الجيش السوداني يضع شروطا أمام الوساطة المصرية لتسوية الأزمة

مقاربة مصرية لوضع حد للصراع الدائر
قال وزير الخارجية السوداني علي الصادق الأربعاء، إن بلاده تنظر “بإيجابية” إلى مبادرة الوساطة المصرية، معتبرا أن تحقيق أهدافها سيصعب في حال إقحام آخرين من خارج المنطقة.
وتستضيف مصر الخميس “قمة دول جوار السودان” التي تبحث سبل إنهاء الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأضاف الصادق في تصريحات إعلامية نقلها التلفزيون الرسمي “ننظر بإيجابية إلى المبادرة المصرية لبحث سبل إنهاء الصراع في السودان ونتمنى تحقيق أهدافها وحل مشاكل السودان”.
لكن المسؤول السوداني رأى أنه “إذا كثرت أطراف المبادرة وتم إقحام آخرين من غير المنطقة فيها (في إشارة إلى كينيا)، فمن الصعب تحقيق أهدافها”.
واعتبر أن الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد “يريدان تحقيق بعض المكاسب في الإقليم”، مضيفًا أن “هذا لا يكون على حساب السودان”. والثلاثاء أعلن السودان رفضه نشر أي قوات أجنبية على أراضيه، واعتبارها “قوات معادية”.
واستنكرت الخارجية السودانية في بيان تصريحات لروتو قال فيها إن “الوضع في السودان يتطلب بشكل عاجل قيادة جديدة تكون قادرة على إخراجه من الكارثة الإنسانية”، كما أعربت عن “دهشتها لتصريحات آبي أحمد بأن هناك فراغًا في قيادة الدولة، مما يفسر عدم اعتراف بقيادة الدولة الحالية”.
والاثنين تضمن البيان الختامي لقمة مجموعة دول “إيغاد” المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا دعوة الدول المشكّلة لقوات “إيساف” إلى عقد قمة من أجل النظر في إمكانية نشر القوة الاحتياطية في السودان.
وأعلن السودان الاثنين، مقاطعة وفده الحكومي لاجتماع اللجنة، معللا ذلك بـ”انتظار الاستجابة لطلبه بتغيير رئاسة كينيا للجنة” المعنية بحل الأزمة في البلاد.
وفي 15 يونيو الماضي أعلنت الخارجية السودانية رفضها رئاسة كينيا للجنة كانت شكلتها المنظمة الحكومية الدولية للتنمية في شرق أفريقيا “إيغاد” في الـ12 من الشهر نفسه لبحث إنهاء القتال ومعالجة الأزمة في السودان.
و”إيغاد” منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1969 تتخذ من جيبوتي مقرًا لها، وتضم كلا من إثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وإريتريا والسودان وجنوب السودان.
ويتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتهامات ببدء القتال منذ منتصف أبريل الماضي، وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية لاشتباكات خلفت أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد على 2.8 مليون نازح داخل وخارج أفقر إحدى دول العالم، بحسب وزارة الصحة والأمم المتحدة.
ويشير وجود مقاربة مصرية للتعامل مع الأزمة السودانية إلى تغير ملحوظ في رؤيتها للصراع الضاري بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتبنيها رؤية متوازنة تجهض ما انتشر مع بداية الحرب حول انحيازها لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان ضد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بينما أيّ وساطة لوقف الحرب لا بد أن تكون غير منحازة لطرف كي تكون اللقاءات مجدية.
وأجرت مصر الأيام الماضية محادثات مع مسؤولين في قوى سودانية مختلفة، بينها الجيش وقوات الدعم السريع، ومنحها استقرار عدد من السياسيين والإعلاميين السودانيين ومئات الآلاف من المواطنين وأسرهم على أراضيها ميزة معنوية، فاختيار هؤلاء الحياة فيها قد يسهم في سرعة التواصل ويمنح الحوارات قوة دفع مساعدة.
وتنطوي المبادرة المصرية على اشتباك سياسي إيجابي مع أزمات السودان، حيث ظلت القاهرة بعيدة عنها لفترة طويلة بسبب حساسيات تاريخية مزمنة من قبل بعض القوى السودانية، وتصورات اعتقدت أن العنصر الأمني حاكم في الرؤية المصرية.
ولم تعلن مصر عن تفاصيل المبادرة التي بموجبها تتولى جمع قادة دول الجوار، والقاعدة التي يستند عليها الاجتماع المنتظر، وكل ما رشح ينصبّ على رغبة عارمة لوقف إطلاق النار، بينما العملية السياسية التالية لا أحد يعلم عنها شيئا، وهي زاوية تحطمت على أعتابها علاقة البرهان بحميدتي وتتباين حولها مواقف القوى السياسية.
وتخشى القاهرة من السيناريوهات الثلاثة المتوقعة، وهي أن تفضي الحرب إلى انتصار قوات الجيش فيعود إلى السلطة فلول النظام السابق ومكوناتها الإسلامية، أو تنتصر قوات الدعم السريع فتحظى الجماعات المسلحة خارج المؤسسة العسكرية النظامية بشرعية في دول أخرى، أو أن تستمر الحرب إلى أجل غير مسمى ويدخل السودان دوامة حرب أهلية جديدة فتعاني مصر من ارتداداتها على مستويات مختلفة.