العراق يتحرّك...
هل يحق لبغداد استرداد حارق القرآن "موميكا" قانونًا؟

"أرشيفية"
لا تزال ردود الفعل المندّدة عربياً ودولياً بحادثة حرق المتطرف "سلوان موميكا" (37 عاما) ذو الأصول العراقية نسخة من المصحف في العاصمة ستوكهولم، تتوالى خصوصاً بعد أن ازدادت وتيرة الغضب في الشارع العراقي الذي عبّر عن استيائه وطالب مراراً بإحالة "موميكا" إلى القضاء لينال الجزاء عن فعلته.
وأثار طلب العراق من السلطات السويدية بتسليم "موميكا" تساؤلات عن العقوبة التي قد تنتظره وفق قانون العقوبات العراقي، فضلاً عن الإجراءات التي يمكن للعراق اتخاذها في حال امتناع السويد عن تسليم هذا المطلوب.
إهانة عظمى
وبحسب القنصل العراقي، فإن القانون العراقي من خلال رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، تحرّك في إجراءات قانونية تجاه سلوان، لكونه مقيماً في السويد ولم يكتسب الجنسية السويدية حتى الآن، وهذا يتوافق مع مواد القانون العراقي بشأن اتخاذ الإجراءات القانونية تجاهه.
وفي هذا السياق، أدان الباحث في الشأن السياسي العراقي، غانم العابد "جريمة حرق القرآن الكريم في مملكة السويد"، والتي تشكل "اعتداء سافراً على معتقدات المسلمين وانتهاكاً لحرماتهم"، ورأى أنه "بعد إهانة الأخير لأقدس مقدّسات المسلمين والمشاهد المقزّزة التي شاهدها العالم أجمع عند توثيقه لفعلته، تحرّك مجلس القضاء وطالب باسترداد "موميكا" باعتبار أنه مواطن عراقي في الدرجة الأولى، كما أنّ الفعل الذي ارتكبه يمسّ مسلمي العراقي بشكل خاص وكل مسلمي العالم بشكل عام."
وأضاف العابد في اتصال مع "جسور"، أنّ "اتفاقية فيينا تدعم توجّه العراق لاسترداد "سلوان" ومحاكمته في المحاكم العراقية كون ما أقدم عليه يمسّ الداخل العراقي"، قائلا: "حتى لو اعترضت وامتنعت السويد عن تسليمه، يحق للعراق مقاضاتها، لا بل الذهاب بشكل تصعيدي آخر، وهو غلق السفارة السويدية في بغداد وطرد السفيرة السويدية نتيجة هذا الفعل الكبير، خصوصاً وأن "سلوان" بعد قيامه بحرق القرآن الكريم خرج بتصريح آخر مهدداً بإعادة إرتكاب فعلته مرة أخرى مع إحراق العلم العراقي." ولكن ما العقوبة التي تنتظر "موميكا" في العراق؟ وماذا لو امتنعت السويد عن تسليمه؟
عقوبة "موميكا"
من الناحية القانونية، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، لـ "جسور"، إن "هناك إجراءات قانونية لاسترداد المجرم وفق القانون الدولي والقانون العراقي، وبحسب القانون الدولي، فإن مثل هكذا أعمال تُحسب على الدولة التي فيها المُجرم، لأن الدول عليها الالتزام بميثاق الأمم المتحدة 1 و2 و3 الذي يمنع الدول من الإساءة لبعضها البعض سياسياً واجتماعياً ودينياً واقتصادياً".
ويوضح التميمي، أن "مثل هكذا تصرفات تسيء لملايين المسلمين، وقد تُسبب تطهيراً عرقياً لهم، وبالتالي هي تُخالف النظام الداخلي لقانون المحكمة الجنائية الدولية بالمادة 5 و6 وفق اتفاقية روما 1998، كما أن مثل هكذا تصرفات تُوجب تحرك منظمة المؤتمر الإسلامي المعنيّة لمنع هكذا تجاوزات تمسّ الشعور الديني".
أمّا في القانون العراقي، فقد بيّن الخبير القانوني، أن "قانون العقوبات كان صريحاً بالمادة 6 و9 و14 بشأن استرداد المطلوبين والتي تكون بإيعاز من رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى الادعاء العام، وهو ما حدث فعلاً في هذه القضية".
ويشرح التميمي الإجراءات قائلاً: "في الإدعاء العام شعبة خاصة بإعداد ملف استرداد المطلوبين وإحالة الملف إلى إحدى محاكم التحقيق لإجراء التحقيقات في القضية، ثم تُفاتح وزارة الخارجية لإرسال الملف إلى الإنتربول الدولي، الذي بدوره يخاطب السويد لتسليم المجرم إلى السلطات العراقية، وفق اتفاقية الإنتربول الدولي الموقّع عليها 195 دولة، من ضمنها العراق والسويد، وهذه المنظمة تصدّر 7 مذكرات أخطرها الحمراء معززة بالأدلة، وهذه القضية التي نحن بصددها معززة بالأدلة".
ويتابع، "أيضاً المادة 6 و9 من قانون العقوبات تقول إن الجريمة حتى لو ارتكبت خارج العراق وكان لها مساس بالداخل العراقي، فمن الممكن محاكمة الشخص الذي قام بذلك، وفي حال تسليمه فستكون محاكمته وفق المادة 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 التي هي عقوبة ازدراء الأديان التي تصل إلى الحبس لمدة 3 سنوات".
ماذا لو امتنعت السويد؟
وينبّه التميمي، أنه "في حال امتناع السويد عن تسليم المجرم، فإنه يحق للعراق مقاضاة السويد في المحكمة الدولية لكونها خالفت اتفاقية الإنتربول الدولي والاتفاقية 102 من ميثاق الأمم المتحدة، وبإمكان العراق كسب هذه الدعاوى لأن الفعل الذي قام به المجرم يمسّ وحدة وسيادة العراق".
ويشير إلى أن "العراق يمكنه أيضاً الاعتراض لدى السفارة السويدية وحتى طرد السفيرة وغلق السفارة، وفق اتفاقية فيينا الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961".
وكان اللاجئ العراقي سلوان موميكا، قد أحرق في 28 يونيو/ حزيران 2023، صفحات من المصحف أمام مسجد ستوكهولم الكبير خلال عيد الاضحى، ما أثار موجة ردود فعل منددة في العراق والعالم الاسلامي عموماً، واستدعت دول عدة مثل العراق والكويت والامارات والمغرب سفراء السويد للاحتجاج على ذلك.