(الجزء الاول)..

الخلاف الأوروبي يتمدد ويلامس"درع السماء"

"أرشيفية"

بروكسل

يعيش الاتحاد الأوروبي حالة حرجة بين فرنسا وألمانيا سببها الأساسي التفرد بالقيادة والسيطرة على الاتحاد الأوروبي، حيث بات واضحًا أن فرنسا تتحدى، خطة ألمانية طويلة الأمد تحمل اسم"Sky Shield"  درع السماء والتي تهدف لبناء نظام دفاع جوي أوروبي.

وقد أفادت صحيفة فايننشال تايمز بتاريخ 19حزيران/ يونيو 2023، بأن الخلاف الاوروبي الداخلي سيلقي بظلاله على مؤتمر معني باستراتيجيات الدفاع الجوي وهو ليس الخلاف الوحيد على خارطة التنافس والتعارض بالرأي على الخارطة السياسة الأوروبية.

الخلاف الفرنسي الألماني المتصاعد

لقد ترجم الطرفان اختلافهما على كيفية التعزيز الفوري للدفاعات العسكرية ضد روسيا وهو مؤشر جديد على تفاقم الانقسام الأوروبي بشأن طريقة مواجهة التهديد الروسي بالإضافة إلى تعزيز القاعدة الصناعية الأوروبية في الوقت نفسه ويهدف جزئياً إلى استعادة الزخم لمبادرة درع السماء المدعومة من ألمانيا والتي أصابت المسؤولين الفرنسيين بصدمة العام الماضي.

ووصف مسؤولون فرنسيون المؤتمر الذي عقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش معرض باريس الجوي بأنه منتدى يهدف إلى إجراء نقاش بين وزراء دفاع الاتحاد الاوروبي وبين المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي الناتو  والمسؤولين التنفيذيين في الصناعة.

ومع ذلك تعكس محاولة ماكرون مزيداً من الخلافات الجوهرية بين باريس وبرلين بشأن كيفية التعزيز الفوري للدفاعات العسكرية ضد روسيا مع تعزيز القاعدة الصناعة الأوروبية في الوقت ذاته.

الردّ الألماني والفرنسي على درع السماء

كشفت ألمانيا في تشرين الاول/أوكتوبر عام 2022، عن مبادرة درع السماء والتي تهدف إلى بناء منظومة دفاع جوي وصاروخي في أوروبا عن طريق شراء معدات بشكل مشترك ووافقت سبع عشرة دولة على المبادرة منذ ذلك الحين من بينها بريطانيا ودول البلطيق والسويد وفنلندا.

وكان لغزو أوكرانيا من قبل روسيا تأثير كبير  خصوصاً إستخدام موسكو للذخائر والصواريخ بكثافة بشن هجماتها الجوية، وكانت بمثابة جرس إنذار لأوروبا بشأن عدم إهمال دفاعاتها الجوية.

ولكن دولاً رئيسية مثل فرنسا، وإيطاليا، وبولندا ظلت خارج المشهد ما يعكس تحديات التغلب على المصالح الصناعية الوطنية حتى مع زيادة الميزانيات العسكرية في جميع أنحاء أوروبا.

لقد تفاجأت باريس بشكل خاص بالإعلان عن مبادرة درع السماء فأرجأت القمة الفرنسية الألمانية تعبيراً عن غضبها بحسب الصحيفة" فايننشال تايمز". وعلى الرغم من تجنب المسؤولين الفرنسيين والألمان توجيه انتقادات علنية لخطط بعضهما البعض إلا أن الخلافات بدأت تظهر بوضوح خلف الكواليس وكانت ألمانيا تخطط لإرسال مسؤول كبير بدلاً من وزير الدفاع، بوريس بيستوريوس، ولكنها تراجعت لاحقًا.

لقد وجه ماكرون انتقادات غير مباشرة لمبادرة درع السماء وبسبب اعتمادها الكبير على منظومات أسلحة مصنعة خارج أوروبا وعدم التفكير بشكل كافٍ في أفضل طريقة لردع روسيا بما في ذلك عن طريق امتلاك قدرات صاروخية بعيدة المدى.

وقال ماكرون في خطاب ألقاه إن الدفاع الجوي يُعد قضية استراتيجية في المقام الأول قبل أن يكون قضية صناعية، ولكنه يجب أن يقوم على تحقيق التوازن بين المهام الهجومية والدفاعية.

يشدد الرئيس الفرنسي على أن بعض الدول يزيد من إنفاقه الدفاعي لشراء أنظمة غير أوروبية بكثافة، لا أقول لهم سوى: أنتم تجهزون مشكلات الغد.

وفي برلين يرى مسؤولون أن الانتقادات الفرنسية لا تستند إلى أساس ويقولون إن الحاجة الملحة لسد الثغرات في الدفاعات الجوية تعني أن شراء الأنظمة الجاهزة يُعد أفضل من عمليات تطويرالأسلحة والتي غالباً تكون مكلفة للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً.

خلافات بشأن منظومة سامب-تي

في خطاب نوايا أُرسل إلى الناتو العام الماضي، وافقت الدول المشاركة في درع السماء على إيجاد حلول عملية لتحقيق تقدم سريع في تطوير الدفاعات الجوية.

وعلى الرغم من أن الدول المشاركة في المبادرة تتخذ قرارات الشراء بشكل خاص، قالت ألمانيا إنها تخطط لشراء منظومة إيريس-تي من شركة ديل دفنس المحلية للحماية من الصواريخ متوسطة المدى ومنظومة باترويت من شركة رايثيون الأميركية للحماية من الصواريخ طويلة المدى ومنظومة Arrow 3 من إسرائيل للحماية من الصواريخ بعيدة المدى .

ووافق البرلمان الألماني، على عمليات الشراء الأولى والتي شملت ست وحدات إيريس-تي مقابل 900 مليون يورو، وتسليم الدفعة الأولى من قيمة صفقة شراء صواريخ Arrow 3، والتي تبلغ 4.3 مليار دولار. فهذا التوجه الالماني الجديد يحدد تموضع ألمانيا في المنظومة الأمنية والعسكرية عالمياً.

ورغم ما شهدته لُحمة حلف الناتو من ضرر في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي كان ينتقد الحلفاء الأوروبيين بشدة جاءت الاستراتيجية الجديدة للتعبير عن دم جديد في عروق تحالف الناتو والسعي لتقوية المنظومة الدفاعية الأوروبية.