خطر النزوح السوري على لبنان.. بين تواطؤ الخارج والداخل

"أرشيفية"
لم يعد خافياً على أحد، محلياً وخارجياً، ما يشكله النزوح السوري من خطر متصاعد على البلد الصغير المتهالك اقتصادياً والمنقسم سياسياً، وتزداد الصورة سوداوية مع تدفق آلاف الهاربين إليه عبر المعابر غير الشرعية خلال الأشهر القليلة الماضية من الفئة العمرية الشابة تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والخامسة والثلاثين معظمهم أتموا التجنيد الإجباري في سوريا وباتوا يملكون خبرة واسعة في استخدام السلاح، ناهيك عن احتمال استغلال مقاتلين تابعين لجماعات ارهابية التفلت الحدودي للتسلل إلى لبنان.
الخطر الداهم لم يضع حكومة تصريف الأعمال في لبنان في حال تأهب قصوى، حيث اكتفى رئيسها ووزراؤها، برفع أصوات خجولة والإدلاء بتصريحات متفرقة، لم يعبر صداها الحدود اللبنانية.
في المقابل، دقت كتل نيابية عديدة ناقوس الخطر، من دون أن تترجمه عبر خارطة طريق موحدة، لقطع الطريق على توطين يكاد يتحول من مبطن إلى فعلي،بتواطؤ من المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي.
تداعيات أمنية وجنائية.. وارهابية
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر، أبدى قلقه من مخاطر النزوح على الصعد كافة وأشار لـ"جسور" الى أن تداعياته لا تقتصر على الشق الأمني بل تتجاوزه إلى الجنائي "نصف المساجين في رومية تقريباً من السوريين" مرجحاً أن تتزايد الأعداد مع ارتفاع عدد النازحين.
أما أمنياً فلم ينفِ إمكانية تسلح المتسللين الجدد إضافة إلى المليون ونصف الموجودين "10% منهم إلى 30% باستطاعتهم حمل السلاح ولا شك أن باستطاعة أي كان استغلالهم سواء كانوا ضد النظام السوري أم معه".
أما الأخطر فيتوقع جابر حدوثه في وقت لاحق إن تمت تسوية سياسية في إدلب بين سوريا وبين تركيا برعاية روسية "جميع المسلحين الارهابيين المتمركزين في ادلب لن يجدوا أمامهم من منفذ للهروب سوى لبنان بعد أن أقفل الرئيس التركي حدود دولته أمامهم وكذلك فعل الأردن"، محذراً بالتالي من تفاقم تردي الأوضاع الأمنية جنائياً وحدوث خضات أمنية في مناظق عدية.
قنبلة الحكومة
ولعل ما كشفه جابر حول أداء الحكومة اللبنانية السيء في هذا الملف يشكل ضربة قاسية للبنانيين "الحكومة لا تتخذ قرارات بناءة مخافة حصول أي خلل في حسابات المصالح الخارجية لمعظم من يديرون البلد والمرتبطة ارتباطا وثيقاً بالخارج" مشيراً إلى أن الولايات المتحدة هددتهم مراراً بضرب ما يملكونه على أراضيها إن أصروا على طلب إرسال النازحين إلى الدول الاوروبية.
وتحدث أيضاً عن تواطؤ بعض المسؤولين في ملف التهريب "يحصل من قبل عصابات برعاية وحماية سلطات محلية" نافياً أي علاقة لحزب الله بالموضوع "حزب الله ليس موجوداً في منطقة وادي خالد ودير العشائر على سبيل المثال، وليس من صالحه أن يسمح بعبور من يعتبرهم أعداء له عبر منطقة القصير التي يسيطر عليها".
طرح حل
وطرح العميد الركن المتقاعد حلاً للمشكلة محلياً ودبلوماسياً "في لبنان حيث أن المطلوب إعلان حالة طوارئ خاصة بالوزارات تلزم كل وزارة القيام بواجباتها، أما ديبلوماسياً وأمام رفض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مساعدة لبنان يجب مباشرة المفاوضات مع النظام السوري ليتعاون بجدية مع لبنان فقد "أعلن سابقاً أنه يتعاون لكن الحقيقة مغايرة".
ودعا أيضاً إلى عدم تحميل الجيش مسؤولية الإخفاق في ضبط حدود واسعة فـ " 250 كلم تتطلب 30 ألف جندي وأجهزة وطائرات استطلاع إضافة إلى غرفة عمليات وتعاون كل القوى الأمنية".
رأي ثوري
بثورة ختم العميد الركن المتقاعد حديثه "أرى أن على لبنان تأمين بواخر تنقل النازحين إلى شواطئ أوروبا" معتبراً أن أي عواقب قانونية يمكن أن تترتب على لبنان لا تضاهي العواقب المصيرية التي يواجهها الأخير من نزف مستمر لاقتصاده وأمنه وانهيار تام لمؤسساته كافة".
وأشارت دراسة إلى توزيع النازحين السوريين في بعض الأقضية اللبنانية قبل موجة النزوح الأخيرة بات كالتالي: في بعلبك تخطى عددهم الـ 300 ألف ليوازي عدد اللبنانيين، في الشوف 185 الف، متجاوزين عدد اللبنانيين فيه والبالغ 174 الفا، في عكار 183 الفاً، تخطوا عدد اللبنانيين البالغ 165 الفا، في المنية الضنية 114 الف وتخطوا أيضاً عدد اللبنانيين البالغ 96 الفاً.