بالحكمة وروح التوافق والبصيرة السياسية من أجل التوصل إلى قرارات يقبلها الجميع بشأن الجوانب الخلافية التي تعتري تلك القوانين.

وقوبلت مخرجات اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية التي شكلها مجلسا النواب والدولة 6+6 بفتور محلي وتحفظات حتى من جانب المشري نفسه الذي بادر فور إعلان اللجنة عن مخرجات اجتماعاتها ببوزنيقة في المغرب يوم 7 يونيو الماضي، بالمطالبة بزيادة التفاهم حول مخرجات اللجنة.

وتشهد ليبيا استمرارا لحالة الجمود السياسي وعدم قدرة مجلسي النواب والدولة على التوافق بشأن القاعدة الدستورية والقوانين المنظمة للانتخابات التي يترقبها أكثر من 2.8 مليون ناخب سجلوا للمشاركة في هذا الاستحقاق منذ العام 2021.

وفي وقت سابق دعا مجلس النواب الليبي إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة موحدة للبلاد، في خطوة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتجاوز مرحلة الانقسام السياسي القائمة بين حكومتي الشرق والغرب.

وأكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على “ضرورة وجود حكومة موحدة على كامل التراب الليبي بمهام محددة لتنظيم الانتخابات”، وجاءت تصريحاته خلال لقاء جمعه في يونيو الماضي في مدينة القبة (شرق) مع سفيرة المملكة المتحدة لدى ليبيا كارولين هورندال، بحسب بيان نشره المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق.

وتعيش ليبيا منذ فترة طويلة على وقع انقسام حاد بين حكومتين واحدة يرأسها الدبيبة في العاصمة طرابلس والثانية في الشرق، فشلتا معا في تأمين إجراء الانتخابات التي لطالما عول عليها المجتمع الدولي والأمم المتحدة من أجل نقل البلاد إلى المسار الديمقراطي بعد سنوات من الحرب والفوضى.

وسبق أن تعرضت عدة مواقع بمدينة الزاوية غرب البلاد إلى قصف جوي إثر عملية عسكرية أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية لملاحقة المهربين ومكافحة تجارة المخدرات، وأدى القصف إلى مقتل مدنيين وخسائر مادية فادحة بالبنية التحتية.

وتعليقا على ذلك اعتبر المشري أن “قصف منطقة الماية في مدينة الزاوية بالطيران المسير رسالة من رئيس حكومة الوحدة المؤقتة إلى خصومه”.

وقال المشري إن “رسالة الدبيبة إلى خصومه هي أن كل من يفكر بحكومة جديدة واستبعاده سيستهدف”، لافتا إلى أن “الطيران المسير استهدف منزل عضو مجلس النواب علي أبوزريبة، وهي رسالة إليه بعدما اصطحب وفدا من الأعيان وطلبوا من رئيس مجلس النواب تشكيل حكومة موحدة، وهو الأمر الذي أزعج الدبيبة”.

وقبل أسبوع أعلن المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة أن المشري قدم للمبعوثين الأميركي ريتشارد نورلاند والفرنسي بول سولير مقترحا بشأن خارطة طريق تفضي إلى إجراء الانتخابات، دون الكشف عن تفاصيل المقترح.

وصوت البرلمان الليبي الأسبوع الماضي على اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، وذلك رغم صدور حكم من المحكمة العليا بعدم دستورية التصويت، في خطوة أثارت خلافات جديدة مع المجلس الأعلى للدولة وهددت بانقسام السلطة القضائية.

وبسبب خلافات بين مؤسسات الدولة، لاسيما بشأن قوانين الانتخابات، تعثر في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 إجراء انتخابات كانت مقررة خلال ملتقى الحوار السياسي بين أطراف النزاع المنعقد أول مرة في نوفمبر 2020 في تونس برعاية أممية قبل أن يستكمل في جنيف.