اجتماع لقيادات دارفور في توغو لتحصين الجبهة الداخلية

حميدتي يقود جهودا لتحييد دارفور عن الحرب في السودان

ينتظم بدولة توغو مؤتمر تشاوري لقيادات إقليم دارفور بمبادرة من قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، لبحث مسألة تحصين الجبهة الداخلية من تأثيرات الحرب الدائرة في السودان.

رغم الانهماك في الحرب.. مبادرات السلام لا تتوقف

الخرطوم

يقود قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) جهودا حثيثة لتحييد إقليم دارفور عن تداعيات الحرب في السودان، إذ نجح في أوقات سابقة في استعادة الهدوء في الإقليم المضطرب واستتباب الأمن فيه ولو جزئيا. ويتمتع حميدتي بنفوذ في إقليم دارفور يمكنه من لعب دور قيادة مبادرات تجنب الإقليم العودة إلى مربع التوتر، فيما لا يزال مواطنوه يستحضرون الذكريات الأليمة للحرب الأهلية التي عصفت بهم.

وانطلق الأحد في العاصمة التوغولية لومي مؤتمر تشاوري لقيادات سياسية وممثلين عن منظمات مجتمع مدني من إقليم دارفور بمبادرة من قائد قوات الدعم السريع. ويتيح المؤتمر الذي ينعقد على مدى يومين الفرصة لقيادات دارفور لمناقشة تداعيات الحرب على الإقليم والسودان، إضافة إلى بلورة اتفاق يفضي إلى اتخاذ موقف موحد حيال درء تأثيرات الحرب على تماسك المجتمع الدارفوري وإيجاد حل جذري للأزمة السودانية بأكملها.

ومن أبرز المشاركين في الجلسات عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي، ووزير العدل الأسبق نصرالدين عبدالباري. وتأثرت أربع ولايات من أصل خمس في إقليم دارفور بالحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي، حيث تحول الصراع في غرب دارفور إلى حرب عرقية.

وتأتي مبادرة قوات الدعم السريع في وقت يعمل فيه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على استمالة الحركات المسلحة في دارفور وفي ظل مساعيه لاستقطابها للانضمام إلى صفوفه. ومنذ انطلاق الصراع بين القوتين العسكريتين في منتصف أبريل الماضي، تصاعدت المخاوف من تفجر الوضع في دارفور، لاسيما أن الإقليم شهد خلال السنوات الماضية اشتباكات قبلية متقطعة.

ويزخر هذا الإقليم الشاسع الذي تسكنه قبائل عدة عربية وأفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت لسنوات، مخلّفة الآلاف من القتلى، فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل قبل عقدين من الزمن.

وتعددت خلال الآونة الأخيرة دعوات إلى تسليح القبائل السودانية، حيث خرج العديد من أهالي قبيلة البجا في مسيرة طالبوا خلالها الجيش بتزويد المدنيين بالسلاح لدعمه في المعارك الدائرة، ما أثار تحركات مماثلة للقبائل الموالية لقائد قوات الدعم السريع الذي يرتبط بعلاقات قوية مع العديد منها ولعب دورا حاسما في تهدئة التوترات والنزاعات القبلية.

ويتلقى قائد الدعم السريع دعما هاما من زعماء قبائل في دارفور، إذ دعا زعماء أكبر سبع قبائل عربية في الإقليم أفراد قبائلهم للانضمام إلى الدعم السريع والانسحاب من الجيش. ومن شأن هذا الوضع تعزيز الإمدادات البشرية للدعم السريع.

وتنتشر قوات الدعم السريع في مساحات شاسعة خاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان، إلا أنها لا تعاني من نقص في المؤن والوقود والذخائر. ويعود ذلك إلى سيطرتها على مصفاة الجيلي للنفط في الخرطوم، وكذلك على مصنع اليرموك للتصنيع العسكري وعدة معسكرات للجيش، ما يمنحها قدرة على مواصلة القتال إلى أمد أطول دون أن تُستنزف.

ويتجه التركيز نحو السيطرة على ولايات دارفور الخمس التي تتصاعد فيها المعارك، بينما يسعى الجيش لحشد معظم قواته في الخرطوم باعتبارها ساحة معركته الرئيسية دون أن يسحب قواته من دارفور وكردفان. ومنذ الخامس عشر من أبريل، أسفر النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل المئات ونزوح أكثر من مليون شخص داخليا وفرار أكثر من 300 ألف شخص إلى الدول المجاورة.

وطالت عمليات النهب والتدمير مصانع ومكاتب ومنازل وبنوكا في الخرطوم. وكثيرا ما تشهد العاصمة السودانية انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات، كما تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية وكذلك نفاد الإمدادات الغذائية. وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها “أي.سي.أل.إي.دي”، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور.

وفشلت جهود السلام التي جرت في جدة السعودية بوساطة المملكة والولايات المتحدة في التوصل إلى أي اتفاق مهم، وتم تجاهل وقف إطلاق النار المتكرر إلى حد كبير. ولم يتمكن الجيش ولا قوات الدعم السريع من تحقيق انتصار، إذ تصطدم هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض في العاصمة الخرطوم بنيران سلاح الجو ومدفعية الجيش.

وانهارت البنية التحتية والحكومة في العاصمة بينما امتد القتال غربا، لاسيما إلى منطقة دارفور الهشة، وكذلك إلى الجنوب حيث تحاول الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال السيطرة على أراض.

وتصاعد الحديث في بعض الدوائر المعنية بالصراع الحالي في السودان حول ضرورة التدخل الدولي على أمل أن يتكفل بردع الجيش وقوات الدعم السريع وحضّهما على وقف الحرب بعد أن دخلت شهرها الرابع، وأخفقت مبادرات متعددة في التوصل إلى تهدئة تمهد لوقف دائم لإطلاق النار.

ويتسم تعامل المجتمع الدولي مع الحرب في السودان بقدر كبير من الارتباك والتناقض وعدم الاستعداد للتدخل مباشرة وتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية، وهو ما سمح للطرفين المتصارعين بزيادة وتيرة المعارك أملا في كسبها أو تثبيت أمر واقع يعمل لصالح أحدهما.