انتخابات مجالس المحافظات في العراق..رقعة الرفض والتشكيك تزداد!

"أرشيفية"
في بيان مفاجئ وإن كان غير مستغرب، خرجت به قوى التغيير الديموقراطية المنضوية ضمن تحالف قيم، والذي أبدت فيه مجموعة من الأحزاب التشرينية والمدنية تخوفها من من تزوير الانتخابات وتشكيكهم بإجراءات المفوضية ووجود مستشارين لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني متخصصين في الانتخابات بدأوا العمل للترويج لأحزاب سياسية بعينها !
كانت قوى التغيير الديمقراطية المنضوية ضمن تحالف قيم، وهي أحد أهم القوى السياسية الجديدة والتي لا ترتبط بالأحزاب التقليدية قد أعلنت عن مشاركتها في انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في نهاية العام الحالي، غير أن هذا البيان أثار علامات استفهام في احتمالية عدم مشاركة هذا التحالف ( أو أجزاء منه ) في هذه الانتخابات، وكذلك أثار علامات استفهام أخرى حول نزاهة الانتخابات المقبلة وحيادية الحكومة الحالية عبر قيامها بالإشراف عليها، خصوصاً وأن الأحزاب الحاكمة تعكف على السيطرة على المحافظات الوسطى والجنوبية بالخصوص قبل إجراء الانتخابات النيابية المقبلة والتي تراجع السوداني أصلا عن إجرائها خلال عام واحد رغم تعهده بذلك في منهاجه الوزاري!
تجارب انتخابية سابقة!
كثر الحديث عن ظاهرة تزوير الانتخابات في العراق خصوصاً بعد استفحال ظاهرة المال السياسي وتسلط السلاح خارج إطار القانون، توج ذلك في انتخابات عام 2018 والتي شهدت أكبر عمليات تزوير وما رافقها من حرق صناديق الاقتراع.
رافق ذلك أيضاً عملية رشوة المجتمع عبر تعيينات من أجندات انتخابية، أو الوعود بتعيينات أو هدايا عينية مقابل التصويت، وما يواكب ذلك من استغلال لحاجات الناس التي تبحث عن من ينفذ لها متطلباتها وإن كان ذلك بشكلٍ آني، ينتهي بانتهاء مواسم التصويت!
كذلك حفلات التسقيط بالآخرين والتي تتم عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وربما حتى عبر منابر الدين التي وصل لها الفاعل السياسي من أجل أجنداته الحزبية والسياسية . كل هذا الشذوذ عن القاعدة الديمقراطية الحقيقية، اصطدم بانتخابات عام 2021 والتي كانت بشهادة المجتمع الدولي وبشهادة الأطراف الداخلية المحايدة أنزه انتخابات بعد التغيير عام 2003، كانت الحكومة السابقة حريصة على إجراء انتخابات نزيهة فعلاً لم تشارك هي فيها .
أعطت تلك الانتخابات الحجم الحقيقي للكتل السياسية، ولهذا اتهمها الخاسرون بالتزوير تارةً عبر اتهام المفوضية والحكومة السابقة بتهكير نتائجها أو بوجود سيرفرات الانتخابات في دولة الإمارات العربية المتحدة والمخابرات الإماراتية هي من تلاعبت لإسقاط أحزاب الإطار ، قبل أن تنكشف خديعة هذه الاتهامات ويتبين كذبها برغم ترديدها على ألسن الساسة وبعض الاعلاميين و حتى بعض رجال الدين!
ما يثير الجدل والاستغراب، كيف تحولت نتائج هذه الانتخابات في وقتها من مزورة ويجب إلغاؤها وإجراء انتخابات أخرى، الى نتائج انتخابات ( مقدسة ) يجب احترامها والمضي بها لتشكيل حكومة جديدة، وذلك الأمر جرى بعد انسحاب الصدريين من السباق لتشكيل الحكومة، وهذا ما يثبت أن القوى السياسية الحاكمة لا تؤمن بمخرجات العملية الديمقراطية إن كانت عكس ما تشتهيه سُفنهم، بل تؤمن فقط بمخرجات تضمن لهم البقاء في السلطة وإن كلفها ذلك تقديم تنازلاتٍ داخلية وخارجية تكفل لها الغطاء السياسي والدولي الضامن!
بين التصويت العقابي والمقاطعة العقابية !
بدا واضحاً أن التصويت (العقابي) كان موجوداً بشكلٍ واضح في انتخابات تشرين عام 2021، والتي بسبب هذه النتائج أُثيرت حفيظة أحزاب الإطار التنسيقي الشيعي الذي رفض القبول بخسارته واتهم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بتزوير الانتخابات، وما جرّ ذلك الى مظاهرات لأتباع الإطار وحوادث أمنية عدة توجت بانسحاب مقتدى الصدر بشكل مفاجئ، ما أخلى الساحة لقوى الإطار لتشكيل حكومتهم بعد أن تحولوا من خاسرين، الى فائزين بعد انسحاب الصدر ومقاعده الـ 73 .
كانت تلك الانتخابات مثالا واضحا لإرادة التغيير إن أراد المجتمع ذلك، وإن لم يتم ذلك بطريقة شاملة مع باقي الشركاء في الطبقة السياسية، رغم أن تراجع مقاعد الإطار كان إشارة واضحة لتغير مزاج الناخب العراقي، غير أن التغيرات الدراماتيكية بالمشهد السياسي بعد انسحاب الصدر، كان له الأثر الأول بعدم وجود أي تأثير لإرادة التغيير هذه !
اليوم، الكثير ممن فقدوا الأمل بتطبيق التجربة الديمقراطية بشكلٍ صحيح بسبب وجود السلاح والمال السياسي، يدعون لمقاطعة الانتخابات خصوصاً تلك الانتخابات المتعلقة بمجالس المحافظات، ويرونها ضد مبادىء ما قامت عليه حركات الاحتجاج السابقة وما كلفها من دماء، ويرون أن الانتخابات التي يصبو من يريد التغيير فعلا، هي الانتخابات النيابية بشرطها وشروطها، يتصدر هذه الشروط نزاهة الانتخابات، وهذه النزاهة تتأتى مَن مفوضية انتخابات محايدة غير متحزبة تسيطر عليها الأحزاب عن طريق المحاصصة، وكذلك بإشراف أممي يضمن نزاهة هذه الانتخابات التي يشكك الكثير فيها بعد سيطرة المال السياسي وخبرته وتعلمه من أخطاء انتخابات عام 2021 التي كانت فرصة كبيرة للتغيير تخلف الكثير عنها بسبب مرض فقدان الامل المزمن الذي أصاب العراقيون منذ زمن !