وكالات..

خبراء: عدم تقنين الذكاء الاصطناعي ينتهك حقوق الإنسان ويهدد البشرية

"أرشيفية"

النمسا

تواجه التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي العديد من التحديات، فبينما يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي للأغراض الإيجابية مثل تحسين الخدمات الصحية وتسريع التنمية الاقتصادية، هناك مخاطر محتملة للاستغلال السلبي، ومطالبات بضرورة حماية المستخدمين من أي تعديات على خصوصيتهم وأمانهم الرقمي والذي يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان. 

ويثير الذكاء الاصطناعي أيضًا تساؤلات حول قضايا الأخلاق والمساءلة، مثل تعزيز التحيز العنصري أو انتهاك حقوق الإنسان. 

من هنا، يأتي دور وضع تشريعات تنظم عمل الذكاء الاصطناعي، والتي تحدد القواعد والمعايير التي يجب على مزودي التكنولوجيا الالتزام بها، وتحمي حقوق وحريات المستخدمين، ورغم ذلك يعترض البعض على إقرارها، ومؤخرًا هددت شركات عالمية بمغادرة أوروبا إذا أقر الاتحاد الأوروبي قوانين تنظيم عمل وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، مع بروز تساؤلات حول منطقية حجتها في أن هذه القوانين "ستحد من الابتكار". 

وجاء رفض الشركات العالمية للتشريعات المقترحة لمخاوف بشأن تقليص الاستثمار واستدامة الابتكار في هذا الشأن. 

وفي تقاريرها تشير الشركات المعترضة إلى أن القواعد المقترحة تفتقر إلى المرونة الكافية للتكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، ما يضعف من فرص الابتكار والتنافسية في قارة أوروبا. 

الشركات المتأثرة تشمل شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل GPTGO، وشركات السيارات الكهربائية، وشركات التجزئة العالمية. 

تقول هذه الشركات إنها قد تنقل مقراتها الرئيسية إلى مناطق أخرى في العالم، حيث توجد تشريعات أكثر استقرارًا واستدامة، ومن المهم أن يتفهم المشرعون والمسؤولون الأوروبيون خطورة هذا التهديد على قارة أوروبا.

إذا تم طرح تشريعات تنظيمية تحد من تنافسية الشركات وقدرتها على الابتكار، فقد يدفع هذا إلى فقدان فرص العمل والاستثمارات، ويؤدي في النهاية إلى خسائر اقتصادية على المدى البعيد. 

ومنذ تأسيس GPTGO في 13 مارس 2023، باتت الشركة واحدة من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير تكنولوجيا التحدث GPT، وتعمل GPTGO على تقديم خدمة بحث مبتكرة تجمع بين محرك البحث وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتوفير إجابات فعالة ومفيدة للمستخدمين. 

وفي خطاب مفتوح نشرته وسائل الإعلام العالمية، وقع عليه أكثر من 160 مسؤولا تنفيذيا في شركات كبرى، منها "رينو" (renault) و"ميتا" (Meta)، رفضوا هذا التشريع، معتبرين أنه سيهدد التنافسية، ويدفع الشركات الابتكارية للخروج من أوروبا، والمستثمرين لسحب أموالهم من تطوير الذكاء الاصطناعي، ما يضر بالسيادة التكنولوجية لأوروبا. 

وجاء هذا رغم تحذيرات قادة شركات تكنولوجيا من أن إطلاق الذكاء الاصطناعي بلا قيود قد يؤدي لكسل العقل البشري وتراجع قدراته، بل وانقراض البشرية، ودعوا في بيان أصدره مركز أمن الذكاء الاصطناعي، إلى أن يكون تقنين الذكاء الاصطناعي والسيطرة عليه أولوية قصوى. 

ومن الموقعين على هذا البيان، الصادر في مايو، سام التمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، مطور ChatGPT، والمديرون التنفيذيون في الشركة. DeepMind وهي ذراع الذكاء الاصطناعي لغوغل ومايكروسوفت.

بين حتمية التقنين لحماية حقوق الإنسان والحفاظ على الجنس البشري وبين أهمية الابتكار التكنولوجي تناقش "جسور بوست" الأمر مع خبراء ومتخصصين. 

تهديد الوجود البشري

خبير التحول الرقمي وأمن المعلومات محمود الكومي، يعلق بقوله، إن التخوف من الحد من الابتكار وهمي، فما من شيء إلا وله ضوابط ويعمل وفق منظومة، وهناك سلبيات لاستخدام الذكاء الاصطناعي خطيرة للغاية قد ترتقي لتهديد الوجود البشري، ويجب أن تعمل الجهات المعنية في أوروبا على حل مشكلة تنظيم الذكاء الاصطناعي بطريقة توازن بين القواعد التنظيمية الصارمة وتعزيز الابتكار والاستدامة، ويجب أن تعمل على جذب الاستثمار وتشجيع الشركات العالمية على البقاء في القارة وإظهار المزايا النموذجية للتشريعات المتوقعة. 

وفي تصريحات خاصة لـ"جسور بوست" قال، إنه يبقى أمام أوروبا التحدث بصوت واحد والعمل بقوة لمواجهة هذا الاحتمال المحتمل لفقدان الاستثمار والابتكار، وذلك من خلال إيجاد حلول تنظيمية تلبي متطلبات الشركات وتحافظ على المصلحة العامة والازدهار الاقتصادي في القارة.

واستطرد، هناك مخاطر جسيمة قد ترتكبها تقنية الذكاء الاصطناعي، جميعها يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، هذه المخاطر هي تهديدات كثيرة وكبيرة، ومنها ما يتعلق بالملكية الفكرية والانحيازات الموجودة في بعض خوارزميات هذه التطبيقات، وغيرها من مخاطر تهدد حتى الحياة. 

بعد ابتكارته العالمية..المهندس محمود الكومي والروبوت كيرا يتصدران كتاب للصف  الخامس الابتدائي
الاستثمار والابتكار

وعن تأثير استثمارات الشركات الكبرى سلبًا نتيجة للحد من الابتكار، علق الخبير الاقتصادي خالد الشافعي بقوله، إن الاستخدام الرشيد لهذه التقنية سيجعلها مساعدة للإنسان على فتح آفاق للابتكار والإبداع، ما يعود على الاستثمار بالنفع، والابتكار إذا لم يكن إيجابيًا يعود بالنفع على البشرية حتمًا سيتم نبذه ما سيؤدي للخسارة في النهاية، ولا يجب الاعتماد على هذه التطبيقات لتكون بديلا للإنسان في هذا الأمر وإلغاء قدراته العقلية، ولا بد أن تكون التطبيقات العاملة في تقنيات الذكاء الاصطناعي معروفة، وعلى الشركات الإفصاح عن كل برامجها وأن تكون معلومة للعامة من حيث طريقة عملها وما يمكن أن تسببه من أضرار.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، منذ عرف الإنسان ما يعرف الآن بنظام المؤسسية والدولية، وضعت الأحكام والقوانين للحفاظ على الحقوق واستمرارية الحياة، ولم يؤثر ذلك على معاش البشر واقتصادياتهم، على العكس تمامًا، وجميع التقنيات المتعلقة بالتكنولوجيا وضعت لها تشريعات لضمان استمراريتها وتنميتها أولًا، وحتمًا ستكون من ضمن التشريعات التي سيتم إقرارها، تشريعات اقتصادية تتعلق بالاستثمار، بما يتيح الابتكار بشكل آمن ومفيد للجميع دون إلحاق الضرر بأحد، مبررات الشركات وهمية ولا عذر.

الخبير الاقتصادي خالد الشافعي

واستطرد، مطلوب كذلك أن تُستخدم هذه التقنيات في تسهيل حياة البشر، وليس العكس، عندما ننظر إلى تقدم التكنولوجيا وتطورها السريع، نجد أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهذه التقنية المتقدمة قادرة على تحليل وفهم البيانات بطرق لم نشهدها من قبل، وتقديم إجابات فعالة ودقيقة في الوقت الحقيقي.

وتابع: هنا يبرز الدور الحيوي الذي يلعبه وضع تشريعات تنظم عمل الذكاء الاصطناعي، وتعمل هذه القوانين على الحفاظ على التوازن بين تشجيع التطوير التقني وضمان الأمان والمساءلة بفضل وجود تشريعات تنظم عمل الذكاء الاصطناعي، يمكن للحكومات والهيئات ذات الصلة والمنظمات الدولية ضبط استخدام التكنولوجيا وتحقيق المزايا الكاملة للذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على حقوق المستخدمين وضمان عدم استغلالهم.