توسع مشاركة المرأة يُسرع تحول الاقتصاد السعودي

تمكنت السعودية من أن تترك آثارا واضحة لرهاناتها على تمكين المرأة في تسريع التحول الاقتصادي بعدما لوحظت خلال السنوات الأخيرة قفزة هائلة في مشاركتهن بكثافة في سوق العمل سواء في القطاع العام أو الخاص، ما اعتبره البعض تتويجا بارزا لمسيرة الإصلاح الدؤوبة.

القيادة فن ومتعة وهندسة!

الرياض

اعتبر خبراء أن تراجع معدلات البطالة بين السعوديات في السنوات الأخيرة وزيادة مشاركتهن في الحياة الاقتصادية لأكبر اقتصادات المنطقة العربية يشكلان ثمرة أولى في طريق طويل لجعلهن أكثر تمكنا في المستقبل.

ولدى المسؤولين بقيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قناعة بأن توسع مشاركة السعوديات ستكون له منافع كبيرة بحلول نهاية العقد الحالي من بينها خفض تحويلات الأجانب وتغيير نمط الاستهلاك وتوسيع حجم الدورة الاقتصادية في البلاد.

ويؤكد الخبراء أن تمكين المرأة السعودية يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد ويزيد من انفتاحه على أحدث التقنيات والنشاطات الجديدة، والتي ستكون حجر الزاوية في سياسات الرياض في السنوات القادمة.

وفي أحدث تقييم يرصد مدى مساهمة المرأة في بناء الاقتصاد منذ إعلان رؤية 2030 قبل ثماني سنوات، بلغ معدل مشاركة النساء في سوق العمل في السعودية خلال الربع الأخير من العام الماضي 36 في المئة.

وبحسب تقرير أصدرته الهيئة العامة للإحصاء فإن ذلك الرقم المسجل هو أعلى من 35.6 في المئة تم تسجيلها في الفترة ذاتها قبل عام، مما يعني أن الحكومة جنت ثمارا أكثر في سياق خطط توطين الوظائف بشكل عام.

وانخفض معدل البطالة بين النساء بشكل ملحوظ في الربع الرابع من العام الماضي ليصل إلى 15.4 في المئة، مقارنه بالأعوام الثلاثة السابقة. وأوضح التقرير أن نسبة المشتغلات السعوديات من السكان ارتفعت لتصل إلى نحو 30.4 في المئة، مقابل 27.6 في المئة بنهاية عام 2021.

ووفقا للأرقام الرسمية، بلغ إجمالي عدد المشتغلات من النساء خلال الفترة المذكورة 1.47 مليون سعودية، وهو الأعلى مقارنة بالربع الرابع من 2021، والبالغ 1.22 مليون امرأة.

ويتوزع هذا الرقم بواقع 861.2 ألف امرأة في القطاع الخاص، وحوالي 609.4 ألف موظفة في القطاع الحكومي. ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد بنهاية العام الحالي.

وتستهدف رؤية 2030 رفع مشاركة المرأة في سوق العمل، إذ تسعى الدولة لتمكين المرأة في كل المجالات والقطاعات والأنشطة وحتى جعلها تحظى بمناصب قيادية في الشركات والتي كانت لسنوات طويلة حكرا على الرجال.

وأقرت الحكومة إصلاحات لتعزيز مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، منها توحيد سن التقاعد للجنسين، ومنع التمييز بين الجنسين من حيث الأجور ونوع الوظيفة ومجالها وساعات العمل، وكذلك تمكين المرأة من ممارسة الأعمال التجارية دون الحصول على موافقة مسبقة.

وتنصّ خطة الإصلاح الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة منذ أبريل 2016 على رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40 إلى 60 في المئة وزيادة نسبة النساء العاملات من 22 إلى 30 في المئة بحلول عام 2030.

وشهدت السعودية سلسلة قرارات بالتخلّي عن عدد من القوانين والأعراف الرسمية التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارات ودخولهن ملاعب كرة القدم وقاعات السينما وغيرها من الأنشطة التي كانت محظورة عليها.

وعلى غير العادة، أصبحت المرأة السعودية تتولّى مناصب قيادية، أبرزها بنوك ومؤسسات مالية مهمة في البلاد، مثل رئيسة مجلس إدارة البورصة المحلية سارة السحيمي التي أعيد تعيينها في يناير الماضي على رأس هذا المنصب بعد توليها ذلك في 2017.

ومن أبرز القياديات السعوديات في الوزارات تبرز إيمان المطيري وهي نائبة وزير التجارة، وفرح إسماعيل وكيلة لوزارة الاقتصاد والتخطيط لشؤون التنمية القطاعية والمناطقية.

وفي مناصب حكومية أخرى، تم العام الماضي تعيين ريما آل صقر في منصب مدير عام إدارة تحليل أداء الميزانية بوزارة المالية ويارا العساف في منصب مدير عام الشؤون القانونية في هيئة تنمية الصادرات وإيمان العمر كنائب الأمين العام للخدمات المساندة في الهيئة ذاتها.

وفي خضم ذلك شهد قطاع السياحة إقبالا من النساء السعوديات انطلاقا من أهمية القطاع في البلاد ودوره في التنمية الاقتصادية، حيث بلغ إجمالي المشتغلات في المنشآت السياحية لعام 2020 بمختلف الأنشطة الاقتصادية 66.8 ألف امرأة.

وبينما بلغ أعلى عدد للموظفات السعوديات داخل القطاع السياحي في نشاط تقديم الطعام والشراب 41.2 ألف موظفة، كان أقل عدد للمشتغلات في نشاط نقل الركاب بالسكك الحديدية، حيث بلغ حوالي 83 موظفة.

وبحسب بيانات التقرير الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، فقد بلغ إجمالي المشتركات على رأس العمل الخاضعات لأنظمة ولوائح التأمينات الاجتماعية حسب المجموعات الرئيسة للأنشطة الاقتصادية 970.3 ألف موظفة.

وسجل أعلى عدد للموظفات في نشاط تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية 192.9 ألف موظفة، ويليه نشاط التشييد بنحو 139.6 ألف موظفة، وأنشطة الصحة البشرية والخدمات الاجتماعية بنحو 111 ألف موظفة سعودية.

واتخذت الحكومة طيلة السنوات الأخيرة قرارات متلاحقة وغير مسبوقة لدعم مشاركة المرأة الاقتصادية ومنحها حقوقا واسعة من أجل خفض معدلات البطالة المرتفعة لدى السعوديات. كما أطلقت الرياض مبادرات متنوعة تهدف إلى تمكين المرأة السعودية، منها مشروع تمكين القياديات النسائية في مواقع اتخاذ القرار، ومشروع تحقيق التوازن بين الجنسين في الخدمة المدنية.

وإلى جانب ذلك تم إطلاق مشروع إستراتيجية العمل عن بعد في الخدمة المدنية وأيضا مشروع دور ضيافة الأطفال في مقرات العمل والمنصة الوطنية للقيادات النسائية السعودية (قياديات).