إلى محمد زعيتر: "خلّيك محترم"

"أرشيفية"

الكاتبة: مريم مجدولين اللحام

"خلّيك محترم"... "خلّيك محترم"... "خلّيك مُحترم"... 

كررها المحامي محمد زعيتر، ابن المتهم في ملف تفجير مرفأ بيروت غازي زعيتر، فيما هرع إلى سحب صور والده عن أرض "قصر العدل". 

اختار سحب صور الوالد، الواحدة تلو الأخرى، من بين صور كثيرة، رصّها ناشطون من شبكة "مدى" على طول أرضية قصر العدل، مع الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، لمتهمين ومطلوبين مباشرين صدرت بحقهم مذكرات استجواب كمسؤولين سابقين وحاليين في الدولة، لم يخضعوا للعدالة.  

لم يجد منسّق شبكة "مدى" كريم صفي الدين، في حديثة لـ"جسور"، ما هو المُعيب و"غير المُحترم" في الإشارة بالإسم والصورة، إلى كل من ساهم في تعليق التحقيق المحلّي وعرقلته بشكل متكرر ومتعمد، إثر سلسلة من الطعون القانونية التي قدّمها هؤلاء المتهمون ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، والتي تجاوزت الـ25 طلباً لإقالته. ومن بينهم طبعًا، الوزير الوالد، غازي زعيتر. 

فوجئ كل من شاهد المقاطع المصوّرة، بترجمة عمليّة لثقافة الإفلات من العقاب، وبأداء تأديبي هزيل، للمحامي محمد زعيتر، الذي كان قد ظهر اسمه خلال مقابلات صحافية سابقة مع قبطان سفينة النيترات "روسوس"... ولعلّ أبرزها، تلك التي بُثّت على شاشة "الجديد" مع الزميل فراس حاطوم، حيث تبيّن حينها، وبالصّدفة البحتة، بحسب ربّان السفينة، أن مكتب المحاماة الذي لاحق شكوى طاقم الباخرة هو "مكتب بارودي" وكان المحامي "محمد زعيتر" إبن وزير الأشغال غازي زعيتر آنذاك والمعني بالملفّ، وابن أخت مدّعي عام التمييز المعني بالملفّ أيضاً القاضي غسان عويدات، يتدرّج عنده، والقبطان يبرز "بطاقته ورقم هاتفه الشخصي كمرجع"، بالرغم من أنّه لم يتوكّل في نصّ الوكالة مباشرة. 

ارتأى المحامي محمد زعيتر ذاته اليوم، وعلى عجلة من أمره، أن يُلملم صور والده كمن يلملم فضيحة. وفي هذا الإطار يقول منسّق شبكة "مدى" كريم صفيّ الدين لـ"جسور" إنه من الواضح أن زعيتر الإبن "كان على استحياء من ذاته، إذ كان يسحب صور والده بسُرعة، تاركًا ما تبقى من الصور" وإن "تصرّفه لم يكن نابعًا من منطلق سياسي بالمعنى المٌباشر للفعل، بقدر ما كان يريد إنقاذ والده من المشهد المُقرف أو المأزق الذي وجده فيه" 

وتابع "من الواضح ان تصرّف  زعيتر الإبن لا يمت إلا عن خجلٍ عائلي. وانطلاقًا من كونه يمارس مهنة المحاماة ويعلم معنى القانون ويعرف تفاصيل هذا الملف ويتابعه، أراد إنقاذ والده من مشهد بشع يُلخّص الواقع، واقع مفروض علينا إلا أننا وضعناه على السطح وأبرزناه للناس بما فيه من رمزية، فكما هناك من يهرب من العدالة، هناك من يحاول تهريب والده من خجل العدالة"

وختم صفي الدين "عندما نكون الفقرة الأضعف، ونواجه شللا على مستوى الحركة تجاه القضية كان لا بد لنا أن نعكس للناس الصورة غير الطبيعية في كل ما يحدث.

في الختام، وبعد مرور ثلاثة أعوام على نيترات الإهمال الأمني، الإداري، العسكري والسياسي، لم يتمكّن القضاء حتّى الساعة من فضّ أي التباس واختلاط واشتباه وارتياب في قضية "بيروتشيما" التي وقعت في 4 أغسطس 2020، ولم يخلص للأسف، إلى الحقيقة المنتظرة. فهل من حلحلة قريبة على وقع الدعوات لتشكيل بعثة أممية مستقلّة لتقصّي الحقائق؟