صحف..

ما لا يريد النظام الإيراني أن يفهمه ويستوعبه

"أرشيفية"

الرياض

ردود الفعل غير العادية التي أبداها قادة النظام الايراني ومسٶولوه أثر إنتفاضة 16 سبتمبر2022، والتي لاتزال مستمرة ولاسيما ونحن نقترب من الذکرى السنوية الأولى لها، وهو أمر يلفت النظر کثيرا ولاسيما وأن النظام لم يمنح هذا القدر من الاهتمام الکبير لأية إنتفاضة أخرى وهو ما يعطي إنطباعا بأن قادة النظام وأوساطه السياسية والامنية والفکرية المختلفة قد وجدوا تهديدًا وتحديا غير مسبوق في هذه الانتفاضة التي لفتت النظر بطابعها السياسي ـ الفکري.
 
قادة النظام الايراني الذين طالما سعوا للإيحاء للعالم بأنهم قد حسموا الأوضاع والأمور في داخل إيران لصالحهم ومن أنه لم يعد هناك من خطر وتهديد داخلي بواجههم وبتعبير أدق ليست هناك من معارضة جدية تعتبر بمثابة تهديد جدي ضدهم، وعلى مرّ أعوام طويلة عمل النظام وبصورة ملفتة للنظر لتوجيه الانظار للخطر والتهديد الخارجي الذي يواجهه وهو کان يسعى من خلال ذلك للترويج بأن إيران نظامًا وشعبًا ووطنًا يواجهون معًا الاخطار والتهديدات الخارجية، لکن هذا المسعى لم يعد على حاله بعد الانتفاضات الثلاثة الأخيرة في 28 ديسمبر2017 و15 نوفمبر2019 و16 سبتمبر2022، إذ صار النظام وعلى لسان شخص الولي الفقيه يوجه الأنظار لمنظمة مجاهدي خلق ويحذر منها، والذي لفت النظر أکثر هو إنه وعلى أثر الانتفاضة الاخيرة التي برز فيها دور وتأثير مجاهدي خلق، صارت هدفا رئيسيا في تصريحات قادة النظام ومسٶوليه مثلما إنها أصبحت مادة دسمة في وسائل الاعلام التابعة للنظام.
 
إستهداف مجاهدي خلق من جانب النظام لم يقتصر على التصريحات الواردة على لسان قادة النظام والمسٶولين والمقالات والتحليلات في وسائل الاعلام فقط بل إنه إتسم أيضا بطابع عملي ولاسيما ما قد حدث على أعتاب التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية 2023، حيث صار واضحًا للعالم أن النظام يواجه مجاهدي خلق ليس داخليًا فقط وإنما على الصعيد الدولي أيضا، والذي يجب ملاحظته هنا، هو أن النظام لم يقف عند هذا الحدّ بل وخطا خطوة أخرى نحو إعلان توجيه"قضائه التابع للنظام قلبا وقالبا" تهما ضد 104 أعضاء من مجاهدي خلق وأعضاء آخرين تابعين لها! النظام الايراني في خطوته هذه قد أثبت للعالم کله أن الخطر والتهديد المحدق به والذي يمنحه الأولوية ليست "بلدان الإستکبار العالمي" التي يلهث وراءها ويستجدي التفاوض والاتفاق معها ولا حتى إسرائيل التي قدم ويقدم لها خدمات جليلة يمکن للبلدان العربية أن تتأکد من ذلك بمقارنة الاوضاع التي کانت قائمة بينها وبين إسرائيل قبل مجئ هذا النظام وبعد مجيئه، بل إن التهديد والتحدي الوحيد کما أکده خميني في بداية قيام النظام هو مجاهدي خلق!
 
أما لماذا يستهدف النظام مجاهدي خلق، فإن الاجابة أبسط ما تکون بل وحتى واضحة وضوح الشمس في عزّ النهار، وهي أن مجاهدي خلق کانت ولا تزال الداينمو والبارومتر الموجه الاساسي للخط العام لمعارضة ومواجهة النظام والسعي من أجل إسقاطه وتغييره، لکن الملاحظة المهمة جدًا هنا والتي يبدو واضحًا أن القادة والمسؤولين عمومًا وخامنئي خصوصا لا يريدون فهمه وإستيعابه هي أن منظمة مجاهدي کانت ولا زالت بمثابة نبض الشارع الايراني وإن ما تطالب به وتسعى الى تحقيقه ضد هذا النظام إنما هو مايريده الشعب الايراني ويسعى إليه.
 
محمود حكميان
عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية