صحف..

نازحون حوّلوا عقاراً في بيروت الى ملتقى "للزعران والسارقين"

"أرشيفية"

لندن

لم يعد النزوح السوري الى لبنان مجرد إختلاف او عدم تطابق في وجهات النظر، ففي الفترة الأخيرة تحوّلت مسألة النزوح الى الحديث الأكثر إثارة للجدل، بعد أن أجمعت مواقف معظم المسؤولين اللبنانيين من مختلف الاتجاهات والأحزاب السياسية، على أنّ أزمة النازحين السوريين المتفاقمة باتت تشكّل تهديداً وجودياً للبنان، نظراً لحجم مضاعفاتها الأمنية والسياسية والاقتصادية والديموغرافية.
 
يُفترض أن يعترف اللبنانيون بعجزهم أمام مأزق النازحين السوريين. فكل الصراخ الصادر عن المسؤولين، من رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى وزيري الخارجية والشؤون الاجتماعية، لا يقدّم ولا يؤخر. ففي هذا الملف أيضاً، البلد يتقدّم سريعاً نحو الارتطام الكبير والدليل ما أعلنه النائب هاكوب ترزيان عن أنه تلقّى "من عدد من أبناء دائرة بيروت الأولى بصفته نائباً وعضواً سابقاً في مجلس بلدية بيروت شكاوى على نازحين سوريين حولوا عقاراً على كورنيش نهر بيروت تملكه البلدية إلى سوق تجاري وملتقى "للزعران والسارقين".


فماذا كشف ترزيان لـ"جسور" بشأن هذا الموضوع، وإلى أين يتجه لبنان من أزمة النزوح السوري في ظل غياب التنسيق الداخلي والخارجي؟
 
ترزيان يتحرّك
 
يقول ترزيان في حديث لـ "جسور": "إنه يضع هذا الموضوع في صلب اهتماماته ويتابعه مع سكان خليل بدوي وفصيلة النهر ومع النقيب جيفري النجار، وتبلّغ محافظ بيروت بما يحصل على هذا العقار."
وتابع: "تجدر الإشارة الى أن موضوع الأراضي المحتلة من أي كان يتابعه منذ أن كان عضواً لمجلس بلدية بيروت. وللعلم تمّ إخلاء العقار من محتليه سنة 2017 وختمه بالشمع الأحمر. وبسحر ساحر وبغطاء من بعض السياسيين سنة 2020 تمّ خلع الأختام وأعيد إحتلال العقار من ذات المحتل والجهة التي تغطي هذا الإحتلال (التي تدعي العفة) وليست غريبة عن محافظ مدينة بيروت.

ولأخذ العلم أيضاً، فإن الجهة الشرعية المخولة بتنفيذ الإخلاء هي البلدية أي محافظ مدينة بيروت الذي زاره مطالباً وقد تلقى وعداً باتخاذ الإجراءات القانونية".
وطالب ترزيان عبر "جسور" بتطبيق القانون على جميع السوريين من دون استثناء، مؤكدا أنّ ما يجري داخل العقار يستدعي التدخّل الفوري من قبل بلدية بيروت لإنهاء هذه المهزلة كونها هي الوحيدة التي يجب عليها معالجة هذا الموضوع.

منحى خطير للأزمة
 
في المقابل، تشير مصادر مطّلعة على هذا الملف لـ "جسور" إلى أن النزوح السوري في الشهرين الأخيرين، المتزامن مع انفجار الوضع في مخيم عين الحلوة من أخطر الملفات التي يواجهها لبنان منذ اندلاع الحرب السورية عام ٢٠١١، فمن الواضح ان هناك ترابطا بين الأحداث، وهناك قرار بتفجير الوضع الداخلي وارباك لبنان، لتمرير مشاريع معينة مثل التوطين وإبقاء النازحين في لبنان ودمجهم، وهذا الأمر يثبّته التجاهل الرسمي للأزمة، فما يقال كلام لتسجيل الموقف من دون أن يرتبط بحلول فعلية مقابل تواطؤ المجتمع الدولي الذي يمدّ النازحين بالمساعدات والأموال، ويشجع مَن بقيَ في سوريا الى الخروج منها بالإغراءات المادية والخدمات، فيما يتهم النظام السوري الأوروبيين بالسعي لتأليب السوريين المعارضين ضده، وعدم تعاون المجتمع الدولي مع الحكومة السورية لإعادة الأعمار في البلدات والمدن السورية المدمرة.


ولبنانيا يقول المصدر، إنّ الانقسام واضح بين القوى السياسية، فهناك فريق يرفض الإقرار بواقع النزوح الخطير الذي تخطى الخطوط الحمراء، وفريق يرمي الانتقاد والمشكلة على المجتمع الدولي الساعي الى فرض التوطين الفلسطيني والسوري معا، فيما يرى آخرون أن الدولة السورية لا ترغب بمواطنيها المعارضين للنظام ولا يمكن ان تسهل انتقالهم إليها، والمنتمون الى هذا الفريق من المعارضة اللبنانية يعتقدون أن زيارة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب والوفد الأمني المرافق له الى سوريا لن تقدم شيئا على مستوى العودة، في ظل بقاء التشنج السياسي وارتفاع منسوب الأزمة المعيشية في سوريا .


وعلى القوى السياسية في لبنان وفق ما أكد المصدر أن تقارب موضوع النزوح السوري على أنّه تهديد أمني آني وليس بعيد الأمد، وأنّ المجتمع الدولي المُنهك بمشاكل شتى وحروب وأزمات اقتصادية وكوارث طبيعية متعددة، لن يتدخّل في أي وقت قريب لحل مشكلة النازحين في لبنان، خصوصا مع بقاء النظام السوري في الحكم. وعلى الأحزاب اللبنانية كافة، الحليفة والمعادية لسوريا أن تعي حجم الخطر الأمني الذي بات يشكّله وجود النازحين اليوم.
 
وعليه، يجب وضع خطة مع القوى الأمنية والجيش اللبناني لتنفيذ خطوات راديكالية لقمع المهرّبين على الحدود وإقفال الممرات غير الشرعية، ولإزالة كل المخيمات وحصرها في منطقة واحدة ومحصورة على الحدود مع سوريا، إضافة إلى وضع قوانين جديدة تحدّ من تدفق العمالة السورية، يختم المصدر.