تقرير..

هل بدأ العد التنازلي لتسليم مطلوبي ملف "عين الحلوة" للعدالة؟

"أرشيفية"

بيروت

مؤسف هو الاقتتال الفلسطيني-الفلسطيني في مخيّم البؤس. ويبقى الوضع الأمني داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان مصدر قلق مستمر وتهديد للاستقرار، ويشكل خطرًا مستمرًا على مفهوم "حق العودة إلى فلسطين". تتصاعد التوترات بين "مجموعات إسلامية متطرفة" التي تعمل التي تعمل تحت غَبّ الطَّلَبِ وغَبَّ الأَمْرُ، وبين "حركة فتح"... وما أن يتلاشى تأثير اشتباك معين، حتى يندلع آخر، مما يؤدي إلى سقوط ضحايا وجرحى، ويتسبب في سلسلة من الهلع وعمليات النزوح داخل مخيم عين الحلوة.

في الوقت الحالي، من الصعب توقع نتائج أبعاد وتداعيات الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، الا بتسليم  قتله قائد قوات الامن الفلسطيني في مخيم عين الحلوة  العميد أبو أشرف العرموشي ورفاقه، بالإضافة إلى المتشددين التكفيريين المنتمين لتنظيم داعش الإرهابي، إلى القضاء اللبناني. تعمل هذه المجموعات الإرهابية المتطرفة في إطار أجندات إقليمية تستهدف اختراق استقرار وأمن المنطقة، واغتيال الاعتدال الفلسطيني الذي يتمثل في "حركة فتح". هذه الحركة جمعت الفلسطينيين حول هويتهم وهدفهم، وارتقت بهم من واقع التشتت والشتات إلى مستوى الكفاح من أجل حقوقهم.

استهداف المخابرات الفلسطينية

تزامنت الاشتباكات الأخيرة مع تعرض حركة فتح لمؤامرة كشُفت عن وجود نوايا مبيتة لزعزعة الأوضاع في مخيم عين الحلوة. تظهر هذه المؤامرة من خلال حملات التحريض والتضليل الإعلامي التي استهدفت رئيس المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية، ماجد فرج. وقد وصل فرج إلى بيروت في زيارة رسمية ليوم واحد، تضمنت عددًا من المهام، حيث التقى قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية وقادة في فصائل فلسطينية رئيسية.

يد إيرانية خفيّة في عين الحلوة

هناك من يرى أن اشتباكات مخيم عين الحلوة تندرج في سياق التوترات الفلسطينية الداخلية والإقليمية، وهذا يأتي في إطار ما يجري في اليمن وأحداث أخرى في لبنان وسوريا والعراق وغزة. يبدو أن مشروع التوسع الإيراني قد دخل مرحلة جديدة، حيث يزيد من نطاق تأثيره من خلال ما يعرف بـ "توحيد الساحات". يشمل هذا التوسع المخيمات الفلسطينية في لبنان ويمتد إلى داخل فلسطين، ويهدف إلى تثبيت واقع جديد في المنطقة من خلال إرسال رسالة قوية وعنيفة لجميع الأطراف المعنية.

وكشف النائب مروان حمادة عن دور إيران في الأحداث التي تجري في مخيم عين الحلوة، وأشار إلى أن حقيقة الجرائم والاغتيالات في لبنان معروفة ولكنها ممنوعة من النشر. هذا يشير إلى وجود تأثير إيراني في الأحداث الداخلية في لبنان وقد تكون له دور في تصاعد التوترات والعنف في مخيم عين الحلوة.

منازل لبنانيين تدمرت

تُظهر واقعية الوضع، أنَّ إحدى اللبنانيات القاطنات في حي التعمير منذ أكثر من 40 عامًا، المحاذي لحي الطوارئ في مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، ترفض بشدة أن يتحول المخيم إلى ساحة لتنفيذ أجندات إرهابية أو إقليمية. تعبّر أم محمد، في حديثها لـ "جسور"، عن مأساتها بقولها: "لقد أصبحت منطقة التعمير خارج الزمن. لقد تركنا منازلنا نتيجة الاشتباكات الأخيرة، ودمرت منازلنا وممتلكاتنا، وفقدنا كل شيء ولن يعوضنا أحد. مئات المنازل الخاوية، والعشرات تضررت جراء القذائف والرصاص."

وتابعت أم محمد قائلة: "الجميع يعيش بترقب إمكانية تجدد الاشتباكات إذا لم يتم تسليم المجموعات المسلحة الإرهابية للقضاء اللبناني. نحن نسعى إلى حياة آمنة، فنحن شعب يستحق العيش بسلام، ولا يُعرف متى ستنتهي هذه المأساة التي نعيشها بسبب هذه الجماعات المأجورة. هدفهم تدمير البيوت وإنهاك الشعب اللبناني والفلسطيني، والذين يعانون بالفعل من ظروفٍ صعبة."

الأحمد لتأييد الإجراءات الأمنية اللبنانية

وفقًا للمصادر الخاصة، أشارت زيارة عضو الهيئة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح، والمشرف على الساحة اللبنانية، عزام الأحمد، إلى انعكاس الارتياح داخل الأوساط اللبنانية بسبب وصوله على وجه السرعة من رام الله إلى بيروت بهدف تفادي المؤامرة. بدأ الأحمد سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين السياسيين والأمنيين في لبنان، حيث قام بإيضاح قرار دعم السلطة الوطنية الفلسطينية للسلطة الشرعية اللبنانية في جميع القرارات المتعلقة بالتدابير الأمنية لضمان الوضع في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

هذا الدعم ينبع من قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدعم إجراءات الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لتطبيق النظام والقانون في أعقاب الاشتباكات التي وقعت في مخيم عين الحلوة.

في تصريحه، أكد الأحمد قائلاً: "نرغب في أن يتمكن القضاء اللبناني من محاسبة جميع الأفراد الذين خرجوا عن حدود القانون، والذين شاركوا في جريمة اغتيال العميد العرموشي والذين شاركوا في الاشتباك المفتعل الذي وقع في بعض مناطق مخيم عين الحلوة، وحتى في بعض المناطق اللبنانية المجاورة. هذه الاشتباكات أدت إلى تشريد آلاف العائلات اللبنانية والفلسطينية وتسببت في دمار لا يمكن أن يكون مقبولًا. يجب أن يتوجب أن يكون الدمار والسلاح موجهين ضد العدو الصهيوني وليس بين الفصائل المختلفة."

وأشار الأحمد بشكل غير مباشر إلى أن ما جرى ليس محدودًا في النطاق اللبناني، وأن الأحداث التي وقعت كانت تتزامن مع اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين بمصر. هذا الاجتماع كان يهدف إلى تعزيز وحدة الفصائل الفلسطينية لمواجهة الاحتلال ومكافحة أي محاولات للتلاعب بالقضية الفلسطينية على الصعيدين الإسرائيلي والدولي.

وأضاف الأحمد: "حوادث متفرقة هنا وهناك ليست بعيدة عن نفس الخطة المؤامرة، سواءً كانت غزوات جنين ومخيم جنين ونابلس وبلاطة ونور شمس في طولكرم. وهي ليست بعيدة أيضًا عن المحاولات التي تسعى إلى إخماد قضية فلسطين، لكننا نبقى على يقظة. نحن نعمل أولاً على تصحيح تفكير الضالين ليعودوا إلى الطريق الصحيح، ونعزز الأمن والاستقرار في مخيم عين الحلوة."

رهن الاختبار بتسليم القتلة

كما كشفت مصادر فلسطينية خاصة لـ "جسور" أن هناك اتفاقًا تم التوصل إليه بين القيادات الفلسطينية والحكومة اللبنانية، ويتمثل هذا الاتفاق في قبول القيادات الفلسطينية منح مهلة مدتها عشرة أيام لتسليم جميع الأفراد المطلوبين والمتهمين باغتيال قائد قوات الأمن الفلسطيني في مخيم عين الحلوة، العميد أبو أشرف العرموشي، ورفاقه، بالإضافة إلى جميع المحكومين الذين ذُكرت أسماؤهم في القضية وينتمون لتنظيم داعش الإرهابي.

وأكدت المصادر أنه إذا لم يتم تسليم هؤلاء الأفراد خلال المهلة المحددة، فإن الأمور ستعود إلى نقطة الصفر، مشيرة إلى أن هذا الاتفاق يعكس جهودًا للحفاظ على الأمن والاستقرار في مخيم عين الحلوة.

أسماء المطلوبين من تنظيم داعش

في تاريخ ٣١ تموز الماضي، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الإداري خليل جابر ١٥٧ حكمًا في دعاوى جنحية وجنائية، وهذه الحكم العددي يعتبر سابقة للمحكمة بالنسبة لعدد الأحكام التي أصدرتها في جلسة واحدة، حيث استمرت جلسة المحكمة حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً.

ومن بين هذه الأحكام، أصدرت المحكمة أحكامًا غيابية في حق عدد من الأشخاص، ومن بينهم الفلسطينيون: أحمد عبدالله العبدالله، عمر فايز الناطور، يوسف إسماعيل، عصام قاسم أحمد، مالك أنور الآغا، وعلي عبد الجبار حسن. جميع هؤلاء الأشخاص منتمون إلى "تنظيم داعش الإرهابي" وتحديدًا إلى مجموعتي فادي إبراهيم العلي وهيثم الشعبي، ومقرهم مخيم عين الحلوة.

وقد أصدرت المحكمة أحكامًا بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة في حقهم جميعًا، إضافةً إلى إلزامهم بتسليم بندقية حربية. وتمتاز هذه الأحكام بأنها تتعلق بجرائم متعددة، منها المشاركة في المعارك العسكرية ومراقبة تحركات الجيش اللبناني واستهداف مراكزه، والتخطيط للقيام باغتيالات وتفجيرات.