مجلس النواب أكد رفضه الشديد لتهجير الفلسطينيين

رئيس الوزراء المصري: سنتخذ كافة الإجراءات لضمان حدودنا

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي

القاهرة

عقد مجلس النواب المصري، الثلاثاء، جلسة وصفها بـ“الاستثنائية” لمناقشة التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمنع تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء مع اتجاه إسرائيل حاليا لتوسيع حربها لتشمل جنوب القطاع بعد تهجير مئات الآلاف من مواطني الشمال إلى الجنوب.

وأرسلت القاهرة إشارات على نيتها للتعامل الحاسم مع أي مخطط عملي للنزوح باتجاه سيناء، وعبّر حضور رئيس الحكومة مصطفى مدبولي الجلسة وتحدثه باستفاضة عن توسع دائرة تحركات بلاده الفترة المقبلة مع اقتراب الخطر من حدودها.

ولم تكن الجلسة مدرجة على جدول أعمال البرلمان قبل أن يُعلن بصورة مفاجئة عن انعقادها، وتضمنت مناقشة 16 طلبا تتعلق بكيفية تعامل الحكومة مع روايات متداولة بشأن التهجير القسري، ما أثار قلقا داخليا استوجب تحرك البرلمان لإرسال رسائل قوية، مفادها بأن مصر سوف تسلك جميع الطرق التي تمنع تنفيذ المخطط.

وقال مدبولي “مصر لن تتوانى عن استخدام كافة الإجراءات التي تضمن حماية وصون حدودها، وحال حدوث أي سيناريو يستهدف نزوح الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية سيكون هناك رد حاسم”.

وأعاد رئيس الوزراء المصري تذكير إسرائيل بمعاهدة السلام، قائلا “مصر موقفها حاسم من احترام معاهدة السلام والالتزام بنصوصها، لكن نتطلع من الجانب الإسرائيلي إلى الالتزام أيضا، خاصة في ما يتعلق بالتهجير لقطاع غزة”.

واستهدفت جلسة البرلمان المصري توجيه رسالة مباشرة بأن الموقف الرسمي من التهجير لم يتغير وإن تعرضت القاهرة لضغوط أو مغريات خارجية تتعلق بدعم الاقتصاد، وهذا الموقف يستحيل تغييره، ما يطمئن فئة تعاملت مع تقارير حول تقديم منح اقتصادية من الاتحاد الأوروبي لمصر على أنها جزء من صفقة تتعلق بالتوطين.

وعبّرت اللهجة الصارمة التي تحدث بها نواب يمثلون ظهيرا سياسيا للحكومة في البرلمان أو من خلال رئيس الوزراء، أن الموقف المصري الذي جرى الإعلان عنه مع بدء الحرب والرافض لتصفية القضية الفلسطينية على حساب سيناء لم يتغير.

وتدرك جهات رسمية أن أي مواقف لا تتماشى مع الإجماع الشعبي الرافض لتهجير الفلسطينيين سوف تكون لها عواقب وخيمة، وأن الظرف السياسي الذي تمر به البلاد قبل أيام قليلة على بدء انتخابات الرئاسة لا يتحمل تضحية بتماسك الجبهة الداخلية، وهو ما كشفه استدعاء البرلمان لرئيس الوزراء وسرعة عقد جلسة لمناقشة تطورات الأوضاع على الجبهة الشرقية لمصر.

وقال مصطفى بكري عضو مجلس النواب، وهو أحد مقدمي طلبات الإحاطة للحكومة المصرية، إن سرعة عقد جلسة البرلمان جاءت بعد ملاحظة أن مخطط التهجير يتم تنفيذه دون إعلان من جانب إسرائيل مع نيتها توسيع عملياتها تجاه جنوب القطاع، وما يحدث من تدمير واسع هناك جزء من مخطط يقود إلى تصفية القضية الفلسطينية، وأن الضغوط التي تتعرض لها القاهرة حاليا دفعت لتحديد آليات المواجهة.

وأضاف بكري في تصريح لـ“العرب” أن كلمات النواب ركزت على معرفة خطة الحكومة لمواجهة المخطط الإسرائيلي، والتأكيد على ضرورة تحديد موقفها من اتفاق السلام إذا أصرت تل أبيب على مخططها فذلك يعني إعلان حرب على مصر، والتعرف على طريقة مواجهة جريمة التهجير وهي إحدى جرائم الحرب، والضغط باتجاه تقديم ملف مصري لما قامت به إسرائيل في شمال غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ولفت بكري إلى وجود مطالبة باتخاذ إجراءات عسكرية حاسمة لمنع وصول الفلسطينيين إلى الحدود المصرية، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وأنه لمس قلقا حكوميا من مسألة التهجير، وهو نفس القلق الذي يؤرق الشارع المصري، لما يمكن أن يسببه من تداعيات خطيرة على المنطقة بأكملها.

ولم يقدم رئيس الحكومة المصرية إجابات وافية عن جميع تساؤلات نواب البرلمان وجاء حديثه في إطار يؤكد على اتخاذ كافة التدابير التي توقف تنفيذ المخطط الإسرائيلي، وهو أمر متوقع لتبعية الملف إلى جهات أمنية رفيعة، ما يشي بأن الهدف من الجلسة التوجه بخطاب تطمين من السلطتين التنفيذية والتشريعية للمصريين.

لكن مدبولي أوضح أن أي سيناريو يستهدف نزوح الفلسطينيين، سيكون له رد حاسم من مصر وفقا للقانون الدولي، مشيرا إلى أن كافة المسؤولين في مصر وجهوا رسائل تحذير من التصيعد في غزة لكل المسؤولين على المستوى الدولي.

وأكد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي أن قضية التهجير تشغل الرأي العام وأن المواطنين يرحبون باستقبال الجرحى وحملة الجنسية المصرية وعددهم كبير، لكن حال كان هناك تهجير منظم بمئات الآلاف سيكون الحديث عن ردة فعل مصرية قوية لوقف تنفيذ المخطط.

وذكر الشوبكي في تصريح لـ“العرب” أن تصريحات رئيس الحكومة مصطفى مدبولي إعادة تأكيد على الموقف المصري السابق، وهو أمر تعززه حالة من الاجماع الشعبي حول الموقف الداعم للقضية الفلسطينية ورفض العدوان على غزة ورفض التهجير إلى سيناء، وهو ما تتبناه الحكومة التي لن يكون باستطاعتها اتخاذ موقف مغاير لما يتوافق عليه جميع المصريين.

وشدد الشوبكي على أن حالة القلق ما زالت قائمة بين المواطنين، وبعد الحديث عن إغراءات اقتصادية تم الربط بينها وبين مسلسل تهجير الفلسطينيين، متوقعا أن تقوم مصر بجهود أكبر نحو استقبال الآلاف من الجرحى الفلسطينيين والحاصلين على الجنسية المصرية والعديد من مزدوجي الجنسيات، وكانت البداية مع نقل الأطفال الخدج، وفي الوقت ذاته تستخدم مصر كافة أوراق الضغط على إسرائيل، وتستثمر التفاهمات مع الولايات المتحدة لتفويت الفرصة على خلق أمر واقع قد تصعب مقاومته.

تفسر جلسة البرلمان المصري على أنها خطوة ضمن خطوات أكبر تسير عليها القيادة المصرية لتصعيد مسألة التهجير وطرحها على الرأي العام المحلي والدولي، وأن علاقة القاهرة بواشنطن مكنتها من الحصول على تصريحات واضحة مباشرة برفض التهجير القسري، كما أن ذهاب وفد المجموعة الوزارية العربية – الإسلامية إلى الصين ثم روسيا من الأدوات السياسية المستخدمة لوأد مخطط التوطين.