صحيفة: إيران "حزينة" على روبرت مالي

"أرشيفية"

فرنسا

طاف موضوع المبعوث الأميركي الخاص للملف الإيراني روبرت مالي إلى الواجهة مع إعلان وزارة الخارجية الأميركية قبل أقل من أسبوعين أنه "مُنِح إجازة" من دون مزيد من التوضيحات.

بعدها بأيام، تسربت تفاصيل في الإلام الأميركي ليتبين وفق موقع "سيمافور" الإخباري "أن مكتب التحقيقات الاتحادي يحقق مع مالي بشأن معلومات سرية".

يبدو أنه تحقيق أمني دبلوماسي داخلي وبحسب ما ينقل الموقع عن مسؤول أميركي كبير أنه "تم تسليم مالي إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي"، وسط تهم غير واضحة وكل ما تم الحديث عنه هو "سوء تعامله مع معلومات سرية".هذا في حين يلفت المصدر إلى أن "تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي إشارة مهمة إلى احتمال وجود اشتباه في ارتكاب مخالفات جنائية".

هذا التطور أتى بعد أن أعلنت مالي أن ترخيصه الأمني قيد المراجعة، وأنه يتوقع أن ينتهي التحقيق بـ"نتيجة طيبة وقريبا". وأضاف "لم أحصل على أي معلومات أخرى (...) في غضون ذلك، أنا في إجازة".

في الموازاة، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" أنّ روبرت مالي التقى مع مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد ايرواني عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة.  ويعتقد أن المناقشات خلال هذه اللقاءات دارت حول صفقة محتملة لتبادل الأسرى بين واشنطن وطهران بحسب الصحيفة.

من هو روبرت مالي؟

- روبرت مالي.. المبعوث الأميركي الخاص حول الملف الإيراني.

- قاد جهود واشنطن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني وحل مشكلة الأميركيين المحتجزين في إيران.

- أحد مهندسي خطة العمل الشاملة المشتركة التي وقعت في 2015 بعهد الرئيس السابق باراك أوباما.

- اعتبر من أقوى أصوات الإدارة الأميركية الضاغطة لحل الملف النووي الإيراني بـ "دبلوماسية"

- اتُهم بالسعي لإحياء الاتفاق النووي بـ "أي ثمن"

- عمل مستشارا خاصا خلال إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

- كان عضوا في فريق السلام بكامب ديفيد عام 2000

- صديق شخصي مقرب لوزير الخارجية بلينكن

- عمل في مجموعة الأزمات الدولية خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.

روبرت مالي "مقرب" من إيران؟

بالبحث عن الردود والتعليقات لدى تعيين روبرت مالي مبعوثا خاصا للملف الإيراني عام 2021، يتبيّن أنّ معظم المعارضين لتعيينه اتفقوا على "تسهله مع النظام في طهران". السيناتور توم كوتون (جمهوري) شارك على تويتر مقالاً من «بلومبيرج» يهاجم فيه مالي متهماً الدبلوماسي السابق ب "التعاطف مع النظام الإيراني والعداء لإسرائيل". بالموازاة نشرت مجموعة من النشطاء الإيرانيين في الخارج وثلاثة رهائن سابقين في الحكومة الإيرانية رسالة مفتوحة تعارض تعيين مالي وتتهمه بالفشل في "التعامل مع نشطاء حقوق الإنسان الإيرانيين" بينما "يركز بشكل خاص على إقامة علاقات وثيقة مع مسؤولي الحكومة الإيرانية"، بحسب ما جاء في الرسالة.

وأدت الأبحاث حول مالي إلى الإطاحة به خلال حملة أوباما الرئاسية عام 2008، وتنحى عن منصبه بعد أن أثار منتقدوه لقاءات عقدها في سياق عمله مع حركة حماس الفلسطينية. وقال مالي ل MSNBC في ذلك الوقت: «وظيفتي مع مجموعة الأزمات الدولية تتمثل في مقابلة جميع الأشخاص الجيدين والبغيضين وتقديم تقرير عما يقولونه ولم أنكر قط بمن التقيت، وهذا ما أقوم به".

لكن مالي عاد إلى الدائرة المقربة من أوباما. وفي عام 2014، عينه في مجلس الأمن القومي التابع له حيث ساعد في الإشراف على الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش والتفاوض بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي اتفاقية لمنع انتشار الأسلحة النووية لعام 2015 مع إيران.

‌موقف روبرت مالي من تظاهرات إيران

بعد أن حصر مالي انتفاضة الإيرانيين في الداخل والخارج هي للوصول إلى احترام طهران "حقوق الإنسان"، انطلقت انتقادات واسعة على هذه التغريدة. وطالبت الصحافية والناشطة الحقوقية مسيح علي نجاد، بتنحية مالي من منصبه. وكتبت الصحافية الإيرانية في تغريدة لها بهذا الخصوص: "حان الوقت لكي يتنحى روبرت مالي. فهو يقوم بتحريف إرادة الإيرانيين لتغيير النظام، وبذلك يضر بمكانة الحكومة الأميركية عند الشعب الإيراني".

وأضافت: "كما أخبرت مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان، بأن النظام الإيراني الذي قتل مهسا أميني وعشرات المراهقين الآخرين لا يمكن إصلاحه".

وكان المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران قد كتب على "تويتر": "يُقدم المتظاهرون في واشنطن والمدن حول العالم دعمهم للشعب الإيراني الذي يواصل التظاهر السلمي، مطالباً حكومته باحترام كرامته وحقوقه الإنسانية".

ورداً على موقف روبرت مالي، كتبت الممثلة البريطانية من أصل إيراني، نازنين بنيادي، في تغريدة لها على "تويتر": "إنهم لا يريدون إصلاحات، بل يريدون إنهاء الحكم الديني.. بهذه البساطة".

وتابعت: "من الواضح أن المحتجين في إيران لا يحتجون فقط من أجل احترام كرامتهم وحقوق الإنسان من قبل حكومتهم، بل إنهم يقولون الموت للديكتاتور والموت للنظام الإيراني".

وخلال الانتفاضة العارمة، رفع الشعب الإيراني شعارات ضد النظام في إيران والمرشد علي خامنئي، فيما أراد روبرت حصرها فقط بـ "احترام حقوق الإنسان".

طهران "منزعجة" من إزاحة روبرت مالي

في الداخل الإيراني وحيث يغيب الرأي الآخر في الإعلام المحلي، فإنّ أي تصريح من محلل أو خبير إنما يمثّل رأي السلطات. محلل السياسة الخارجية الإيرانية رحمن قهرمانبور قال إن "ضغوط الجماعات المناهضة لإيران أثرت على إزاحة روبرت مالي حيث كانت تعتبره متساهلا مع إيران ولديه ميولًا معادية لإسرائيل". في الموازاة، رأى محلل الشؤون الخارجية الإيراني مصطفى خوش جشم قال إن السياسة الخارجية للدول لا يقررها أشخاص بمفردهم, مضيفاً أن وجود مالي أو غيابه لن يتسبب بتغيير استراتيجية واشنطن. هذا التصريح لإقامة بعض التوازن فيما رأى مراقبون أنه يدلّ على امتعاض واضح من تغيير مالي. أما مركز "ألف نيوز" فاعتبر مغادرة روبرت مالي "علامة أخرى على ما وصفه بتأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة". وهذا الراي الأخير لهو أكبر دليل على "حزن" غير معلن رسميا من قبل طهران على خلفية إزاحة روبرت مالي.