قطاع النفط يحتاج 14 تريليون دولار لتغطية الطلب المتنامي

أوبك تدعو إلى مقاربة واقعية للطلب على الطاقة

فيينا

رفعت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) توقعاتها للطلب العالمي على النفط في الأجلين المتوسط والطويل في أحدث تقييم لها رغم الجهود المبذولة في العالم للحد من التغيّر المناخي.

وقالت أوبك في تقريرها السنوي لعام 2023 الصادر الاثنين إن “هناك حاجة إلى استثمارات بقيمة 14 تريليون دولار لتلبية هذا الطلب حتى مع زيادة استخدام الوقود المتجدد وظهور المزيد من السيارات الكهربائية على الطرق”.

وتتعارض وجهة النظر في توقعات أوبك للنفط مع توقعات جهات أخرى، من بينها وكالة الطاقة الدولية، ترى أن الطلب يحتمل أن يصل إلى ذروته هذا العقد.

ومن شأن استمرار الارتفاع في الاستهلاك لعقد آخر أو أكثر أن يشكل دفعة لأوبك، التي يعتمد أعضاؤها وعددهم 13 عضوا بشكل أساسي على دخلهم من النفط.

ويقول الكارتيل النفطي الذي تقوده السعودية إن النفط يجب أن يكون جزءا من التحول في مجال الطاقة، مشيرا إلى القرارات التي اتخذتها بعض الحكومات والشركات لإبطاء الاستغناء عن الوقود الأحفوري.

وتتوقع أوبك في التقرير المؤلف من 298 صفحة أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى 116 مليون برميل يوميا بحلول 2045، ما يزيد بنسبة 16.5 في المئة عن مستواه العام الماضي، والتي بلغت 109.8 مليون برميل يوميا.

والرقم الجديد أعلى بنحو ستة ملايين برميل يوميا مما كان متوقعا في تقرير العام الماضي والبالغ 99.4 مليون برميل يوميا بحلول 2045، فيما ستقود الصين والهند ودول آسيوية أخرى وأفريقيا والشرق الأوسط هذه الزيادة.

وقبل أقل من ثمانية أسابيع من مؤتمر المناخ (كوب28) في دبي حيث تسعى الدول لوضع هدف للتخلي عن مصادر الطاقة الأحفورية، شدد الأمين العام للمنظمة هيثم الغيص على أنه “من الواضح أن العالم سيبقى بحاجة إلى المزيد من الطاقة خلال العقود المقبلة”.

ورأت أوبك التي تضم بين دولها الأعضاء الـ13 السعودية ودول الخليج وفنزويلا، أن محرّك الطلب العالمي على النفط سيكون الدول من خارج منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وفي طليعتها الهند.

في المقابل، توقعت تراجع الطلب في دول منظمة التعاون والتنمية اعتبارا من 2025.

واعتبرت المنظمة أن من أجل تلبية هذا الطلب يتحتم رصد استثمارات جديدة في إنتاج الوقود الأحفوري بمعدل 610 مليارات دولار في السنة.

وأكد الغيص أنه “من الحيوي القيام بذلك، هذا يعود بالفائدة على المنتجين والمستهلكين في آن”.

وحذر من أن “الدعوات إلى وقف الاستثمارات في مشاريع نفطية جديدة مخطئة وقد تؤدي إلى فوضى في مجالي الطاقة والاقتصاد”، في انتقاد موجه إلى الوكالة الدولية للطاقة.

وفاجأت الوكالة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، العالم عام 2021 وأثارت استياء الدول النفطية بدعوتها إلى وقف الاستثمارات الجديدة في إنتاج الوقود الأحفوري من أجل تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة مؤخرا “لسنا بحاجة إلى أي مشروع جديد للنفط والغاز على المدى البعيد”.

وتعتبر الوكالة أن الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن يمر عبر تراجع الطلب على النفط إلى 24 مليون برميل في اليوم عام 2020، بفضل الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة.

لكن أوبك تدعو، وفق سيناريو توقعاتها الرئيسي، إلى “مقاربة واقعية للطلب على الطاقة”. وتؤكد أنه “لا يوجد حلّ وحيد لتلبية الحاجات العالمية المتزايدة للطاقة”.

وأوضحت أن “مستقبلا مستداما للجميع على صعيد الطاقة والاقتصاد بحاجة إلى كل مصادر الطاقة، وكل التكنولوجيات ذات الصلة، واستثمارات وتعاون غير مسبوقين، مع تقدم أمن الطاقة والنمو الاقتصادي وخفض الانبعاثات معا”.

ويتوافق هذا الطرح مع موقف الإمارات، العضو في أوبك. ورأى رئيس مؤتمر كوب 28 سلطان الجابر الأحد الماضي أنه “لا يمكننا فصل نظام الطاقة الحالي اليوم قبل أن نبني نظام الغد الجديد”.

ودعا إلى مضاعفة قدرة إنتاج الطاقة المتجددة بثلاث مرات قبل التخلي عن الوقود الأحفوري.

وتؤكد أوبك بهذا الصدد أن “الأهداف الطموحة” التي حددتها القوى الاقتصادية المتطورة بشأن الطاقات منخفضة الكربون “تتعارض بشكل متزايد مع الواقع على الأرض”، مشيرة إلى نقص كبير في الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف.

ووضعت أوبك توقعات لسيناريوهين آخرين، يقوم أحدهما على زيادة مصادر الطاقة المتجددة ما يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط بمقدار 18 مليون برميل في اليوم عن توقعاتها المرجعية للعام 2045.

أما السيناريو الثاني، فيستند إلى نمو اقتصادي أكبر وقدر أقل من التنسيق في السياسات المناخية، ويؤدي إلى زيادة بمقدار 6.3 مليون برميل في اليوم بحلول العام 2045.

وأيدت أوبك مؤخرا إيجاد حلول تكنولوجية للحد من الانبعاثات مثل تقنيات التقاط الكربون وتخزينه، غير أن هذه التكنولوجيا ما زالت بحاجة إلى الكثير من التطوير.