ارتفاع درجات الحرارة يزيد معاناة قاطني مخيمات النازحين في سوريا

النازحون يواجهون مصيرهم

إدلب

ثمة وسائل كثيرة لتخفيف حدة ارتفاع درجات الحرارة، لكن لا وجود لأي من هذه الوسائل بمخيمات النازحين في سوريا، وتبقى العائلات وأطفالها يواجهون أقدارهم أمام موجات الحر القاسية دون حيلة أو وسيلة.

فمع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة بمحافظة إدلب (شمال غرب) حيث بلغت 47 درجة مئوية، لجأ سكان المخيمات العشوائية المنتشرة في أرجاء المحافظة إلى تبريد أبنائهم بالمياه لحمايتهم من تأثير الحرارة المرتفعة.

وتأثرت مخيمات النازحين في المحافظة بشكل كبير بموجة الحر التي تضرب المنطقة منذ أيام، الأمر الذي عرض حياة سكانها للخطر وخاصة الأطفال. وتشهد دول عربية منذ الخميس الماضي موجة حر شديدة سجلت ارتفاعا ملحوظا بلغت أعلاها 50 درجة مئوية، وسط توقعات باستمرارها لمدة أسبوع.

“الحياة توقفت بشكل شبه كامل في المخيمات”، وفق ما يقول سكانها، خوفا من تأثير الشمس الحارقة والحرارة المرتفعة التي تصاحبها. ويواصل المسؤولون المحليون تحذير سكان المنطقة، ويحثونهم على عدم الخروج من خيامهم إلا للضرورة، حيث لا وسائل للحماية من الحرارة في ظل عدم توفر الكهرباء.

وفيما يوضع الأطفال في أوان بلاستيكية مليئة بالمياه لتبريدهم يسكب البالغون المياه على أنفسهم علها تدرأ عنهم شيئا من الحر، كما يسكب البعض المياه على الخيام لتبريدها. ويعيش أهالي الأطفال المصابين بأمراض مزمنة في قلق كبير خوفا من تدهور صحتهم، فيما بدأ تأثير الحرارة يظهر على بعض الأطفال متمثلا بالإسهال والأمراض الجلدية.

وتزامنا مع ارتفاع الحرارة، ارتفعت أسعار صهاريج المياه بشكل كبير، كما وشمل الارتفاع أسعار قوالب الثلج التي تخفف بشكل ما على النازحين وتساعدهم على التأقلم مع الوضع الحالي، وتبلغ نسبة المخيمات غير المخدمة بالمياه النظيفة في شمال غربي سوريا، ما يزيد عن الـ45 في المئة من إجمالي المخيمات، وذلك بحسب إحصائية صادرة في الثالث من أغسطس الجاري، من قبل فريق استجابة سوريا.

وقالت منظمة “منسقو استجابة سوريا” في بيان إن درجات الحرارة لا تزال في ارتفاع مستمر، لتلقي بظلالها على مخيمات النازحين في شمال غرب سوريا، وتزيد من معاناة النازحين المستمرة، وسط أوضاع إنسانية سيئة تواجه النازحين في المخيمات بسبب الضعف الكبير في عمليات الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات.

وأشارت إلى تسجيل أكثر من 98 حريقا ضمن المخيمات منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، اندلعت نتيجة العوامل المختلفة أبرزها شح المياه الموجودة للتعامل مع الحرائق، ولفتت إلى أن أكثر من 811 مخيما تعاني من انعدام المياه اللازمة، إضافة إلى انخفاض مخصصات المياه في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم وارتفاع معدل استهلاك المياه، لارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير والتي من المتوقع أن تزداد خلال الأيام القادمة.

وحذرت من انتشار الزواحف والحيوانات السامة، والتي تسمح الحرارة المرتفعة بظهورها بشكل كبير، وطالبت بالعمل على حماية الأطفال وكبار السن من موجات الحر الحالية، ودعت المنظمات الإنسانية بشكل عاجل إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين في مخيمات شمال غرب سوريا، والتي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون مدني، في مواجهة درجات الحرارة.

ويقول النازح في مخيم “النور” بقرية زردنه شمالي إدلب خالد حمدي، إن “الأطفال والمسنين يتأثرون بشكل أكبر بدرجات الحرارة المرتفعة”. وأضاف “نضع الأطفال في أوان بلاستيكية مملوؤة بالماء لمنحهم بعض البرودة، فيما يقوم المسنون بسكب الماء على أنفسهم لتخفيف حدة الحر”. وبين حمدي أن الأطفال “يعانون مع عدة أمراض ناجمة عن الحر من بينها الإسهال”.

وأفاد النازح محمد الحلبي بأن “المدنيين بالمخيم يصارعون للبقاء على قيد الحياة تحت تأثير موجة الحر”، لافتا إلى “عدم توفر المراوح ووسائل التبريد في المخيمات”. وأضاف “نعاني من الحر بشكل كبير ونعمل على حماية أطفالنا من تأثيره عبر استخدام المياه المخزنة لدينا”.

وأشار الحلبي إلى أنه “استخدم مروحة سيارة للتبريد لكنه ليس حلا كافيا”، مشيرا إلى أن الحياة في المخيمات “صعبة للغاية وأنهم يعانون من أجل تأمين حتى احتياجاتهم الأساسية”.

وإلى جانب موجة الحر التي يعيشها النازحون في إدلب صيفا فإنهم يعانون سنويا موجات البرد والثلج شتاء، جراء إيواء سكانها في مخيمات بدائية لا تقيهم وسط ضعف إمكانات التدفئة، وغرق العديد منها جراء غزارة الأمطار.

ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن تعداد السكان في شمال غرب سوريا وصل إلى 4.5 مليون نسمة، وأن 1.9 يعيشون في المخيمات، فيما يبلغ عدد الأشخاص الذي يعانون من الانعدام الغذائي 3.3 مليون شخص، وعدد المحتاجين 4.1 مليون شخص.

ولا تعتبر مشاكل النازحين صيف هذا العام وليدة الساعة، فهي مشاكل تتكرر كل عام، في ظل تقاعس واضح من قبل المنظمات الإنسانية والجهات المعنية في اتخاذ إجراءات حقيقية تخفف من وطأة المعاناة الإنسانية.