"تسونامي الجوع" يهدد الأرمن بعد حصار أذربيجان: ممر لاتشين يقود إلى أزمة إنسانية

"أرشيفية"
لا تكاد طبول حدة التوتر بين أرمينيا وأذربيجان تخفت إلا أن تقرع من جديد والخلافات بين "الجارتين" وإن تعددت فلب المشكلة يكمن في الصراع المستمر منذ عقود على إقليم ناغورني قره باغ. واليوم يهدد "تسونامي جوع" مئات الآلاف من الأرمن في ناغورني قره باغ بعدما أغلقت أذربيجان ممرّ لاتشين مسبّبة بذلك أزمة إنسانيّة كبيرة بسبب النقص الحادّ في المواد الغذائية والطبّية وإنقطاع الكهرباء والماء والمواد الأساسيّة.
"أرمن أرتساخ أو أرمن ناغورني قره باغ يتلقّون طعنة جديدة من أذربيجان من خلال الحصار الذي تفرضه باكو منذ ما يقارب 234 يومًا من دون أن يرف جفن للمجتمع الدولي..." يقول الأكاديمي والخبير في إدارة النزاعات الدوليّة إسحاق أندكيان لـ"جسور"، مشيرًا الى أن "أذربيجان تحاول من خلال لعبة الجوع شدّ الخناق على أرمن أرتساخ من أجل الضغط على أرمينيا لتتنازل عن قسم من أراضيها".
"عمل خبيث"
واستطرد موضحًا "تقوم أذربيجان بهذا العمل الخبيث مستغلّة ً الأوضاع السياسية الإقليميّة والعالميّة، بدءًا من إنشغال إيران الحليفة والجارة الجنوبيّة لأرمينيا بأمورها الداخليّة وتردّدها للتدخّل لصالح أرمينيا خوفًا من إغضاب 15 مليون إيراني من أصل أذربيجاني مقيمين فيها، لا سيّما في المناطق الشماليّة منها، ناهيك عن أن المجتمع الدولي لم يتحرك قيد أنملة مكتفيا بإطلاق المواقف وتوجيه الدعوات لفكّ الحصار وفتح ممرّ لاتشين لتجنّب الكارثة الكبرى.
وصولًا الى روسيا، وهي المعنيّة بالأمر أكثر من غيرها نتيجة تأثيرها الجيوسياسي على كل من أرمينيا وأذربيجان ولأنّها رعت الاتفاق الثلاثي لوقف الحرب عام 2020 بين أرمينيا وأذربيجان، التي لا تزال منشغلة بالحرب على أوكرانيا رغم أنّها نشرت 1960 عنصرًا و90 ناقلة جنود مدرّعة و380 وحدة سيّارات على طول خط التماس في أرتساخ وعلى طول ممرّ لاتشين عملًا بالمادة الثالثة من الاتفاق الثلاثي، ومن المفترض أنّها أبقت الممرّ تحت سيطرة وحدة حفظ السلام التابعة لها لضمان ربط أرتساخ بأرمينيا سندًا للفقرة الأولى من المادّة السادسة من الاتفاق الثلاثي، وأنّها ضمنت تحديد خطة لبناء طريق جديد على طول ممر لاتشين في السنوات الثلاث المقبلة (أي بنهاية السنة الحالية)، ما يوفر الاتصالات بين أرتساخ وأرمينيا، مع إعادة نشر وحدة حفظ السلام الروسية لاحقًا لحماية هذا الطريق سندًا للفقرة الثانية من ذات المادّة من الاتفاق الثلاثي.
حرب بالوكالة؟
وختم أندكيان قائلًا "يكمن الفرق بين إلتزامات أذربيجان وأرمينيا في الاتفاق الثلاثي في أن إلتزامات أذربيجان، لا سيّما ما هو متعلّق بممرّ لاتشين، يخضع لجدول زمني أي يجب على أذربيجان تنفيذ واجباتها خلال ثلاث سنوات في حين أنّ إلتزامات أرمينيا لا تخضع لأي جدول زمني. وبالتالي، الحصار الأذربيجاني لأرتساخ ليس غاية ً بحدّ ذاتها، بل وسيلة تحاول أذربيجان وتركيا من خلالها الضغط على أرمينيا وإبتزازها لتحقيق إلتزاماتها سريعا وسط أزمة جوع خانقة، سائلًا "هل ستخضع أرمينيا للضغوط والإبتزازات الأذربيجانيّة-التركيّة؟ وهل ستتحوّل مسألة أرتساخ إلى حرب بالوكالة بين منظّمة الأمن الجماعي والناتو؟"
أزمة قديمة – جديدة
وخاضت أرمينيا وأذربيجان، الجمهوريتان السوفييتيتان السابقتان في القوقاز، حربين، أولاهما مطلع تسعينيات القرن الماضي، والثانية عام 2020، بهدف السيطرة على منطقة ناغورنو كاراباخ التي تقطنها غالبية أرمينية وانفصلت أحادياً عن أذربيجان قبل ثلاثة عقود.
وبعد حرب خاطفة استولت فيها باكو في خريف 2020 على أراض في منطقة ناغورنو كاراباخ، وقّعت باكو ويريفان وقفاً لإطلاق النار بوساطة موسكو. ومذاك ينتشر جنود روس للإشراف على التقيّد بوقف النار في ناغورنو كاراباخ، لكن أرمينيا تشكو منذ أشهر من عدم فعاليتهم.
وتجدد التوتر حين أعلنت باكو في 23 إبريل/ نيسان أنها أقامت أول نقطة تفتيش عند مدخل ممر لاتشين، الرابط البري الوحيد بين أرمينيا ومنطقة ناغورنو كاراباخ التي خضعت لحصار أشهراً عدة تسبب بنقص في السلع والتيار الكهربائي. وهي خطوة اعتبرتها أرمينيا خرقا لوقف النار الأخير المعلن بين الجانبين.