التصدعات تضرب من جديد حزب الإخوان في موريتانيا

خطابات غير مسموعة

نواكشوط

لا تزال التصدعات والتشققات تضرب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا، مما يؤكد تراجع مستوى حضوره السياسي والاجتماعي.

وفي هذا السياق أعلن عضوان من اللجنة المركزية للحزب استقالتهما من جميع هياكله، وهما أمين المالية في اللجنة التنفيذية والنائب البرلماني السابق محمد المختار ولد الطالب النافع وأمين الشؤون القانونية الدكتور سيدي اب عالي.

وكان ولد الطالب النافع انتخب نائبا في البرلمان عن مقاطعة الطينطان في ولاية الحوض الغربي خلال المأمورية السابقة 2018 – 2023 وشغل عدة مناصب في الحزب، من بينها عضوية المكتب السياسي واللجنة التنفيذية وأمين الشؤون الاقتصادية والمالية.

وبحسب مصادر مطلعة فإن ولد الطالب يستعد للانضمام إلى حزب الإنصاف الحاكم، لاسيما أنه رجل أعمال وسياسي بارز وذو تأثير اجتماعي في مقاطعة الطينطان ومنطقة الحوض الغربي عموما.

ويرى مراقبون أن هاتين الاستقالتين تمثلان ضربة موجعة للحزب، لكنهما تأتيان في سياق تصدعات متواصلة منذ سنوات، بالتزامن مع انهيار مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، وفشل إخوان موريتانيا في جر بلادهم إلى مستنقع الفوضى الذي انتشر تحت مسمى الربيع العربي منذ العام 2011.

ويشير المراقبون إلى أن حزب “تواصل” فقد أبرز قياداته من الصفين الأول والثاني، كما فقد جانبا مهما من أنصاره في المجتمع الموريتاني وهو ما جعل حضوره يتراجع في البرلمان، ويكتفي في تشريعيات مايو الماضي بـ11 مقعدا من بين 176 هو العدد الجملي للمقاعد.

كما فسّرت أوساط موريتانية اتساع دائرة الاستقالات من الحزب بالخلافات الحادة التي تعصف به، لاسيما في ظل خياراته السياسية بعد أن اختار التقرب من نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والبحث عن مصالح خاصة لبعض قياداته في ركاب السلطة، وبالتالي التخلي عن النشاط الاحتجاجي في علاقة بارتفاع مستويات الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وفشل وعود التنمية التي كان ولد الغزواني أطلقها في حملته الانتخابية للعام 2019.

وفي أغسطس الماضي أعلن الرئيس السابق للحزب محمد جميل ولد منصور استقالته من الحزب، بعد أشهر من إعلانه ترك مسافة بينه وبين العمل السياسي في حزب تولى رئاسته مدة 12 عاما، ما أثار جدلا حول أسباب الاستقالة.

وقال ولد منصور في رسالة استقالته إنه اتخذ قرار الرحيل عن الحزب “بعد توقف في مساره النضالي في الحزب بسبب ملاحظات، كانت أولاها نتائج مؤتمر ديسمبر 2022 التي كانت صادمة”.

وينظر محللون إلى أن وضعية الحزب الإخواني الموريتاني لا تكاد تختلف عن وضع الأحزاب التي تتقاسم معه نفس المرجعية السياسية والعقائدية، ومن بينها حزب العدالة والتنمية في المغرب و”النهضة” في تونس و”العدالة والبناء” في ليبيا. وبالتالي فهي جزء من واقع عام بات يلقي بظلاله على تيارات الإسلام السياسي في المنطقة العربية.

ومن المنتظر أن تزداد نسبة الاستقالات من أحزاب المعارضة خلال الفترة القادمة على أن يحول المستقيلون وجهتهم نحو الحزب الحاكم الذي بدأ يسيطر على المشهد السياسي بشكل غير مسبوق في موريتانيا، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن ترشيح الرئيس ولد الشيخ الغزواني لعهدة رئاسية ثانية.

وفي مايو الماضي عزز حزب “الإنصاف” الحاكم غالبيته في الجمعية الوطنية (البرلمان) بحصده 107 مقاعد من أصل 176 مقعدا، كما حازت أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم 42 مقعدا، فيما حصلت المعارضة على 27 مقعدا فقط. وهو ما رأى فيه المراقبون تمهيدا منطقيا للانتخابات الرئاسية.

ويواجه إخوان موريتانيا حالة انقسام بين التيار الراديكالي الرافض لمهادنة السلطة والتيار الذي بات معروفا بقربه من دوائر الحكم، ويتجه في أغلبه للانضمام إلى الحزب الحاكم أو إلى تشكيل حزب جديد موال للنظام القائم.

وكانت تنسيقية أحزاب الأغلبية الرئاسية في موريتانيا أعلنت أوائل الشهر الجاري تمسكها بنهج الرئيس ولد الغزواني، وتثمين ما تم إنجازه والسعي إلى التمكين لاستمرار برنامجه من خلال ترشيحه لمأمورية ثانية، والعمل من أجل التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية القادمة.

وتشكلت التنسيقية في أبريل 2021 بتوافق بين 13 حزبا مواليا للرئيس ولد الغزواني، يتزعمها حزب “الإنصاف” الحاكم الذي كان آنذاك معروفا باسم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

وكان ولد الغزواني أكد أنه “سيخضع لإرادة أغلبيته والشعب” بخصوص الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها عام 2024 في موريتانيا.

وضمن مقابلة حصرية أجرتها معه صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أجاب ولد الغزواني عن سؤال حول ما إذا كان سيكون “بالفعل مرشحا” للانتخابات القادمة؟ بقوله “الأمر متروك لك تفسيره”.