الموازنة العراقية: بين شدّ البرلمان وجذب الحكومة!

"أرشيفية"
في تطور لافت للأحداث في ما يخص موازنة الدولة العراقية للأعوام 23 و 24 و 2025 ، قامت حكومة محمد شياع السوداني بالطعن ببعض بنود الموازنة والتي تمت إضافتها من قِبل البرلمان العراقي أثناء مناقشة الموازنة قبل تمريرها قبل أيام.
حيث طعن بالمواد التالية :
المادة ( 2/اولاً/8/ج/6 )
المادتان ( 28/رابعا/ أ،ب / ( 57 / اولاً /ج )
المادة ( 20 /سادساً )
المادتان ( 62/ رابعاً، والمادة 63/ثالثاً )
والمواد 70 و 71 و 72 و 75
وكذلك الطعن بجملة وردت في المادة 16 المثيرة للجدل و التي خصت إسقاط السُلف حيث كان الطعن على عبارة ( بناءاً على طلبه ).
ورد في مرفق الدعوى التي أقامها السوداني بصفته رئيسا للوزراء، إن الدعوى هي على محمد الحلبوسي بصفته رئيسا للبرلمان، وقد يبدو الأمر روتينياً بحسب السياقات القانونية للقضاء العراقي، لكن الأمر كذلك لا يخلو ربما من وجود خلافات حقيقية بدأت تطفو على السطح بين الحلبوسي والسوداني من جهة، وبين الحلبوسي وقوى الإطار وحلفائه من كتلة العزم السنية من جهة أخرى حيث يدور صراع استبدال زعامة الحلبوسي للمكون السني بشخصية أخرى قريبة من الإطار الشيعي من كتلة العزم بالذات .
قانونية لجوء السوداني للقضاء
في قرارات قضائية سابقة للمحكمة الاتحادية في عامي 2017 و 2021، قضت المحكمة بعدم السماح للبرلمان العراقي بإجراء تعديلات في قانون الموازنة، وقضت فقط بإمكانية إجراء مناقلات مالية، أو خفض الإنفاق، أو اقتراح زيادة الإنفاق وليس إجراء تعديل وإضافة فقرات وفق ما يرتئيه البرلمان.
وبذلك فإن طعن السوداني هو مشروع وصحيح وربما لا يحمل جنبةً سياسية (ظاهراً) وإن كانت الصراعات السياسية واضحة ( باطناً ) وهي موجودة وتهدد استمرار تحالف إدارة الدولة الجامع الرئيسي لتشكيل الحكومة العراقية الحالية .
استغراب برلماني من الطعن الحكومي
في خضم ذلك، رأى برلمانيون أن طعن الحكومة بمواد الموازنة الموضوعة من قبل البرلمان أمر لا طائل منه بعد مصادقة رئيس الجمهورية، وأن كان الطعن الحكومي غير مستبعد، جاء ذلك في تصريحات عدة أبرزها كانت من عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي في تصريحٍ تلفزيوني قائلاً :
"- كنا نتوقع أن يكون هناك طعن في بعض مواد الموازنة من قبل الحكومة، وكان البرلمان يعد العدة لذلك.
- تم طرح أغلب التغييرات على بعض مواد الموازنة في البرلمان والحكومة كانت على علم بذلك.
- مواد الموازنة التي تم الطعن فيها من قبل الحكومة ليست جوهرية ولا يوجد مبرر لذلك.
- الموازنة سارية المفعول منذ المصادقة من رئاسة الجمهورية عليها، ولا إشكال في تطبيقها وعلى الحكومة المضي بها".
وبناءً على هذا التصريح للنائب الكرعاوي، فإن الحكومة كانت قادرة على مناقشة مسودة الموازنة داخل البرلمان، خصوصاً وأن التغييرات البرلمانية كانت بعلم الحكومة بحسب تصريح النائب، فكان الأجدى اذاً مناقشة هذه التغييرات من قِبل الحكومة قبل التصويت عليها وعدم إضاعة وقت لا داعي له الآن، خصوصاً ونحن نقترب من الثلث الأخير من العام الحالي، فعن أي موازنة سنوية نتحدث و العام شارف على الانتهاء ولم نرى فيه إلا جعجعة التصريحات بإقرار الموازنة ولم نرَ غبار الإعمار والبناء الذي وعدتنا به الطبقة السياسية الحاكمة بمجرد إقرار هذه الموازنة المتعثرة كتعثر العملية السياسيةِ في العراق منذ 20 عاماً !