قطع الاتصالات يعزل سكان غزة ويضاعف معاناة المدنيين

الوضع الإنساني في غزة بات أكثر صعوبة مع قطع الاتصالات ما يجعل من الصعوبة بمكان الوصول إلى المتضررين من القصف وإنقاذ الجرحى. وبالتوازي يضع هذا القصف الإسرائيليين تحت الضغط في ظل وجود العشرات من الرهائن بيد حماس حياتهم تحت رحمة قصف الجيش.

رام الله تتضامن مع غزة

القدس

انعزل سكان قطاع غزة عن العالم وعن بعضهم بعضا بسبب انقطاع تام في خدمات الهاتف المحمول والإنترنت، وأصبح الاتصال بالأقارب أو سيارات الإسعاف أو الزملاء في أيّ مكان شبه مستحيل في الوقت الذي وسعت فيه إسرائيل قصفها الجوي تزامنا مع هجوم بري.

وقالت منظمات إنسانية دولية إن قطع الخدمات الذي بدأ مساء الجمعة يزيد من تفاقم الوضع المتدهور بالفعل من خلال عرقلة العمليات المنقذة للحياة ومنع المنظمات من الاتصال بطواقمها الموجودة على الأرض.

وبعد مرور ثلاثة أسابيع على اندلاع حرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) طغت على التغطية الإعلامية العالمية، فإن انقطاع خدمات الاتصالات يعني أيضا أن التدفق المتواصل السابق للمعلومات والصور ومقاطع الفيديو من داخل القطاع لم يبق منه إلا النزر اليسير، ما يصعّب فهم مدى الهجمات الأحدث وأثرها.

وقالت بلستيا العقاد الصحافية المستقلة في غزة "مخي مش قادر يستوعب إن في إشي أسوأ من هيك ممكن يصير وهنا في اليوم الواحد والعشرين بطّل في سيرفس، يعني لو أنت قاعد بتموت ما بتقدر ترن على الإسعاف، لو أنت انقصفت، إيش ما صاير، ما بتقدر ترن أو تتواصل مع حدا".

وكانت بلستيا تتحدث في مقطع فيديو مسجل ومنشور على منصة إنستغرام، حيث يتابعها 1.4 مليون شخص، وقالت إنها نشرته حينما تسنّى لها الاتصال بالإنترنت، وهي واحدة من بين عدد ضئيل من سكان غزة ممن تمكنوا من القيام بذلك. وأضافت "أنا المفروض إن أقول للعالم إيش بيصير، طب أنا في غزة ومش عارفة إيش بيصير. لا في نت ولا في شبكة ولا قادر تتواصل ولا في وقود إنك تتحرك بالسيارة ولا في كهربا ولا في إشي".

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت السبت إن القوات الإسرائيلية ستواصل العمليات التي بدأت خلال الليل في قطاع غزة لاستهداف أنفاق حماس وبنيتها التحتية الأخرى بالإضافة إلى قادتها. وذكر في بيان مصور "لقد نفذنا هجمات فوق الأرض وتحت الأرض وهاجمنا عناصر إرهابية من جميع الدرجات في كل مكان".

ويقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات أخرى، بالإضافة إلى أن منظمات إغاثة مستقلة منها منظمة أطباء بلا حدود والمجلس النرويجي للاجئين من بين الجهات التي قالت إنها فقدت الاتصال بطواقمها في غزة.

وقالت عدة منظمات إنسانية إن إسرائيل تعمدت قطع الاتصالات في القطاع. ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على طلب للتعليق. ولم يتسن لرويترز التحقق بصورة مستقلة من سبب انقطاع الاتصالات.

وكتبت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني على منصة إكس "قطعت السلطات الإسرائيلية اتصالات الهاتف الثابت والهاتف المحمول والإنترنت، وهو أمر يضر بشدة خدماتنا الطبية الطارئة الضرورية". وبالنسبة إلى المؤسسات الإعلامية يبرز عدم القدرة على البقاء على اتصال مع الطواقم في غزة مخاوف إزاء سلامة طواقمها ويصعّب إرسال تقارير وافية حول ما يجري.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه لا يتعمد استهداف الصحافيين، لكنه لا يمكنه ضمان سلامتهم في غزة. وكتب أحد مراسلي رويترز في رسالة إلى زملائه "كان القصف كثيفا في كل مكان في القطاع". والرسالة هي واحدة من الرسائل القليلة التي تمكن طاقم رويترز داخل غزة من إرسالها السبت.

وقال محمد الزعنون المصور المستقل المقيم في غزة "يمكن يكون هذا آخر فيديو أنا هانزل لكوا إياه"، متحدثا من داخل القطاع في مقطع فيديو منشور على منصة إنستغرام صباح السبت. وفي الجانب الإسرائيلي، كثّفت السبت عائلات 229 رهينة تحتجزهم حركة حماس ضغوطها على حكومة بنيامين نتنياهو لعرض خطط لإنقاذهم، مع توسيع القوات الإسرائيلية نطاق هجومها العنيف على قطاع غزة.

وسعى "منتدى عائلات الرهائن والمفقودين”، التجمّع الرئيسي الذي يمثل مخطوفين تحتجزهم حماس إلى لقاء وزراء على الفور. ومع إعراب العائلات عن غضبها إزاء "عدم اليقين المطلق في ما يتعلّق بمصير الرهائن المحتجزين والمعرضين لعمليات قصف مكثّفة"، تجمّع المئات من الأشخاص في تل أبيب السبت محذّرين من أنهم قد يعمدون إلى تنظيم احتجاجات في الشوارع ما لم يحصلوا على إجابات.

وقال المتحدث باسم المتظاهرين حاييم روبنستاين البالغ 35 عاما إن "العائلات لا تنام، إنها تريد أجوبة وهي تستحق أجوبة". وتقول عائلات الرهائن إن التواصل بينها وبين مسؤولين يراوح بين ضئيل ومنعدم، وإنها متروكة لألم شديد من جراء حال عدم اليقين في ما يتعلّق بمصير أحبائها.

وقالت إنبال زاخ البالغة 38 عاما والتي خطف قريبها تال شوهام من كيبوتس بئيري مع ستة من أفراد عائلته “لا نعلم شيئا بشأن ما حلّ بهم. لا نعلم إذا كانوا أصيبوا أو إذا عاينهم طبيب أو إذا كان لديهم طعام”. وتابعت “نحن قلقون جدا عليهم".

وتثير أزمة الرهائن المستمرة قلقا كبيرا لدى كثر، إذ بين المحتجزين أطفال ومسنّون ومصابون بجروح بالغة وفقا لمشاهد بثّت خلال توثيق خطفهم. وجاءت تظاهرة تل أبيب في أعقاب ليلة اعتبرت من الأعنف في الحرب، وقد دكّ الجيش غزة طوال الليل لاسيما بذخائر لضرب الأنفاق والمخابئ تحت الأرض.

وقال روبنستاين إن "العائلات في حاجة إلى أن تعلم ما هي الخطة بسبب ما جرى البارحة. إنه أمر (القصف) يعرّض الرهائن إلى الخطر". وإلى الآن تم الإفراج عن أربعة رهائن فقط. وقالت يوشيفيد ليفشيتز (85 عاماً) التي كانت من بين المُفرج عنهم للصحافيين إنها اقتيدت في “شبكة عنكبوتية” من الأنفاق تحت غزة حيث احتُجِزت مع آخرين.

وجاء في بيان لتجمّع العائلات “لم يكلّف أحد من حكومة الحرب نفسه لقاء العائلات لشرح أمر واحد: ما إذا كانت العملية البرية تعرّض للخطر حياة الرهائن الـ229″. وتابع البيان "العائلات قلقة إزاء مصير أحبائها وهي تنتظر تفسيرا. كل دقيقة أشبه بدهر". وأعلنت حماس الخميس أن "نحو خمسين" رهينة قتلوا في ضربات إسرائيلية في غزة منذ السابع أكتوبر.