بافل طالباني مرشح لاستئناف دور والده في تجاوز الخلافات السياسية بين أكراد العراق

رغم أنّ هوّة الخلافات لا تزال متّسعة بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق إلاّ أن قيادات بارزة في الإقليم ترى وجود فرصة للتقارب وحل الخلافات، بفعل استعادة حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني لاستقراره وتماسكه بقيادة السياسي البارز بافل طالباني الذي يرشحه كثيرون لاستئناف دور والده الراحل جلال طالباني في تجاوز الخلافات وتبريد الصراعات.

بوادر مصالحة

أربيل

اعتبر نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق أنّ هناك فرصة قائمة لإعادة بناء العلاقات بين الحزب الذي ينتمي إليه، الديمقراطي الكردستاني، وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني بعد حالة الاستقرار التي شهدها الاتّحاد إثر مؤتمره الأخير الذي أفضى إلى إسناد رئاسة الحزب بشكل منفرد وبعيدا عن مبدأ الشراكة في المنصب للقيادي البارز ذي الشخصية الكاريزمية القوية بافل طالباني.

وجاءت هذه النبرة التصالحية في كلمة بارزاني بملتقى الشرق الأوسط (ميري) الذي بدأ أعماله الثلاثاء في أربيل، لتكسر النسق التصاعدي لحالة الاحتقان السياسي في الإقليم بسبب التراشق الحادّ حول العمليات العسكرية التركية في أنحاء كردستان العراق، حيث لا يتردّد أعضاء في الاتّحاد الوطني ومقرّبون منه في اتّهام قيادات الديمقراطي الكردستاني بالتواطؤ مع الجانب التركي.

وكانت الخلافات قد تعمّقت بين الحزبين خلال السنوات الماضية حول العديد من القضايا، من بينها التنافس على منصب رئاسة الجمهورية العراقية وطريقة إدارة الإقليم وتقاسم المهام ضمنها، ووصلت إلى حدّ مقاطعة حزب الاتّحاد الوطني لجلسات الحكومة، وتوقّف جهود توحيد قوات البيشمركة، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن نشوء إدارتين مستقلتين داخل كردستان العراق.

وأحال نيجيرفان خلال حديثه عن حل المشاكل بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على نموذج التعاون الذي كان قائما بين الزعيمين الكرديين جلال طالباني ومسعود بارزاني قائلا “إذا عدنا إلى السنوات السابقة خلال الفترة التي كان فيها المرحوم مام جلال وكذلك كاك مسعود، نجد أنهما استطاعا أن ينجزا الكثير واستطعنا بتعاون جميع الأطراف الكردستانية أن نحقق إنجازات كبيرة للعراق ولنا”، معتبرا أن العلاقة بين الحزبين “علاقة مهمة ويجب أن نسعى جميعا إلى ألا تشوبها مشاكل كبيرة”.

وأضاف “أتفهّم أن هنالك مخاوف من أن تكون العلاقة سيئة بين الحزبين إلى درجة قد تنشأ عنها مشاكل كبيرة، لكن أقول لا. الوضع ليس سيئا إلى درجة أننا قد لا نتمكن من حل تلك المشاكل. فلنتحدث عن الواقع. الآن في كردستان خصوصا بعد المغفور له مام جلال مر الاتحاد الوطني الكردستاني بمرحلة انتقالية ونشأت بعض المشاكل، ولكن نشعر بأن هنالك استقرارا من نوع ما داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، خصوصا بعد المؤتمر الأخير للاتحاد. فنحن لدينا أمل بأن تكون العلاقات بين الحزبين في المستقبل أفضل، والمسألة لا تتعلق بأن نكون في صف واحد بل كيف نستطيع العمل معا. وفيما يخص هذا الأمر أدرك الاتحاد الوطني الكردستاني أنه يجب العمل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، والعكس صحيح”.

وكان المؤتمر الأخير لحزب الاتحاد الوطني الذي انعقد بالسليمانية أواخر شهر سبتمبر الماضي قد أفضى إلى إعادة انتخاب بافل طالباني رئيسا للحزب وإلغاء نظام الرئاسة المشتركة الذي أقرّ في وقت سابق وتسبب في مشاكل داخلية للاتحاد ساهمت في تراجعه النسبي أمام منافسه التقليدي الحزب الديمقراطي. ووجه طالباني رسالة إيجابية إلى شركاء حزبه في إقليم كردستان العراق قائلا إنّ الاتحاد الوطني يمد يد السلام إلى جميع الأحزاب الكردية وإلى أي طرف يؤمن بوحدة الصف.

وأشاع ذلك موجة من التفاؤل نظرا لما يتمتّع به رئيس الحزب من حنكة وتجربة تجلّتا في تمكنه من توسيع دائرة علاقات الاتّحاد الوطني مع القوى السياسية داخل العراق وخارجه. وتوقّع كثيرون أن تنعكس حالة الاستقرار والتماسك داخل الاتّحاد على مكانته في الإقليم وعلاقته بالحزب الديمقراطي الكردستاني. وأوضح بارزاني أن “القصد كيف نجد تلك الآلية وكيف نبدأ، لأننا معا استطعنا أن نحقق الكثير من الإنجازات. وبكل تأكيد في حال ابتعادنا عن بعضنا البعض في كردستان، الأكراد وجميع المكونات والعراق أيضا سوف يخسرون، لأن العلاقات بين القوى السياسية الكردستانية مهمة للغاية في العراق”.

ودعا بارزاني إلى تجديد التفاهمات بين الحزبين قائلا “يجب أن نتفاهم حول رؤيتنا للمستقبل على غرار ما أنجزناه واتفقنا عليه مع المغفور له مام جلال طالباني. كان هنالك استقرار نسبي جديد في إقليم كردستان استمر لفترة طويلة. بعد هذا الوضع الجديد في الإقليم، نحتاج إلى اتفاقية وتفاهم جديد مع الاتحاد الوطني الكردستاني لإدارة البلد، وأرى أنه يجب أن يكون اتفاقا واقعيا وأن ننظر إلى الوضع والمشاكل بواقعية”.

وشهدت علاقة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتّحاد الوطني الكردستاني خلال الفترة الأخيرة حالة من الاستقرار، لكنّ التراشق المتصاعد حول العمليات العسكرية التركية في الإقليم عاد ليعكّر صفو الأجواء بين الحزبين. ويتّهم الاتّحاد الوطني غريمه الحزب الديمقراطي بالتواطؤ مع تركيا وباستدراج قواتها لضرب مناطق تابعة للسليمانية بدعوى أنّها تحوّلت إلى ملاذ لمسلّحي حزب العمّال الكردستاني.

وأدان العضو في حزب الاتّحاد بيشنك شيخ برهان تغاضي الحزب الديمقراطي عن انتهاكات تركيا لأراضي كردستان العراق. وقال في تصريحات صحفية “للأسف لا توجد وحدة بين الأكراد لأنه كان يجب على رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني الإعلان عن تعاطفهما مع ضحايا الهجمات التي يتعرض لها الشعب الكردي في كردستان. لكن بسبب السياسات العائلية واحتكار الحزب الديمقراطي للسلطة، فإن الحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الكردي تضعف يوما بعد يوم".