سلاح حزب الله يهدد بإشعال التوتر الطائفي في لبنان

أثارت حادثة الكحالة وما نجم عنها من اشتباكات دامية توترا في لبنان بين مؤيدي حزب الله وخصومه الذين ينتقدون امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة يقول إنها لمواجهة إسرائيل، وتؤاخذ عليه أطراف في الداخل أنه يستخدمها للتحكّم بالحياة السياسية في لبنان.

سلاحنا يضمن حكمنا

بيروت

انتشرت قوات من الجيش اللبناني الخميس في قرية مسيحية كانت مسرحا لاشتباكات دامية الأربعاء بين السكان وأعضاء من جماعة حزب الله الشيعية المدججة بالسلاح، وسط تحذيرات من اشتعال نار التوتر الطائفي في البلد الذي تعصف به الأزمات الاقتصادية والسياسية.

وقُتل اثنان أحدهما عضو في حزب الله والآخر مسيحي من سكان المنطقة في تبادل إطلاق النار الذي وقع الأربعاء في قرية الكحالة بالقرب من بيروت، في حادث بدأ عندما انقلبت شاحنة تابعة للحزب ومحملة بالذخيرة أثناء مرورها بالمنطقة.

وكانت هذه المواجهة هي الأكثر دموية بين حزب الله المدعوم من إيران ولبنانيين معارضين له منذ اشتباكات وقعت في بيروت قبل عامين، مما يلقي بالمزيد من الضغوط على الاستقرار في بلد يعاني بالفعل من أزمات سياسية واقتصادية عميقة.

وانتشرت الخميس حوالي 10 عربات عسكرية حول الكحالة، بما في ذلك المنطقة الرئيسية بالبلدة بالقرب من كنيسة كبيرة كان جرسها يدق طوال الليل في أعقاب الاشتباك.

ويقود الجيش جهودا لتهدئة الوضع، حسبما قال ممثلو حزب الله والقوات اللبنانية، وهي فصيل مسيحي معارض بشدة لحزب الله وله وجود سياسي في منطقة الكحالة.

وقال نزيه متى، النائب عن منطقة قضاء عالية من حزب القوات اللبنانية، إن “التوترات عالية جدا. قيادة الجيش تحاول تهدئة الأمور”.

وفي السنوات الأخيرة، عانى لبنان من انهيار مالي وعاش أصعب فتراته اضطرابا منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. كان السبب وراء كل ذلك عقود من الفساد والهدر من قبل النخبة السياسية الحاكمة.

وحزب الله، الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982، هو أقوى جماعة في لبنان. ولطالما كانت ترسانته العسكرية محورا للصراعات في لبنان حيث يتهمه معارضوه بتقويض الدولة.

واتهم الطرفان بعضهما البعض ببدء إطلاق النار الأربعاء، والذي اندلع بعد تجمع الناس حول الشاحنة التي انقلبت في منعطف ضيق على طريق رئيسي سريع يربط بيروت بوادي البقاع وسوريا.

وشُيّع جثمان عضو حزب الله الذي قُتل في أعمال العنف، ويدعى أحمد قصاص، في جنازة ذات طابع عسكري بالضاحية الجنوبية لبيروت، وكان نعشه ملفوفا بعلم حزب الله الأصفر.

وقال مسؤول وحدة التبليغ والأنشطة الثقافية في حزب الله علي فحص إن “ما جرى في الكحالة هو اعتداء واضح… شهيدنا قتل مظلوما في هذا الاعتداء السافر وغير المبرر”.

وأضاف “في السابق حصلت الكثير من الأحداث التي حاول البعض  استدراجنا إلى الفتنة من خلالها، لكننا صبرنا ولم نستدرج، واليوم نصبر ولن ننجر إلى الفتنة ولن نحقق أهداف من يريد أخذ البلد إلى الفتنة”.

واتهم نواب محليون من القوات اللبنانية، وهو حزب مسيحي معارض لحزب الله، الجماعة بنقل أسلحة في الشاحنة.

وقال حزب الله إن الشاحنة تابعة له، واتهم “ميليشيات” في المنطقة بمهاجمة طاقمها، قائلا إن أحد الرجال “المولجين بحماية الشاحنة” أصيب قبل أن يُتوفى لاحقا. وأضاف في بيان أن تبادلا لإطلاق النار وقع مع “المسلحين المعتدين”. ولم يأت على ذكر حمولة الشاحنة.

واعتبر التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل أن “ما حصل عند كوع بلدة الكحالة جرس إنذار للخطر المحدق بدولة تتحلّل ومجتمع يتشنّج”، لافتا إلى أنه “رحم الله ‘أبويوسف’ فادي بجاني وكلّ ضحية سقطت نتيجة قصور من حزب الله أو القوى الأمنية ومحاولة استغلال من المزايدين”.

وأشار إلى أنّنا “إذ نعزّي أهل الشهيد بجاني وعموم أهالي الكحالة الحبيبة نعلن تضامننا معهم، ونعتبر الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية مسؤولة عن ضبط الوضع وإجراء التحقيقات وكشف الحقيقة وأسباب التأخر في معالجة ذيول الحادثة ومحاكمة أي مرتكب ومقصّر”.

ولفت إلى أنه “يرفض كلّ انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الأجواء والتسبب بفتنة يسعى إليها كثيرون في الداخل والخارج”، مشددا على أن “أي استغلال للأحداث، طارئة كانت أو مفتعلة، يدعونا كلبنانيين إلى الإسراع في حلّ مشاكلنا، فقط بالحوار البنّاء والهادف، لأن أي فتنة هي بمثابة انتحار جماعي سيعمل التيار مع العقلاء على منعها”.