القلق الأميركي من الصين يعرقل تطوير برامج الذكاء الاصطناعي في الخليج
تحركت الولايات المتحدة ووجهت ضربة لمشروعات تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط والتي تتقدمها الإمارات بجهد بحثي تقوده جامعة الشيخ محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، فيما استقدمت السعودية فرقا صينية للعمل في فريق بحثي كبير في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وشهد يوم الأربعاء إعلانين متضاربين في التأثير والنتيجة حيث أكدت الإمارات أنها أطلقت برنامجا جديدا للذكاء الاصطناعي يعمل باللغة العربية، وصفته بأنه “الأعلى جودة على مستوى العالم”. ويستخدم البرنامج، الذي يحمل اسم “جيس”، اللغة العربية الفصحى الحديثة، بالإضافة إلى اللهجات المتنوعة في المنطقة، من خلال الاعتماد على كل من الوسائط ووسائل التواصل الاجتماعي والرموز.
لكن الولايات المتحدة وسّعت القيود على صادرات شركتي “إنفيديا” و”أدفانسد مايكرو ديفايسز” (إيه.إم.دي) من رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة لتتجاوز الصين إلى مناطق أخرى منها بعض البلدان في الشرق الأوسط، في إشارة واضحة إلى جهود أهم دولتين تعملان في هذا القطاع الحساس الذي تعتبره واشنطن جزءا من أمنها القومي.
ويحتوي “جيس” على 13 مليار عنصر أنشئت من مجموعة كبيرة من البيانات التي تجمع اللغتين العربية والإنجليزية، جزء منها من شفرة الكمبيوتر.
وكان أحد دوافع المجموعة التي عملت على المشروع وضمت أكاديميين ومهندسين هو وجود عدد محدود من النماذج اللغوية الكبيرة ثنائية اللغة. وقد صُنع بمساعدة أجهزة الكمبيوتر العملاقة التي تنتجها شركة “سيريبراس سيستمز” في وادي السيلكون.
وأوضح تيموثي بولدوين أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة الشيخ محمد بن زايد أنه بسبب عدم توافر بيانات عربية كافية لتدريب نموذج بحجم “جيس”، ساعدت شفرة الكمبيوتر داخل بيانات اللغة الإنجليزية على شحذ قدرة النموذج على التفكير.
وقال لرويترز “(الشفرة) تمنح النموذج دفعة كبيرة فيما يتعلق بالقدرة على التفكير لأنها توضح الخطوات (المنطقية)”.
ويستمد “جيس” اسمه من أعلى جبل في دولة الإمارات العربية المتحدة وهو نتاج تعاون بين “سيريبراس” وجامعة الشيخ محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وشركة “إنسبيكشن” التابعة للمجموعة القابضة جي 42 للتكنولوجيا التي تتخذ من أبوظبي مقرا وتركز على الذكاء الاصطناعي.
من جانبها، اشترت السعودية ما لا يقل عن 3000 من رقائق “نفيديا H100″، والتي وصفها رئيس الشركة، جنسن هوانغ، بأنها “أول رقاقة كمبيوتر في العالم مصممة للذكاء الاصطناعي التوليدي”.
وبحلول نهاية عام 2023، ستتلقى السعودية “الرقائق المتخصصة”، بعد صفقة بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 120 مليون دولار.
وباستخدام رقائق “نفيديا”، تعمل السعودية على تطوير نموذجها الخاص من برامج الذكاء الاصطناعي، وتقوم ببناء حاسوب عملاق سيبدأ تشغيله هذا العام.
وستستخدم السعودية تلك الرقائق لبناء نموذجها اللغوي الكبير، وهو برنامج يمكنه إنشاء نصوص وصور ورموز بشكل مشابهة للبشر، على غرار “تشات جي بي تي”.
ويثير الانفتاح الإماراتي – السعودي على مصادر مختلفة لبناء نماذج خاصة من برامج الذكاء قلق الولايات المتحدة في ظل المنافسة الصينية في سوق شرق أوسطية حجمها حوالي 400 مليون مستهلك، ومن أن تتحول المنطقة إلى ممر ثانوي لما لم تتمكن الصين من الحصول عليه مباشرة من الشركات الأميركية.
وهناك أسباب متعددة للمخاوف الأميركية بعضها يخص المنافسة التجارية خصوصا مع مشروع جي 24 الإماراتي، والبعض الآخر من الاختراق الصيني لهذه المشروعات وخصوصا في السعودية.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة “فايننشال تايمز” فإن العديد من المواطنين الصينيين من ذوي الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي يعملون في السعودية لتطوير البرامج في المملكة.
وأبدت الإمارات والسعودية اهتماما مبكرا بالحصول على برامج للذكاء الاصطناعي، والانفتاح على مصادر مختلفة لتحصيل الأنظمة الذكية وتوظيفها في تطوير الاقتصاد.
وشهدت الفترة الماضية سباقا إماراتيا – سعوديا للحصول على برامج الذكاء، ما يظهر وعي البلدين بأهمية هذه البرامج في المستقبل، فيما لا توجد مشاريع شبيهة لدول أخرى في المنطقة.
وباتت الإمارات منافسا كبيرا في الحصول على برامج الذكاء وتتقدم في ذلك على دول اقتصادية ذات وزن على المستوى الدولي. ويتميز مسعى أبوظبي بعدم الارتباط بجهة واحدة أو نموذج معين والعمل على امتلاك نموذجها اللغوي الكبير مفتوح المصدر.