روسيا تؤكد في حوارها الخليجي على عربية الجزر الإماراتية

"أرشيفية"

دبي

تضع إيران على تحالفاتها مع الصين وروسيا نقاط حمراء لا يمكن المساس بها بخاصة لجهة الجزر المحتلة في الإمارات العربية المتحدة، حيث نشرت وسائل الإعلام الروسية خبرًا بتاريخ 13 تموز/يوليو 2023 بأن طهران غاضبة من موقف موسكو بسبب موقفها الجديد من الجزر الثلاث الاماراتية) في الخليج العربي. وعليه، احتجت إيران لدى روسيا في ما يتعلق بنتائج جولة 10 تموز/ يوليو 2023 للحوار الاستراتيجي بين الاتحاد الروسي ومجلس التعاون الخليجي العربي.

أما سبب عدم الرضا الإيراني فيعود لإحدى نقاط البيان المشترك في نهاية القمة بين الطرفين، حيث أبدت روسيا تضامنها مع مقاربات دولة الإمارات العربية المتحدة  في الخلاف الإقليمي على عدة جزر في مضيق هرمز وحق الإمارات بهذه الجزر... فطلبت إيران من موسكو تغيير موقفها بشأن هذه القضية، بينما دعا خبراء محليون إلى مراجعة العلاقات الثنائية. وبعدها  استدعي السفير الروسي في طهران أليكسي ديدوف بتاريخ 12 من الشهر الحالي، إلى وزارة الخارجية للجمهورية الإسلامية لابلاغه الاعتراض حيث احتجت على البيان الختامي للاجتماع العربي- الروسي.

وقال وزير الخارجية الروسي في تصريحات صحفية نقلتها وكالة أنباء تاس الروسية: "عقب اجتماع  مشترك  وقد تم تبني بيان مشترك وخطة عمل مشتركة بين روسيا ومجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 2023-2028، وستكون هذه الوثائق في متناول الجمهور".

وشدد لافروف خلال مؤتمر صحفي عقب صدور نتائج الجولة السادسة من الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي قائلاً: "نرحب بالخطوات المتخذة لتطبيع العلاقات العربية الإيرانية، وتحديدا استئناف العلاقات السعودية الإيرانية مؤخرا، الأمر الذي سيسهم في خلق جو يتسم بالإيجابية في المنطقة بأسرها، ومن جانبنا ندعم شركائنا العرب في سعيهم لإيجاد الحلول الوسطية الرامية لمراعاة مصالح بعضهم البعض ومصالح جميع الأطراف المعنية".

من هنا، اعتُبرت بنود الوثيقة كتحدٍ للدبلوماسية الإيرانية الغاضبة من تناول النزاع على جزر أبو موسى، طُنب الكبرى، وطنب الصغرى، الواقعة عند مدخل مضيق هرمز التي تعود ملكيتها بالاصل الى الامارات العربية والتي تشكل جدلاً بين طهران وأبو ظبي.

تحاول الجمهورية الايرانية ان تلقي نظرة فاحصة على جميع اللغات ذات الصلة بالقضية الخلافية وخاصة بعد ان أعرب المشاركون في محادثات موسكو عن دعمهم لمبادرة الإمارات للتوصل إلى حل سلمي. ذلك على افتراض أنه يمكن إيجاد مخرج من خلال الحوار الثنائي أو المحكمة الدولية.

 

ممثلو وزارة خارجية الجمهورية الإيرانية طالبوا روسيا بتصحيح موقفها من قضية الجزر، وليس فقط عبر الاعتراض على القضايا المطروحة في اجتماع موسكو، بل أيضًا عبر التدخل من قبل المكتب الرئاسي. وأعرب نائب الرئيس للشؤون القانونية، محمد دهقان، في 12 من الشهر الحالي، عن أن طهران لديها حقوقًا حصرية في تلك الجزر، وأن هذا الأمر غير قابل للنقاش. وسبق ذلك تصريح الممثل الرسمي للدائرة الدبلوماسية، ناصر الكناني، الذي أكد أن جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ستظل جزءًا من إيران "للأبد".

تلك التصريحات التي صدرت في موسكو تبدو متعارضة مع العلاقات الودية مع الجيران، ويمكن أن تُفهم كنوعٍ من التذكير أو العتاب للعواصم العربية. في السنوات الأخيرة، عملت طهران على استعادة العلاقات الرسمية مع هذه الدول العربية، وهذا النوع من التصريحات قد يضر بتلك الجهود.

 

 إن للجزر أهمية إستراتيجية من حيث التحكم في مسار المياه عبر مضيق هرمز. تسيطر عليها إيران بشكل فعال وتُدار كجزء من مقاطعة هرمز كان الساحلية. و يتم تضمين أراضيهم في الخط الدفاعي للبلاد: على سبيل المثال ، يقع Bolshoy Tomb في نظام الدفاع الجوي في المنطقة الجنوبية.  وغالبًا ما تقام التدريبات البحرية في منطقة المياه المجاورة.  وتصر طهران على أن قطع أراضي هذه الأرض كانت تنتمي إليها تاريخيًا وفقط في عام 1903 خضعت مؤقتًا للسيطرة البريطانية. ويناشد حقيقة أن الجزر عادت إلى ولايتها القضائية "الشرعية" في غضون أسابيع قبل تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة.

لكن  الرد الإماراتي بحسب الصحف الروسية كانت بطريقة واضحة جدا  متهمين جارهم بـ "الاحتلال".  وغالبًا ما يُطرح الموضوع نفسه على مستوى المنظمات الإقليمية إلا أن العالم العربي ينظر إلى المشكلة بانها قضية احتلال. فدعت جامعة الدول العربية  في قراراتها، طهران بانتظام إلى التخلي عن محاولاتها للتنقيب عن الغاز والنفط  في الجزر. وفي عام 2015، ناشد المشاركون في الدورة 144 لمجلس النادي الإقليمي طالب القيادة الإيرانية بوقف بناء مستوطنات للمواطنين الإيرانيين على ثلاث جزر تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك وقف التدريبات العسكرية على الجزر والمياه الإقليمية حولها وفي المجال الجوي للجزر والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية التابعة للجزر.

تعبِّر طهران عن تجربة سلبية مشابهة مع الصين، حيث حدثت فضيحة خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية في العام الماضي. وفي البيان المشترك، المعروف أيضًا باسم إعلان الرياض، الذي وُقِعَ بعد مفاوضات مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، تضمنت بعض بنوده دعم المبادرة الدبلوماسية الإماراتية للتوصل إلى "حل سلمي" للنزاع على الجزر المتنازع عليها.

هذا البيان أثار استياء إيران بشدة، مما أدى إلى استدعاء السفير الصيني على الفور إلى وزارة الخارجية الإيرانية. وبعد أيام قليلة من ذلك، اضطرت بكين لإرسال نائب رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، تشانغ هوا، إلى طهران لتقديم تفسيرات منفصلة حول الأمر.

وتحسنت العلاقات بين موسكو وطهران خلال العام الماضي، وأصبحت تلك العلاقات تمثل صوتًا مميزًا في الفضيحة الحالية. انتقد قاسم مهبلي، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط، الأصدقاء الداعمين لإيران بسبب عدم اهتمامهم بمطالبها واهتمامهم المفرط بمطالب خصومها، وقد وصف هذا الموقف تجاه المطالب الإقليمية للجمهورية الإيرانية بأنه نتيجة لـ"سياسة إيران الخارجية غير المتوازنة تجاه الغرب". وفقًا للدبلوماسي السابق، تُستغل هذه السياسة من قبل قوى أجنبية أخرى.

 وقال مهبلي إنه إذا كررت موسكو مثل هذه الخطوات، فإن طهران بحاجة إلى التفكير في إجراءات انتقامية ، بما في ذلك في أوكرانيا.

وهذه المواقف سيكون لها تأثير سلبي على موقف الإيرانيين تجاه السلطات الروسية. ووفقًا لهذه التقديرات ماذا ستجعل من نفسها في المستقبل  عندما "تفقد إيران الاهتمام بتطوير العلاقات مع روسيا".

إذا لم يتم تصحيح الموقف بشأن نزاع الجزر من قبل موسكو، فقد يكون من حق طهران تغيير نهجها في السياسة تجاه الاتجاه الأوكراني، وهو ما أشار إليه مراقبون. قد تتمثل هذه التغييرات في إدانة علنية لعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى مراجعة التعاون بين البلدين، بهدف تضييق الاتجاهات العامة في السياسة المتبعة.