الشركات الأردنية تطارد فرص النهوض بتدوير البلاستيك

تتزايد قناعة قطاع صناعة البلاستيك في الأردن بأهمية وضع أسس أكثر تحفيزا للسير في طريق إعادة تدوير مخلفات هذه المادة لما لها من أضرار على البيئة، وفي الوقت ذاته دفع هذا المجال نحو التحول الأخضر من بوابة زيادة الاستثمار فيه بشكل أكبر.

القطاع يساهم بنسبة 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف أكثر من 12.2 ألف عامل بشكل مباشر

عمّان

تفكر الشركات الأردنية وخاصة التي تعمل في قطاع البلاستيك بفرص تعديل قواعد صناعة التدوير لزيادة الاستثمار فيه، بهدف تحسين سبل إدارة النفايات وتحويلها إلى رافد اقتصادي، مع ضمان امتثالها لأفضل الممارسات والتشريعات المعتمدة.

وخلال السنوات الأخيرة ما فتئ الجدل يتصاعد داخل الأوساط الاقتصادية المحلية بشأن السير في طريق الاستدامة، وغياب أي جهود حكومية لتطوير صناعة التدوير بعد فشل محاولات السلطات لوضع خارطة تشجع على الاستثمار في هذا المجال الواعد.

والآن يدرك المسؤولون أن الضرورة تقتضي الإسراع في إرساء صناعة جديدة لمعالجة البلاستيك مع دعم عملية البحث عن رؤوس أموال وعن تكنولوجيا جديدة وعن نقل المعارف لمختلف العمليات.

ولطالما أكد الخبراء أنه لا خيار أمام البلد سوى إشراك المؤسسات الصناعية المحلية وخاصة الكبيرة في عملية تطوير القطاع ضمن إطار الاقتصاد التدويري.

ويدخل البلاستيك المشتق من النفط في تركيبة كل شيء تقريبا كالأغلفة وألياف الملابس ومواد البناء والأدوات الطبية وغيرها.

وازداد إنتاجه السنوي حول العالم بأكثر من الضعف خلال عشرين عاما ليصل إلى 460 مليون طن، وقد يزداد ثلاثة أضعاف بحلول 2060 إذا لم يتخذ العالم تدابير حيال ذلك.

واعتبر ممثل قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية في غرفة صناعة الأردن علاء أبوخزنة أن مصانع إعادة التدوير هي مستقبل الصناعة المحلية، إلا أنها تعاني ضعف الدعم، والإجراءات الرقابية الشديدة.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أبوخزنة قوله إن “الغرفة تسعى لتنمية المصانع العاملة بإعادة التدوير، لوجود فرص كبيرة يمكن استغلالها حال تذليل كل العقبات”.

وأشار إلى وجود معلومات مغلوطة حول قطاع الصناعات البلاستيكية، موضحا أن البلاستيك كمادة خام، هو الأكثر أمانا لتغليف الأغذية، وأفضل الخيارات البيئية من حيث الجمع والتنظيف وإعادة التدوير مقارنة بالمواد الأخرى.

ويبدو قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية، الذي يضم حوالي 641 مصنعا، منها 70 منشأة لإعادة التدوير في العاصمة عمّان، و40 منشأة في بقية المحافظات، محوريا ومزودا أساسيا لمختلف أنواع الصناعات.

وتقدر النفايات الصلبة في الأردن ما بين 1.4 و1.8 مليون طن سنويا. وتشكل نفايات البلاستيك 16 في المئة منها، أي بمقدار يتراوح بين 250 و300 ألف طن، والمكون الرئيس لهذه المخلفات هو مخلفات البلاستيك الزراعي.

ويُرجع أبوخزنة السبب إلى كون القطاع يضم مجالات البلاستيك الإنشائي والهندسي ومواد التعبئة والتغليف والبلاستيك الزراعي والطبي والأدوات المنزلية والمفروشات وأدوات التنظيف.

كما أن مادة البلاستيك عنصر مهم في تزويد عدد من القطاعات، كالصناعات الكيمياوية والتعقيم والزراعة والنقل والمولات والمتاجر الكبرى والبناء وغيرها.

ومع ذلك ثمة تحديات تعترض القطاع، منها الافتقار للعمالة المؤهلة وصعوبة استقدام عمالة وافدة وغياب الحوافز الاستثمارية وارتفاع تكاليف الكهرباء والمنافسة الشديدة مع دول الجوار وارتفاع أسعار الشحن البري والبحري.

ويعكف الأردن على تأسيس صناعات مساندة لتطوير منتجات أكثر تطوراً، بما يؤهل البلد ليكون مركزا لإعادة التدوير في المنطقة والعالم.

وأنشأت السلطات قبل سنوات مجلس مهارات خاصا بالصناعات البلاستيكية، بهدف زيادة فرص العمل في القطاع، وتمكين الأيدي العاملة، عبر برامج تدريبية متخصصة يجري العمل على إصدارها قريبا.

كما تسعى لزيادة وتمكين المصانع من المشاركة في المعارض الدولية المتخصصة، بهدف رفع قدراتها التصديرية ودخول أسواق جديدة غير تقليدية.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن قطاع البلاستيك يصدر منتجاته لنحو 38 دولة حول العالم، بإجمالي إنتاج يبلغ حجمه قرابة 658 مليون دينار (933 مليون دولار)، وبنسبة 4 في المئة من إجمالي الناتج الصناعي.

وتقول الحكومة إن القطاع يساهم بنسبة 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف أكثر من 12.2 ألف عامل بشكل مباشر.

وبلغت صادرات القطاع في العام الماضي ما قيمته 305 ملايين دينار (432.5 مليون دولار)، بنمو بلغ حوالي 31 في المئة على أساس سنوي.

وتطمح الحكومة إلى زيادة نسبة النفايات المعاد تدويرها حفاظا على البيئة خلال السنوات العشر المقبلة إلى 30 في المئة صعودا من سبعة في المئة في الحاضر.

وفي يونيو الماضي، حددت مسودة خارطة طريق خطوات الحد من استهلاك البلاستيك أحادي الاستخدام في الأردن، والمسؤوليات بين أصحاب المصلحة.

وتهدف المسودة التي أعدتها وزارة البيئة بدعم من الاتحاد الأوروبي، إلى توفير معلومات عن الإنتاج والممارسات الجيدة بشأن استبدال أو إعادة تدوير البلاستيك أحادي الاستخدام على المستويين المنزلي والتجاري.

وتنظر خارطة الطريق المشتركة بين القطاعين العام والخاص في “كيفية تعويض الأطراف المتضررة من تطبيق ما ورد في بنودها، وخاصة من سيفقدون دخلهم المعيشي نتيجة تلك الخطوة، واقتراح برامج أو تدابير مناسبة بهذا الشأن”.

وكان تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة منتصف مايو الماضي، قد أشار إلى أنه يمكن تقليل التلوث بالمواد البلاستيكية بنسبة 80 في المئة بحلول 2040، إذا أجرت البلدان والشركات تحولات عميقة في ما يتعلق بالسياسات والأسواق باستخدام التقنيات الحالية.

وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان فتحي الجغبير إن “الغرفة حريصة على عقد مؤتمرات صحفية دورية لجميع القطاعات العشرة التي تضمها، بهدف نشر الوعي بأهمية الصناعات الوطنية وتطورها وأبرز تحدياتها”.

وأكد أن البطالة والفقر هما أكبر مشكلتين تواجهان الاقتصاد الوطني، مما يستدعي دعم وتمكين الصناعة لتساهم في تخفيض أرقامهما.