باربي تحت المجهر: السينما والحريّات في لبنان

"أرشيفية"

لندن

بعد أن غزا فيلم باربي الدول الغربية وسمحت بعرضه دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، حمل لبنان لواء مواجهته، ليخترق خبر احتمال منع عرضه في دور السينما اللبنانية هشاشة بلد يعاني من هزات اقتصادية وسياسية جمة، يضاف إليها مشاكل اجتماعية ازداد تطويقها صعوبة، ولتعاد إلى الواجهة المخاوف من تغليب سياسة القمع، على الحرية التى تغنى بها لبنان يوماً.


فيلم يمر مرور الكرام

فمع كل إطلالة صباح، يصحو اللبنانيون على جرائم قتل واغتصاب أو أخبار انتحار تعد ولا تحصى، بالتالي، ما يخشاه وزير الثقافة على المجتمع اللبناني، بات بحكم الواقع لكنه أتى نتيجة للتفلت الأمني وعرقلة عمل المؤسسات الدستورية وليس بسبب فيلم من المرجح أن يمر مرور الكرام وينساه المواطنون بعد فترة زمنية وجيزة.

في المقابل، لم يبدِ معظم من تواصلت معهم "جسور" في لبنان اهتماماً بمشاهدة فيلم "باربي" أما من حضره، فلم يرَ فيه ذلك الخطر المحدق على المجتمع.

وحاولت "جسور" التواصل مع وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد المرتضى للوقوف على مدى صحة تصريحه إلا أنه امتنع عن الرد.

ودفع تقرير، يفيد بأن فيلم باربي يروج لأنماط اجتماعية تتنافى مع الدين والقيم، بالوزير إلى إبلاغ الحاضرين في لقاء عقد الثلاثاء في الديمان، انّه سيسطّر الأربعاء كتباً إلى كل من وزارة الداخلية والأمن العام والنيابة العامة التمييزية، لمنع عرض فيلم "باربي" في صالات السينما.


لجنة غير متخصصة تتحكم

منع فيلم باربي، إن تم، لن يكون الأول ولا الأخير من سلسلة سياسة القمع التي باتت تطبق أخيراً في البلد الديمقراطي كما أشار المسؤول الإعلامي في مؤسسة سمير قصير جاد شحرور "هذا ما يحدث عندما تقرر لجنة الرقابة المؤلفة من أشخاص لا علاقة لهم بالفن والثقافة أن يحكموا على عمل فني أو ثقافي".

وأشار إلى أن دور لجنة رقابة في الدول الديمقراطية لا يمنحها الحق في إبداء الرأي حول أي عمل ثقافي أو فني، بل يعود للمشاهد أن يقرر ذلك بناءً لمضمون العمل، وربط تأليف اللجنة بشروط ثلاثة "أولاً أن تُدرج تحت وزارة الثقافة، ثانياً أن تتألف من اختصاصيين لهم علاقة بالفن والثقافة ثالثاً أن يحصر عملها في إبداء الرأي حول الفئة العمرية التي يمكنها أن تشاهد هذا العمل".

واذ اعتبر شحرور أن لبنان يروج للديمقراطية في الاعلام فقط "إنما عملياً لم يعد البلد ديمقراطياً"، عرض لخطوات قامت بها المؤسسة "تواصلنا في بداية السنة مع مجلس النواب حول سلسلة من الاقتراحات القانونية أحدها تعديل قانون الرقابة" موضحاً انهم أرسلوا كتاباً إلى 128 نائباً "ولم يتجاوب معهم سوى 11 نائبٍ".


معارك سياسية وهمية

ورجح شحرور أن قرار منع عرض الفيلم جاء على خلفية وجود شخصيات تمثل العابرين جنسياً، مع ربطه الأمر بالسياسة "تناول بعض الزعماء والسياسيين في لبنان قضية الشذوذ والعبور الجنسي لتعمية الرأي العام على فسادهم من خلال خلق معركة وهمية كما تحويل أزمة البلد من أزمة اقتصادية سياسية وأزمة تطوير سلطة إلى بلد ديمقراطي لتتحوّل إلى أزمة طائفية أو مناطقية أو غيرها".

وأكد أنهم كمؤسسة حقوقية "يشددون على حق المواطن في اتخاذ القرار المناسب له بمشاهدة أي فيلم من عدمه" ويرفضون "أن تقرر الجهات الروحية أو لجنة الرقابة عن المواطن فتمنع أفلاماً أو تقتطع أجزاء منها".

وشرح أن الرقابة التابعة للأمن العام في لبنان حين يتعلق الأمر بمشاهد تمس بأي دين من الأديان أو بالجنس أو المثلية "وكي لا تتفرّد بقرارها تتوجه إلى الجهات الروحية لتساندها" كاشفاً أن الأمر حدث مراراً ضمن برامج لمهرجانات افلام قصيرة مغربية ومصرية وأجنبية.

في الختام، بات من غير الضروري التذكير بمدى اتساع رقعة اجتياح الانترنت وتسهيله الوصول إلى كافة المعلومات والمواقع دون استئذان، ومهما بالغ مقص الرقابة في قمعه لن ينجح في الوصول إلى غايته. وإلا فليُقطع الانترنت عن اللبنانيين!