العراق يكافح لفطم نفسه عن الغاز الإيراني

بداية مشجعة

بغداد

يسعى العراق إلى إثبات أنه قادر على فطم نفسه عن الغاز الإيراني، الذي ظل معتمدا عليه لعقدين من الزمن من خلال الإسراع في بناء محطات طاقة مستدامة لتوليد الكهرباء وزيادة الاستثمار والبحث عن مصادر بديلة.

وافتتح رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الخميس وحدتين لإنتاج الطاقة الكهربائية في محافظة ميسان جنوب شرق البلاد في سياق خطط تعزيز الشبكة المحلية.

وقال السوداني خلال مراسم التدشين إن "المشروع سيرفد المنظومة بطاقة جديدة تبلغ 250 ميغاواط، وهو من المشاريع الإستراتيجية التي ستُسهم في تقليل إنفاق الموازنة التشغيلية خاصة ما يتعلق باستيراد الغاز".

ويستورد العراق من إيران 20 مليون قدم مكعبة قياسية يوميا، فيما يتطلب توفير 70 مليون قدم مكعبة قياسية يوميا من الغاز لتشغيل المحطات، إضافة إلى نحو 1300 ميغاواط من الكهرباء.

وجاء ذلك بينما تواصل بغداد مساعيها لاستبدال الغاز الإيراني المستورد الذي تحتاج إليه البلاد لإنتاج الكهرباء عبر خطة لتوفير عدد من الحلول من بينها استيراد الغاز من تركمانستان وقطر، وتنفيذ مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة.

ويعدّ ملفّ الكهرباء حساسا في العراق، فسكانه البالغ عددهم 43 مليون نسمة يعانون بشكل يومي انقطاعا متكررا للتيار قد يصل إلى عشر ساعات، ويزيد الأمر سوءا ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال الصيف.

وينفق البلد العضو في أوبك المليارات من الدولارات لزيادة إنتاجه من الغاز لتجنب اضطرابات الإمدادات التي أسهمت في انقطاع التيار الكهربائي بشكل حاد والاضطرابات التي شهدتها السنوات الأخيرة.

وينتج البلد حاليا 20.5 ألف ميغاواط من الكهرباء أي أقل بكثير من نحو 24 ألف ميغاواط، التي يحتاج إليها لتلبية الطلب حاليا، وهي احتياجات يتوقّع أن تتعاظم في المستقبل في بلد تتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف عدد سكانه بحلول العام 2050.

وركزت وزارة الكهرباء خلال المرحلة الماضية على تنفيذ مشاريع الدورة المركبة، وقد تم توقيع المرحلة الأولى لإنتاج ما يقارب 1140 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.

ومن المرجح توقيع المرحلة الثانية من مشاريع الدورة المركبة حتى يصل إجمالي الطاقة إلى أربعة آلاف ميغاواط ستنفذ بدون الحاجة إلى وقود إضافي.

وأوضح السوداني أنّ الحكومة مستمرة على أكثر من صعيد لتحسين واقع منظومة الكهرباء وأن كلّ المشاكل والأزمات التي تعرضت لها منظومة الكهرباء هي خارج إرادة الوزارة، بسبب إشكالية استيراد الغاز.

وسارعت الحكومة إلى معالجة هذه المشكلة عبر قرارات تتخذ لأول مرة، وتم حسم موضوع تسديد المستحقات من خلال المقايضة بالنفط الخام والأسود مع إيران، التي تورّد الغاز لتشغيل المحطات.

وقال السوداني إن “الحلول المستقبلية لاستثمار الغاز الذي يحرق ولا يستثمر عن طريق عقد مع توتال أنيرجيز أو الجولة الخامسة أو العقود التي من المؤمل توقيعها قريبا”.

وأضاف "سيكون العراق أمام استحقاق مهم، وهو انتفاء الحاجة إلى الغاز المستورد خلال مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات حال إكمال هذه المشاريع، التي ستوفر أيضا استقلالية الطاقة والاعتماد على الغاز العراقي".

وتواصل بغداد العمل مع الجانب الأميركي بشأن دفع مستحقات إيران مقابل واردات العراق من الغاز والبالغة أكثر من 10 مليارات دولار.

وتعتمد المحطات الكهربائية العراقية بشكل كبير على الغاز الإيراني، لكن بفعل العقوبات الأميركية على طهران، لا يمكن لبغداد أن تدفع مستحقّات استيراد الغاز من إيران مباشرة، بل ينبغي أن تستخدم طهران تلك الأموال لشراء سلع غذائية أو صحّية.

غير أنّ هذه الآلية معقّدة وغالبا ما تنتج عنها تأخيرات وغالبا ما تقطع إيران الإمدادات التي تغطي ثلث احتياجات العراق، لحضّ بغداد على دفع مستحقّاتها.

وفي مطلع الشهر الماضي، كشف السوداني أن بلاده سوف تبدأ بمقايضة الغاز الإيراني بالنفط، في محاولة للالتفاف على تلك الآلية المعقّدة.

وفي وقت لاحق من الشهر نفى وزير الكهرباء زياد علي فاضل أن تكون وزارته قد تلقت أي توجيه رسمي حول السماح للعراق بدفع مستحقات الغاز الإيراني.

وجاء هذا الرد بعد تقارير إعلامية أفادت بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وقّع استثناءً جديدا يسمح للعراق بدفع تكاليف الكهرباء لإيران، ويسمح للمرة الأولى بإيداع هذه المدفوعات في حسابات في بنوك غير محلية.

وتعكف الدولة على خطة لتطوير حقول الغاز الشاسعة بهدف إنتاج 80 في المئة من الغاز محليا بحلول 2024، وتحتاج فقط إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال في أشهر الصيف.