في ظلال الفن المشبوه: القطع الفنية والتبييض المالي لحزب الله

"أرشيفية"

الرياض

يقال إن سوق الآثار والفنون والممتلكات الثقافية بلغت قيمتها العالمية 65.1 مليار دولار في عام 2021، وفقا لفريق العمل المالي (هيئة حكومية دولية لمراقبة غسل الأموال) والتي أصدرت تقريرًا في فبراير/شباط لتقديم المشورة بشأن أفضل الممارسات التنظيمية.

في نيسان/أبريل الفائت، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرًا عن الأنشطة المشبوهة التي يقوم بها حزب الله، والتي كان آخرها استخدام الفن والاتجار بالقطع الفنية والألماس كغطاء لعمليات غسل أموال وتوفير التمويل اللازم، وهو ما دفع بريطانيا لفرض عقوبات على شخص يتاجر في القطع الفنية لصالح الحزب.

هذا الشخص يدعى ناظم أحمد، تعتبره الولايات المتحدة الممول المالي الشخصي لزعيم حزب الله حسن نصر الله، ويُشتبه في قيامه بغسل أموال لصالح حزب الله، فتم استهدافه في إطار ما يسمى بـ"إجراءات مكافحة الإرهاب" في بريطانيا.

وضعته وزارة الخزانة البريطانية على قائمة العقوبات واتُهم في الولايات المتحدة بسبب "استخدام مجموعته الفنية"، والتي تضمنت روائع بابلو بيكاسو وأنتوني غورملي وآندي وارهول، "في أعمال غير مشروعة".

بحسب البيان البريطاني فإنّ ناظم أحمد يمتلك مجموعة فنية كبيرة في بريطانيا ومعروف جيدا في مجتمع الفن البريطاني، وبالتالي تم تجميد جميع أصوله في بريطانيا و"مجموعته الفنية الهامة"، كما مُنع الفنانون البريطانيون والمعارض ودور المزادات من التعامل معه أو مع ست شركات محددة، بما في ذلك معرضه الفني في بيروت الذي تديره ابنته.

أحمد متهم باستخدام الفن لغسل الأموال لأغراض الإرهاب، من خلال شراء وبيع قطع عالية القيمة لإخفاء أصول الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، بحسب البيان البريطاني.

قبلها، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أحمد واثنين آخرين، ووصفته بأنه الممول الشخصي للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. وقالت الوزارة إن أحمد كان يعتبر مانحا ماليا رئيسيا لحزب الله منذ عام 2016.

وفق لائحة الاتهام الأميركية المكونة من 9 تهم فإنّ ناظم أحمد

اعتمد مع شركائه منذ عام 2019 على شبكة معقدة من الكيانات التجارية للحصول على أعمال فنية قيّمة من الفنانين والمعارض الفنية في الولايات المتحدة، وتأمين خدمات تصنيف الألماس في الولايات المتحدة.

وقالت وزارة العدل الأميركية في بيان: "إن أحمد كان مكلفا من جانب حزب الله بإدارة الأموال وتخليص صفقات، وكان يعتقد أن علاقته مع التنظيم اللبناني بعيدة عن الأنظار". وتابعت وزارة العدل الأميركية: "تم التعامل مع أعمال فنية وخدمات تصنيف الألماس بقيمة 160 مليون دولار تقريبا من خلال النظام المالي الأميركي".

إذن، ولمواجهة العقوبات الدولية ومع شحّ التمويل، يواصل حزب الله محاولاته للالتفاف على تلك العقوبات وتسيير أعماله غير القانونية عبر أشخاص و"عصابات مال" يؤمن لهم الحماية مقابل تمويلهم لنشاط الحزب.

أحمد ناظم يعيش اليوم في لبنان على مرأى من الجميع بحسب تقرير استقصائي حول حياته اليومية والعملية وفق موقع NOW LEBANON. يقوم بذلك بغطاء من حزب الله مستبيحا نظام لبنان الضريبي بغطاء سياسي وقضائي وأمني.

استفاد أحمد من الطبيعة الغامضة في كثير من الأحيان لسوق السلع الفاخرة العالمية التي ترتكز في المقام الأول على الماس والفن.

وفي الوقت الذي تم تجميد أصوله الدولية، لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد أحمد في لبنان و"لا يزال يتمتع بحريته دون قيود أو حتى مراقبة لأعماله" المصنفة بـ"غير القانونية" وفق واشنطن ولندن.

وعلى الرغم من تهربه من الضرائب وحرمان الخزينة اللبنانية من عائدات الضرائب التي تشتد الحاجة إليها خلال الأزمة المستعصية التي تضرب الاقتصاد اللبناني،  يستعرض أحمد ثروته في المطاعم والفنادق الفخمة في التي يمتلكها في بيروت وخارجها، دون أن تستجوبه السلطات اللبنانية عن مصدر ثروته، بحسب موقع NOW LEBANON. وينقل الموقع أنه شاع في الماضي أن ناظم أحمد قد منح زعيم حزب الله حسن نصر الله، ماسة كبيرة لإظهار دعمه.

دائما ما يدعي حزب الله أن معظم تمويله يأتي من التبرعات والأرباح العائدة من استثماراته الخاصة, فضلا عن الدعم الذي تقدمه إيران، لكن تقارير كثيرة منها وردت في الإعلام الغربي وأخرى في تقارير رسمية خارجية تؤكد اعتماد الحزب على مصادر غير قانونية للتمويل كتجارة الأسلحة والمخدرات يعمل بعدها لتبييض الأموال الواردة منها بأساليب وطرق مختلفة، ليس آخرها تجارة الفن المشار إليها مع ناظم أحمد وغيره.

يرى اقتصاديون لبنانيون أن النظام المالي اللبناني القائم على السرية المصرفية (قبل رفع السرية المصرفية مع انهيار القطاع المصرفي والتي لا تزال تطبّق بالقطعة) يشكّل البيئة المثالية لغسيل الأموال.

ويستغل حزب الله نظام الـCASH اليوم في شراء أراض أو عقارات أو أعمال فنية وغيرها, لصالح واجهته من رجال المال والأعمال لهدف واحد وهو "تبييض الأموال" والتهرب من العقوبات.

إلى جانب ذلك، يعتمد الحزب بشكل كبير على عائدات تهريب السلع والمحروقات, مع سيطرته على غالبية المناطق الحدودية اللبنانية، ما يجعل مسارات التهريب بكاملها تحت سيطرته.

وبالموازاة مع التهريب البري، يستفيد الحزب من نفوذه الواسع في المؤسسات اللبنانية واضعا يده على الداخل والخارج من المرافق الحدودية الرسمية... وهو ما يمكّنه من تمرير القطع الأثرية المسروقة والقطع الفنية والمجوهرات إلى شركائه في الخارج، من دون حسيب أو رقيب داخلياً، لكنّ "الشمس شارقة والناس ترى" كما يقال، والدول تراقب وتفضح وتعاقب.