الإمارات تفتح آفاقا جديدة للاستثمار في صناعة الفضاء

وسعت الإمارات من تطلعاتها في قطاع الفضاء لترسيخ مكانتها كلاعب مهم بين البلدان المتقدمة، لاسيما بعد أن وضعت أرضية قانونية متكاملة وبيئة أعمال محفزة لجعل هذه الصناعة أحد أهم محركات النمو الاقتصادي للبلد مستقبلا.

ترقبوا مفاجآتنا!

أبوظبي

أطلقت الإمارات مبادرة واعدة جديدة تستهدف مجالات أخرى في قطاع صناعة الفضاء والذي تراهن عليه الحكومة لترسيخ أقدامها في هذا المضمار من بوابة المشاريع ذات القيمة المضافة.

وتشمل المبادرة التي أعلن عنها كل من ولي عهد أبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد وولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد الأحد الماضي برنامجا لتطوير الأقمار الاصطناعية الرادارية تحت مسمّى “سرب”.

وكانت الحكومة قد كشفت عن المشروع للمرة الأولى صيف العام الماضي بالتوازي مع خطط لتأسيس صندوق لدعم قطاع الفضاء برأسمال يبلغ ثلاثة مليارات درهم (قرابة 820 مليون دولار).

وتأمل الإمارات، التي وضعتها ناطحات السحاب في مدنها ومشاريعها الضخمة على الخارطة العالمية كمركز مهم للأعمال، في أن تطور قطاعا جديدا يلعب دورا رئيسيا في اقتصادها بالمستقبل.

وتأتي الخطوة في إطار التوجهات الإستراتيجية لدعم تكنولوجيا الفضاء والتي تشكل إطارا مرجعيا لترجمة جهود البلد لترسيخ مكانتها في هذا القطاع وصناعاته المتقدمة، وتأهيل كوادر إماراتية وتطوير شركات محلية تسهم في نموه.

وقال الشيخ خالد بن محمد إن “دولة الإمارات تعمل على تعزيز الخبرات المحلية في مجال الفضاء، بما يدعم تحقيق رؤيتها الطموحة لتكون مركزا عالميا لتصنيع الأقمار الاصطناعية وتشغيلها”.

وأضاف أثناء إطلاق المشروع في كلمة أوردتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “نركز على إيجاد فرص للشركات الوطنية والقطاع الخاص لتكون جزءا من هذه الرحلة الجوهرية، وبما يدعم تطوير البنية التحتية لقطاع الفضاء”.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتطوير “سرب” من الأقمار الاصطناعية الرادارية، التي تستخدم تكنولوجيا تصوير حديثة ليلا ونهارا، وفي كافة الظروف الجوية وبدقة متر واحد، وهو ما يزيد من قدرات الاستشعار عن بعد في الدولة.

ومن المقرر أن يطلق أول قمر اصطناعي في عام 2026، وسيكون مكملا لاستثمار الدولة في تقنيات الاستشعار عن بعد، التي تخدم القطاعات المختلفة بصور فضائية متنوعة.

ويتمثل أحد العناصر الأساسية في برنامج “سرب” في تسويق بيانات الأقمار الاصطناعية على الصعيدين المحلي والدولي.

ويهدف المشروع إلى تحقيق مجموعة كبيرة من المستهدفات التي من شأنها تعزيز جهود الإمارات لإيجاد حلول للتحديات المرتبطة بالتغيّر المناخي واستدامة البيئة والمساهمة في التطوير العمراني ودعم مواجهة الكوارث وتحديات الأمن الغذائي وغيرها.

وسيكون ذلك بالاعتماد على الكوادر المحلية المؤهّلة والشركات الإماراتية، علاوة على تشجيع الشراكات مع المؤسَّسات العالمية، كامتداد لمشروع مناطق الفضاء الاقتصادية الرامي إلى ترسيخ مكانة الإمارات مركزا عالميا للمواهب والاستثمار والابتكار.

وقال الشيخ حمدان بن محمد إن “سرب نقطة تحوُّل إستراتيجي في قطاع الفضاء الإماراتي، من قطاع حكومي أكاديمي إلى قطاع حكومي وخاص وأكاديمي متكامل يدعم تطوير التكنولوجيا الدقيقة، ويرسِّخ استكمال تطوير قطاع الفضاء الصناعي”.

وأضاف “نضع على رأس أولوياتنا تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة وروّاد الأعمال، باعتبارها محركا رئيسيا للنهضة التنموية والاقتصادية”.

ومن المتوقع أن تكون التكنولوجيا المستخدمة في أقمار “سرب” الأحدث على مستوى المنطقة، وستوفر تصويرا راداريا على مدار الساعة لرصد المتغيرات المناخية والعمل لإيجاد حلول مبتكرة لقضايا البيئة.

وإضافة إلى المناخ، تتضمّن أهداف “سرب” أيضا كشف التسريبات النفطية وتتبع السفن ورصد المحاصيل الزراعية ومراقبة الحدود وإدارة عمليات البحث والإنقاذ ومراقبة الازدحام المروري.

وقالت سارة الأميري وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة إن “انطلاق المرحلة التنفيذية لمشروع ‘سرب’، يمثِّل خطوة واثقة تجسد عزم الإمارات على قيادة النهضة الشاملة لقطاع الفضاء بجميع مجالاته وقطاعاته”.

وأوضحت الأميري، التي ترأس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، أن رسم ملامح فصل جديد من التميز في سوق الأقمار الاصطناعية الرادارية عالية الدقة، يعبر عن “طموحنا وإرادتنا لبناء مستقبل مستدام يزخر بالابتكار والتفرد”.

والعام الماضي، ذكرت وكالة الإمارات للفضاء التي تأسست في 2014 أنها تخطط لإرسال مركبة غير مأهولة إلى القمر خلال عامين.

وتتفرّع أدوار التحالف، حيث تتولّى مجموعة إيدج للتكنولوجيا المتقدِّمة دور الشريك الإستراتيجي لإدارة البرنامج، مع التركيز على تطوير حمولة القمر الراداري (سار)، بينما تقوم كلّ من شركتي إلياه سات وبيانات بمهمة إدارة القمر الاصطناعي وتشغيله.

وسيعهد إلى المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء عمليات التركيب والتجميع والفحوصات للبرنامج.

وسيواصل التحالف توسيع تعاونه مع الجهات الفاعلة الأخرى في الصناعة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب الشركات الناشئة، لتعزيز الخبرات والقدرات ونمو القطاع الفضائي الخاص.

وستعمل إيدج على عقد شراكات محلية وعالمية لنقل التكنولوجيا وتطوير الخبرات في مجال أنظمة الأقمار الاصطناعية وتحديدا حمولات سار، ما يعزز قدرات الإمارات في المجالات الحيوية للفضاء.

ومن المتوقّع أن يعزز برنامج الفضاء مكانة الإمارات التي سبقت جيرانها في هذا المجال كدولة رائدة إقليميا وعالميا في قطاع الفضاء، إلى جانب دفع مسيرة النمو الاقتصادي والابتكار التكنولوجي.

وباتت الإمارات تتطلع إلى الفضاء لترسّخ لها باكرا موقعا في مستقبل السياحة فيه، حيث تعكف وكالة الفضاء منذ أشهر على سن قوانين تنظم النشاطات الفضائية لتشجيع سياحة الفضاء.

ويرجح خبراء أن ينعكس الاستثمار في صناعات وتكنولوجيا الفضاء على الاقتصاد الإماراتي، وهو الثاني عربيا من حيث الحجم بعد السعودية، في مجال بناء كوادر محلية متخصصة تشمل رواد فضاء وكفاءات متخصصة بفروع الهندسة والعلوم الطبيعية.