عين إبل تنتظر كشف قتلة الحصروني واستفزازات للتشويش!

"أرشيفية"
لا تزال بلدة عين إبل الجنوبية تعيش حالة من التوتّر منذ اللحظة الأولى على كشف جريمة قتل ابنها الياس الحصروني، المسؤول السابق في حزب القوات اللبنانية، مساء الثاني من آب الماضي.
حالة التوتّر التي أعقبت كشف جريمة الاغتيال، التي موّهت لتبدو حادث سير، تغذّيها استفزازات متفرّقة يقوم بها شبان من قرى مجاورة، آخرها إقامة ملثمين حاجزاً بين عين إبل وبنت جبيل والطلب من بعض السيارات الخارجة من ضيعة الضحية العودة إليها. ويرى بعض أهالي البلدة في هذه التصرفات محاولة للتعتيم على القضية الأساسية وهي جريمة قتل الحصروني.
وبينما كانت تحاول عائلة الضحية الحصول على موعد للقاء وزير الداخلية، بسام المولوي، أبلغ فرع المعلومات، الذي يتولى التحقيق في القضية، رئيس حزب القوات اللبنانية بعدم إمكانية استكمال التحقيق لعدم تمكن الجهاز من الدخول إلى بعض القرى، والتي تخضع لنفوذ حزب الله. أما العائلة فيؤكد مصدر منها لـ"جسور" أنها ما تزال تنتظر موعداً للقاء الوزير والذي يبدو أن مكتبه يتهرّب من الموضوع.
اليوم، وبعد مرور خمسين يوماً ما تزال العائلة تنتظر معلومة تشير إلى مرتكب الجريمة التي ساهم أداء الأجهزة الأمنية والقضاء، عن قصد أو ربما عن غير قصد، في طمسها لأيام وإظهارها وكأنها وفاة ناجمة عن حادث سير. قبل أن ينجح أفراد من العائلة من تتبع بعض الخيوط وفضحها وتعويض تقصير الأجهزة. وذلك عندما عثروا على تسجيل يظهر اعتراض سيارات عدة لطريق الضحية وخطفه بطريقة احترافية. لكن يبدو أنّ الأجهزة الأمنية والقضائية لا تسعى لإكمال ما بدأته العائلة، ما يعزّز الشكوك بتورّط جهة حزبية تمتلك القدرة الأمنية والسلطة السياسية، أيّ حزب الله. إذ يرى كثيرون أنّ الحزب هو الجهة الوحيدة القادرة على التحرك بحرية في المنطقة والضغط باتجاه عرقلة التحقيقات.
لا معطيات عن التحقيق
ويؤكد مصدر من العائلة لـ"جسور" أنهم وحتى اليوم لم يتبلغوا بأية معلومات تتعلق بالتحقيقات. ويقول: "كنا ندعى إلى التحقيق وكأننا نحن المجرمون. أفراد العائلة هم الوحيدون الذين تم استدعاؤهم ولا أعتقد أنه جرت دعوة أشخاص آخرين. حاولنا معرفة أين أصبحت التحقيقات من دون جدوى. التقينا مرة بوزير الداخلية أخبرنا فقط بأن التحقيق يسير وأنهم توصلوا لخيوط. ونحاول منذ أيام التواصل مجدداً مع الوزير لكن مكتبه لم يحدد لنا موعداً بعد".
ووفق شهادة المصدر فقد شابت التحقيق شوائب عدة، إذ لم تسجل إفادات أفراد العائلة كاملة على محضر التحقيق. "خلال التحقيق جرى تدوين بعض المعلومات التي أفدنا بها على أوراق خارج محضر التحقيق، ولم يتم تسجيلها على المحضر ونخشى أن تكون قد رميت. كذلك أخبرنا أقرباء آخرون تم استدعاؤهم إلى التحقيق في سرايا صيدا أنهم شاهدوا سيارة الضحية التي تعتبر أداة جريمة موضوعة في مكان مفتوح حيث يمكن لأي كان لمسها والتلاعب بالأدلة"، يقول المصدر.
طالبت العائلة باستعادة هاتف وسيارة فقيدها، لكن المحققين رفضوا ذلك بحجة استكمال التحقيق. بينما تعتبر العائلة أنه من المفترض أن تكون الأجهزة قد جمعت جميع الأدلة بعد مرور هذه المدة. ولدى السؤال إن كانت العائلة تشكك بأن يكون هذا الإجراء حرصاً على منع أي جهة ثانية من التحقيق والبحث عن أدلة، يقول المصدر أنه بات من الصعب أصلاً القيام بذلك بعد أن تمّ وضع السيارة حيث هي ما أدى للعبث بالبصمات عليها.
لا تملك عائلة الحصروني الحظوة التي يملكها بعض الصحفيين المعتمدين لدى الأجهزة الأمنية. فهي لم تتمكن حتى اليوم من معرفة تفاصيل الجريمة التي أودت بحياة فقيدها غير تلك التي اكتشفتها هي وكشفتها للأجهزة المعنية. وفي حين تشير المعطيات الى أنّ الجريمة ستأخذ المنحى الذي اتخذته جريمة قتل لقمان سليم، لناحية عدم التوصل لتحديد القتلة، تبحث العائلة جدياً عن خيارات للضغط لعدم إقفال القضية قبل معرفة الحقيقة، وتفكر بالخطوات التصعيدية التي يمكن اتخاذها.
انتظار كشف المجرمين
من جهته، يصرّح رئيس بلدية عين إبل، عماد اللوس، لـ "جسور" بعدم تبلغهم بأي معطى عن التحقيق وهم بانتظار أن يتمكن فرع المعلومات من كشف المجرمين، "فنحن نرى كيف ينجح فرع المعلومات في كشف جرائم خلال يومين، أما هذه الجريمة فقد مضى على ارتكابها حوالي الشهرين".
وعن إقامة ملثمين حاجزاً بين قريته وبنت جبيل فيؤكد أنه جرت معالجة الموضوع وأن القوى الأمنية تعهدت بتسيير دوريات وبأن لا يتكرر الأمر. ويشير المختار إلى أنه يجري تضخيم بعض الحوادث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كخلاف حصل منذ أيام داخل البلدة مع شبان كانوا على متن دراجات نارية. ويرى أن التعليقات عبر "فيسبوك" توتّر المنطقة بينما يحاول مع رؤساء بلديات أخرى العمل من أجل تخفيف التوتر.
بيان لرئيس حزب القوات
واليوم صدر عن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، البيان الآتي: "برسم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي ووزير العدل هنري خوري والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات: عند مراجعاتنا المتكررة للأجهزة الأمنيّة بخصوص ما آل إليه التحقيق في جريمة اغتيال المسؤول في "القوات اللبنانية" الياس الحصروني في قرية عين إبل الجنوبيّة، تلقينا جوابًا واحدًا وهو أنّ الأجهزة الأمنيّة لم تعد تستطيع أن تتقدّم بالتحقيق لأنّها تُمنع من ذلك".
وأضاف: "إنّ هذا الأمر غير مقبول بكل المقاييس. نحن نعرف أنّنا نعيش في دولة فاسدة يسيطر عليها حزب الله، ولكن أن تصل الأمور إلى حدّ منع التحقيق باغتيال مواطن لبناني تحت عين الشمس وأمام أنظار جميع اللبنانيين، فهذا أمر مرفوض على الإطلاق".
وختم جعجع داعياً "رئيس الحكومة، ووزيري الداخلية والعدل، ومدعي عام التمييز، وقضاة التحقيق المعنيين مدعوون، كلّ بحسب موقعه، إلى تحمُّل مسؤوليّاتهم والطلب من الأجهزة الأمنيّة متابعة التحقيق حتى النهاية في جريمة اغتيال الياس الحصروني وإزالة كل العقبات من طريقها وصولاً إلى إظهار الحقيقة، وتنفيذ العدالة، وإحقاق الحقّ".
بغض النّظر عن الحقائق التي تمّ كشفها حتى اللحظة وعن مصير التحقيق، يبقى أن جريمة قتل الياس الحصروني قد كشفت حقيقة مرعبة ألا وهي يمكن اغتيال شخص وطمس الجريمة وتدوينها على أنّها حادث. ما يطرح السؤال: كم من جريمة ارتكبت ودوّنت على أنها حادث؟